تعتزم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية إصدار قرار بمنع الدعاة من الظهور في القنوات التلفزيونية إلا بموافقة منها، وذلك بعد أيام من انتشار موجة من الجدل أثارها داعية سعودية حول فتوى عبر برنامج تلفزيوني. وأطلق مغردون هاشتاغا يحمل اسم منع ظهور الدعاة بالإعلام، عبروا خلاله عن رفضهم الفتاوى الغريبة والمثيرة للجدل المتزايدة في الآونة الأخيرة. واستهجن المغردون ظاهرة انتشار فوضى الفتاوى وغرابتها ومخالفتها حتى للمنطق والعقل في احيان كثيرة. وافادت دراسة سابقة ان عدد قنوات التلفزيون الدينية سواء مسلمة او مسيحية، زاد بنسبة 50 بالمئة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في سنوات قليلة ما عكس تصاعد الطائفية في المنطقة. وبحسب الدراسة التي اعدتها جامعة "نورث ويسترن" فإن عدد القنوات الدينية ارتفع في المنطقة من 50 في العام 2011 الى 75 في 2014. وقال خالد حروب المتخصص في الشرق الاوسط ووسائل الاعلام ان القنوات الدينية تتخذ مقار لها خصوصا في السعودية ولبنان والعراق ومصر "وهي تخضع لمراقبة اجهزة حكومية او شبه حكومية". واضاف، "لقد سقطت جميعها في حلقة مفرغة بات فيها تشويه الآخر هو المقياس". واعرب مدير مركز الدوحة الدولي للحوار بين الاديان ابراهيم النعيمي عن قلقه خصوصا للرسالة التي تروجها بعض هذه القنوات. وقال، "بعض القنوات الدينية تستخدم بشكل سيئ وهي تدعو احيانا الى الانقسام بدلا من الحوار والتعايش السلمي". وينشغل مستخدمو تويتر في كل مرة بموضوع قديم ومتجدد تعلق بفوضى الفتاوى وتدخل الدعاة ورجال الدين بكل شيء، والآثار السلبية التي تخلفها فتاواهم الخاطئة على المجتمعات العربية. وأسس أحد المستخدمين مؤخرا هاشتاغا جديدا بعنوان "كان حرام وصار حلال" يتناول التناقض في مسألة التحريم والتحليل لدى رجال "فما كان محرما بالأمس أصبح بقدرة قادر محللا اليوم". واتفقت وزارتا الثقافة والإعلام والشؤون الإسلامية في السعودية على التنسيق بخصوص استضافة الشخصيات الدينية في الحوارات الصحفية أو الحلقات التلفزيونية التي تعنى بالأمور الفقهية. وكان الداعية السعودي عبد الله السويلم أثار جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الإجتماعي بعد ظهوره في البرنامج التلفزيوني "بداية" يفتي بأن زنا المحارم أهون من ترك الصلاة، مؤكداً في تصريح له بأنه لن يتراجع عن هذه الفتوى. وأفتى الشيخ المثير للجدل بان الزنا المحارم أهون من ترك الصلاة. ووفقا لمقطع انتشر له على الانترنت قال ان ترك صلاة الفجر متعمدا أعظم عند الله من الزنا من المحارم. وأضح "لو مات شخص في صبيحة اليوم في الثامنة وقد تعمد ترك صلاة الفجر فقد اختلف العلماء في هل يغسل او يكفن وجواز الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين. واشار الى ائمة السلف قالو بأنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين وانهم ما كانوا ليقولوا ذلك دون دليل، مؤكدا ان ذلك هو دين الحق، وأضاف لو ان احدهم اقام علاقة مع اخته وتوفي وكان يصلي فيغسل ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين. واضاف "ترك الصلاة اعظم من الزنا وشرب الخمر وقتل النفس دون حق، ولو ان شخص قتل حتى 5 أشخاص فجريمته اهون من ترك الصلاة". واستاء مغردون على تويتر من كلام الداعية وشنوا هجوما لاذعا عليه من هذه المقارنة التي تهون من الذنوب الكبائر، فيما قال سليمان الطريفي الداعية السابق في وزارة الشؤؤن الاسلامية ان المقارنة لا تستند على دليل ويفعلها من قل فقهه وتترتب عليها سلوكيات غير محمودة. وتمسك الداعية رغم صيحات الفزع من كلامه برأيه حول فتواه. وقال السويلم: لن أتراجع عما ذكرته من أن "زنا المحارم" أهون من ترك الصلاة. واعتبر ان من يشرب المسكر ويزني بمحارمه فهو يرتكب فعلاً محرما مذموما، ويصح غسله والصلاة عليه. وقال: "إن المجتمع لم يقبل ما قيل باعتبار زنا الأقارب أمراً غير مقبول، ولكن التقييم عند الله مختلف (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم) فالصلاة أشد حرمة". ورحَّب اغلب رواد مواقع التواصل بالخطوة المرتقبة من قبل الرياض واشادوا بالاجراء التنظيمي لتوحيد الخطاب الدعوي الإعلامي. وقال المغرد خالد عبدالعزيز "تفريخ التطرف في المخيمات الدعوية والفضائيات!" وغرد سعيد الصالح "جعلوا من الإسلام سيفاً يُقتل به الناس!" واكدت ريما احمد الشريف على اهمية القرار ووصفته بالتاريخي. وقال مغرد "لا تعر عقلك لغيرك،.. قرار وصل متأخرا جدا ولكن صائب وسيعمل تحولا كبيرا في اعادة تنظيف الفكر لدى الشعب من سموم التطرف والتشدد الديني". وقالت رنا "خطوة موفقة كل ماطلع واحد فيهم استعرض عاهاته الفكرية ضد المرأة مثل المالكي والسويلم وماننسى ابوالغدة المنسية". وقال احدهم بنبرة واثقة "خطوة موقفه البعض لا يستحق ان يظهر في التلفزيون او مواقع التواصل الأجتماعي". واكد المغرد سعيد المهدي "من زمان نحتاج الى هذا التنظيم بعض الدعاه جزاهم الله خير يصرحون ويتفوهون بامور تثير الجدل ونحن في زمن الفتن". واضاف "مو كل من كان له لحيه يسمى داعيه". وقال محمد بنبرة ضاحكة "حلال فيهم". وكتبت شهد الى "مزبلة التاريخ يا دعاة الفتن والارهاب" ودونت ليلى "اخيرا بعض التنظيم والرقابة على القنوات الدينية". في حين راى البعض الاخر ان هذا القرار يقيد حرية الدعاة في وسائل الإعلام واعتبرت ان هناك منصات للتواصل الاجتماعي يمكنهم التعبير فيها. وقال سالم المزغال إذا صدق الخبر فهذا يعني إعطاء اصحاب الفكر المتحرر الفرصة للظهور أكثر؟ . وتسائل يزيد الشمري "لماذا لا يتم منع الليبرالي والملحد والمفسد في الارض من الظهرو في القنوات؟ هولاء اشد خطرا منهم، ؟! شيء محير". وغرد محمد اليحيا "صوت الدعاة يصل الى قلوب الناس قبل اذانهم، منعهم من الإعلام لن يوقف مسيرتهم الخيرة النيرة في وجه الشر والظلام". وقال عبدالله "امنعوا الفنانين والممثلين والمشاهير اللي والله هم سبب انحطاط الشعب". وقال سعود السرهيد "لابدّ من توازن، إذا منع الدعاة، ينبغي أيضاً منع كل من يؤذي ويضر بسمعة الدين والقيم الأصيله للمجتمع". وغرد يوسف المفروض "اي شخص يتخذ صفة الاعلامي ويطلع بشكل متكرر يكون معه تصريح اما منع الدعاة دون غيرهم غلط!". واكد احدهم "انا ضد المنع ولكن مع سن قوانين تجرم العنصريه والطائفية والتفرقة". ويعد زنا المحارم من أكثر القضايا التي تثير جدلا في المجتمع السعودي، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذه الظاهرة آخذة في التزايد في ظل عدد من الظروف الاجتماعية منها الكبت وخوف الضحية. وتقول الجوهرة العنقري العضو المؤسس في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان "لن تصدقوا ما يحدث وما نراه كل يوم من انتهاكات لحقوق المرأة والطفل، والحالات كثيرة لكنها لم تصل إلى حد الظاهرة". واستاء البعض الاخر عن الفتوى المثيرة للفتن وللانحلال الاخلاقي من طرف الشيخ السعودي واعتبروا ان التقليل من خطورة وفضاعة زنا المحارم يحرض الشباب والمراهقين على ارتكابها في حين انها معصية لا تغتفر. وتشير بعض وسائل الإعلام إلى أن عددا كبيرا من المواقع الإلكترونية العربية المتخصصة بالجنس تخصص قسما للأطفال وزنا المحارم، وهي بذلك تروج للجنس الإلكتروني والشذوذ الجنسي بحسب البعض. وتؤكد دراسة بعنوان "المجتمع الخليجي والغزو الفضائي الخارجي: صراع أم لقاء" أعدتها باحثة بحرينية ونشرتها صحيفة الوطن السعودية أن الشباب السعودي هم أكثر شباب الخليج ارتيادا لموقع "يوتيوب"، مشيرة إلى أن أغلب المواضيع التي يبحثون عنها تتعلق بالجنس. وتخلص الدراسة إلى أن 95 بالمئة من أولئك الشباب يتنقلون بكل حرفية ومهارة في مواقع الجنس والفضائح والصور العارية، أما الـ 4% الباقية فهي للاستمتاع برؤية اللقطات الرائعة لبعض اللاعبين في عالم الرياضة. وتقول الناشطة الاجتماعية والمشرفة على منتدى تواصل النسائي بمحافظة القطيف السعودية مريم العيد إن 23 بالمائة من الأطفال في المملكة يتعرضون للتحرش الجنسي. وكشفت دراسة أعدها الدكتور علي الزهراني أخصائي الأمراض النفسية بوزارة الصحة السعودية أن ما يقرب من ربع أطفال المملكة تعرضوا للتحرش الجنسي. وتشير الدراسة إلى أن التحرش قد يقع من قبل الأقارب أو بعض العاملين كالسائقين والخدم أو من العامل في البقالة وغيرها. وتحرص الرياض على نشر خطاب ديني معتدل ومحاربة الغلو والتطرف الفكري. واكدت مصادر سعودية خاصة أن دراسات تجري حاليا لإنشاء قناة تلفزيونية وإذاعية رسمية مملوكة للدولة تقوم باستضافة كبار العلماء والمشايخ المعتمدين فقط ليقدموا الفتوى للناس. وقالت مصادر سعودية إن القناة ستعمل على إيجاد صلة وثيقة بين المشاهد من داخل المملكة أو من خارجها، وبين حامل العلم الشرعي المخول له باصدار الفتوى لقطع الطريق امام سيل فوضى الفتاوى التي راجت مؤخرا. ورجحت المصادر أن تنضم القناة الجديدة إلى منظومة الإعلام السعودي المتخصص، والذي أطلق قبل أشهر قناتي القرآن الكريم (التي تبث من مكة المكرمة) والسنة النبوية (والتي تبث من المدينة المنورة).
مشاركة :