لم يتوقف السؤال الدائر عن علاقة العنف وكُره الآخر بمواقع التواصل الاجتماعي.. فكل ما تحتاجه من انطباعات سيئة عن بلد ما ستجده، وكل ما تبحث عنه من محرضين سيكون حاضرًا وبأعنف الالفاظ وأسوأ الكلمات. مواقع التواصل الاجتماعي ميدان كبير، أبحر فيه الكل وبات بإمكان كل بحار سواء كان متمكنا أو واهنا أن يقابل من يشاء وحتى يحادث من يريد، ولا بأس بين ذلك وذاك أن يفرغ ما في جوفه تجاه أي بلد أو طائفة وحتى فريق كروي سواء يحبه أو لا يحبه.. الأمر الذي جعل العدوانية والعداء ظاهرين لا تستطيع الاعراف والاخلاق ان تزيحهما جانبا أو تغطيهما خجلا وطلبا لاستمرار علاقة ما.. ليكون التجاذب والتشاتم المباشر صفة لم نعرفها من قبل.. وتمني موت الآخر وفنائه وبلده أو حتى فريقه الكروي او طائفته وقبيلته من القراءات المعتادة بين كثيرين. السعادة والحبور والاستمتاع بتلك التقنية العظيمة لم تعد موجودة، بل إنها اصبحت موقعا للامراض النفسية وجالبة للهم والحروب والقضايا الفكرية بين الدول وفي مواقع المحاكم.. وعليه فقد لعبت تلك المواقع دورا كبيرا في تغيير نفسية المجتمعات حينما اصبح كثيرون عبيدا لها ومأسورين بما يتلقونه منها وردة فعلهم تجاهها.. يتخاطبون معها في كل مكان وكل حين وحتى حين يقود المرء سيارته.. أو في سريره مع زوجه! تأثيراها النفسي والاجتماعي بلغا حدًا جعل النفسيات في الحضيض وإهمال الآخر سواء الابن أو الزوجة وحتى الصديق والقريب والزميل أصبح شأنا ممتدا في ظل هذه التقنية.. ولعل في حديث مختص أمريكي شاهدته على احدى القنوات ما يؤكد خطورة هذا الشأن حينما أكد أن الامر قد طال عملية التواصل بين الزوج وزوجته وأثر عليها كثيرا وبما يبشر بتراجع الإخصاب في العالم. العدوانية تنتشر حتى بين الاطفال بسببها.. فمن يستطع مشاهدة اللقطات الدموية ويستمع للنداءات الطائفية فبإمكانه ان يتبناها أو يعيش في خوفها ما دام أنها تصله بأقل السهولة ولن ننكر هنا أنها زادت من معدلات العنف، والاختلافات حتى أنك تجد فتى صغيرا يتساءل عن جنسية معينة متواجدة في بلده، ويطالب بأن تعمل حكومة بلاده على ترحيلها؟.. هو استقى تلك العدوانية مما يقرأه بدون رقيب ومن لقطات «الفيديو» التي اصبح وصولها اليه ايسر من فتحه لحقيبته؟!. الكارثة الأكبر أن تعلم العادات الرذيلة اصبح متاحا وغيّر كثيرا في السلوكيات وفي كيفية التعامل بين الجنسين ونظرة كل منهما للآخر!. الأهم في القول كيف نخرج من هذا المأزق الذي اصبح يهدد تماسكنا وسلوكياتنا، وحتى تعاملنا مع الآخرين؟!.. أتمنى ألا يقول احد بمنع وسائل التواصل وحجبها كما فعلت بعض الدول خوفا على أمنها الداخلي.. لأن ذلك مستحيل..وفي اعتقادي ان الإيمان بأننا إزاء قضية خطيرة سيجلب الحلول ولو تلك التي تمنع بعض الضرر.. وفي أهمها أن يكون للتعليم المدرسي دور في التعامل مع هذه الظاهرة بحيث يكون هناك منهج وتوجيه مدرسي للابناء وبما يقودهم الى التعامل السليم معها، أما غير ذلك فهو نفخ في الهواء!
مشاركة :