حلب – الوكالات: خرج الآلاف من السكان امس الاثنين من آخر جيب يقع تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، تزامنا مع تصويت مجلس الامن بالاجماع على نشر مراقبين دوليين للاشراف على عمليات الاجلاء والاطمئنان لمصير العالقين في المدينة. وتأتي عمليات اجلاء المحاصرين من حلب بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، بعد سيطرة قوات النظام السوري على معظم الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. وانتظر مئات الاشخاص وبينهم عدد كبير من الاطفال منذ ساعات الصباح في العراء وسط برد قارس، لكي يحين دورهم للمغادرة على متن عشرات الحافلات التي توجهت إلى شرق حلب لنقل السكان والمقاتلين. وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر انجي صدقي ان «نحو سبعة آلاف شخص نقلوا الاثنين من شرق حلب إلى الريف الغربي على متن مائة حافلة». وكان تم إجلاء نحو 8500 شخص الخميس من حلب، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الذي يقدر ان نحو سبعة آلاف شخص على الاقل لا يزالون محاصرين داخل حلب. وبحسب صدقي، تستعد 40 حافلة اخرى في شرق حلب لنقل المزيد من السكان المحاصرين بشكل محكم منذ يوليو وسط ظروف انسانية مأساوية للغاية. وأكّدت صدقي استمرار العمليات طيلة يوم الاثنين «ومهما تطلبت من وقت، لاجلاء الالاف الذين لا يزالون ينتظرون اخراجهم». ووصف أحمد الدبيس رئيس وحدة الأطباء والمتطوعين الذين ينسقون عملية الاجلاء، الحالة المريعة لنحو ثلاثة آلاف شخص خرجوا من الاحياء الشرقية للمدينة ووصلوا إلى ريف حلب الغربي بعدما امضوا ليلتهم على متن الحافلات. وقال ان منقذين وعاملين انسانيين عملوا على توزيع الحصص الغذائية وعبوات المياه عليهم. وقال «كانوا في وضع سيئ جدا بسبب انتظارهم اكثر من 16 ساعة مضيفا «لا طعام ولا شراب. الأطفال عانوا من البرد القارس ولم يتمكنوا حتى من الذهاب إلى المراحيض». ووصفت كايزي هاريتي من منظمة ميرسي كور غير الحكومية التي تستقبل المدنيين الذين تم اجلاؤهم في مركزين تابعين لها الحالة المريعة التي كانوا يعيشونها. وقالت «الاشخاص الذين نستقبلهم عاشوا جحيما، ومن المستحيل وصف أو فهم مستوى الصدمة التي اختبروها». وأعلنت منظمة الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) الاثنين اجلاء 47 طفلا كانوا عالقين داخل دار للايتام في شرق حلب، مشيرة إلى ان بعضا منهم في حالات حرجة بسبب الجفاف واصابتهم بجروح. وافادت في بيان ان «العديد من الاطفال الضعفاء بينهم ايتام اخرون واطفال منفصلون عن عائلاتهم ما زالوا في شرق حلب ويحتاجون إلى حماية فورية». وتم الاثنين اجلاء الطفلة بانة العابد (سبع سنوات) التي اصبحت نجمة على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما وثقت بتغريداتها يوميات الحرب في ظل الحصار. وقالت مؤسسة اغاثة انسانية تركية عاملة في سوريا، انه من المرجح نقل الطفلة إلى مخيم للنازحين في محافظة ادلب. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الاثنين انه سيتم استقبال الطفلة مع عائلتها في تركيا، حسب ما نقلت عنه الاناضول. وتشكل الدفعة التي خرجت الاثنين، الدفعة الاولى بعد تعليق عمليات الاجلاء الجمعة بسبب خلاف حول عدد الاشخاص الذين سيتم اجلاؤهم من بلدتي الفوعة وكفريا المواليتين لقوات النظام والمحاصرتين في محافظة ادلب (شمال غرب). وتأخرت عملية الاجلاء الاحد رغم تحرك الحافلات الاحد لاجلاء المدنيين المحاصرين من حلب بشكل متزامن مع بلدتي الفوعة وكفريا، اثر اعتداء مسلحين على حوالي عشرين حافلة كانت تستعد لدخول البلدتين، ما ادى إلى مقتل سائق. وادى هذا الاعتداء إلى ارجاء استئناف عمليات الاجلاء قبل متابعتها صباح الاثنين مع تحرك عشر حافلات من الفوعة وكفريا. وتمكن 500 شخص الاثنين من مغادرة البلدتين بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان والصليب الاحمر. ويتضمن اتفاق الاجلاء ايضاً وفق ما ابلغ قيادي معارض فرانس برس الاحد، اجلاء 1500 شخص من مدينتي الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق من دون ان تتم اي خطوات عملية بهذا الشأن. في نيويورك، صوت مجلس الامن الدولي بالاجماع امس الاثنين على مشروع قرار فرنسي ينص على نشر سريع لمراقبين تابعين للامم المتحدة في حلب للاشراف على عمليات الاجلاء والاطمئنان لمصير المدنيين الذين لا يزالون عالقين فيها. ونال مشروع القرار دعم روسيا ايضا، ما يشكل أول موقف موحد بين القوى الكبرى بشأن الملف السوري منذ اشهر. ويطلب القرار من الامم المتحدة القيام بـ «مراقبة مناسبة وحيادية ومباشرة لعمليات الاجلاء من شرق حلب واحياء اخرى في المدينة». وقال السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر ان التواجد الدولي سيحول دون تحول حلب إلى سريبرينيتسا اخرى، حيث قتل آلاف الرجال والفتيان البوسنيين في 1995 عندما سقطت البلدة بيد قوات صرب البوسنة. كما يعقد وزراء خارجية إيران وروسيا وتركيا الثلاثاء اجتماعا في موسكو لبحث الوضع في سوريا، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية السبت. وأعلنت روسيا الاثنين ان وزراء دفاع البلدان الثلاثة قد يجتمعون ايضا الثلاثاء في موسكو.
مشاركة :