أطلقت موسكو وأنقرة وطهران «خريطة طريق» لتسوية الوضع في سورية تقوم على «اتخاذ خطوات لوقف إطلاق النار في كل الأراضي السورية ولا يشمل تنظيمي «داعش» و «جبهة النصرة» ودفع التسوية السياسية». وأكدت الدول الثلاث أنها ستضمن تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها. وعلى رغم التشديد على أهمية وفعالية «الإطار الثلاثي» برز تباين بين أنقرة وطهران حيال نشاط «حزب الله» في سورية. وشهدت موسكو أمس، نشاطاً مكثفاً لوزراء الخارجية والدفاع في الدول الثلاث، استهل بعقد لقاءات ثنائية، مهدت لجلسة ثلاثية لوزراء الخارجية بالتوازي مع اجتماع مماثل لوزراء الدفاع. وأعلن في اختتام الجلستين عن التوصل إلى وثيقة حملت عنوان «إعلان موسكو». وأكد «سيادة ووحدة أراضي سورية كدولة ديموقراطية علمانية». وشدد على أنه «لا حل عسكرياً للأزمة في سورية»، مؤكداً عزم البلدان الثلاثة «إحياء عملية سياسية لتسوية النزاع». وفي مؤتمر صحافي مشترك لوزراء الخارجية قال الوزير الروسي سيرغي لافروف إن الدول الثلاث أكدت التزامها بإتمام عمليات الإجلاء من مدينة حلب، وبلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب، ومضايا بريف دمشق، متوقعاً أن يتم إنجاز هذه العمليات في غضون يومين. وأضاف أن الجهود التي بذلتها روسيا وتركيا وإيران في حلب «سمحت بإجلاء غالبية المدنيين وإخراج مسلحي المعارضة من المدينة». وأشار إلى ضرورة توسيع نظام وقف إطلاق النار في سورية، مشدداً على أنه لن يشمل تنظيمي «داعش» و «النصرة». وقال إن الأطراف الثلاثة «مستعدة لوضع اتفاق بين السلطات السورية والمعارضة وأن تكون ضامنة لتنفيذه»، معتبراً أن «العمل الذي تقوم به روسيا وإيران وتركيا في مجال تسوية الأزمة السورية هو الأكثر فعالية على سبيل تحقيق هذا الهدف». وأشار إلى أن «إعلان موسكو» يتضمن تدابير» تعمل الدول الثلاث على تطبيقها»، ووصف الإطار الثلاثي بأنه «الأكثر فعالية ويؤكد بأفعاله وليس بالأقوال قدرته على تحقيق خطوات عملية». معتبراً أن «الإطارات الأخرى أثبتت فشلها وبينها مجموعة دعم التسوية في سورية، فهي اجتمعت عدة مرات واتخذت قرارات ولم تكن قادرة على تنفيذها»، مشيراً إلى أن «إعلان موسكو» يركز على إطلاق تحرك يستند إلى قرارات مجلس الأمن، خصوصاً 2254 الذي يؤكد «وقف الأعمال القتالية وإطلاق عملية سياسية من دون شروط مسبقة وبمشاركة كل القوى السياسية والإثنية والعرقية في سورية». وأشار إلى فشل الأمم المتحدة في تطبيق قراراتها السابقة، لكن شدد على أهمية دور المنظمة الدولية. كما لفت إلى «عجز واشنطن عن الالتزام بتعهداتها». وتابع أن «التحرك الواسع الذي جرى في حلب منذ أيلول (سبتمبر) الماضي جاء نتيجة لتراجع واشنطن عن تعهداتها وفرضته ضرورة تخفيف معاناة المدنيين». وزاد أن موسكو وأنقرة وطهران «درست خلال الأسابيع الماضية قدراتها على القيام بتدابير منسقة من شأنها أن تسمح بتسوية الوضع في حلب واليوم تشارف هذه العملية على الانتهاء في غضون يومين»، معتبراً أن «نجاح الإطار الثلاثي يؤكد جاهزية أعضائه لتنفيذ أفعال بدلاً من الأقوال للوصول إلى تسوية كاملة في سورية»، واستدرك أن المجموعة «منفتحة للاتفاق مع كل الأطراف وندعوها للانضمام إلى جهودنا». من جانبه، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، على أهمية التنسيق وأشاد بجهود موسكو وطهران لإنجاح الاتفاقات التي تم التوصل إليها، لكنه أشار إلى نقطة بدت خلافية عندما تحدث عن «ضرورة وقف الدعم لحزب الله» في إطار إجابته على سؤال عن ضرورة وقف أطراف خارجية «دعم المجموعات الإرهابية». وهو أمر رد عليه نظيره الإيراني محمد جواد ظريف بالتأكيد على اتفاق الأطراف الثلاثة على تفعيل الجهود ضد الإرهاب والوصول إلى تسوية سياسية، لكنه أضاف أن «نتحدث عن جماعات إرهابية مصنفة في مجلس الأمن». ولفت إلى إشارة نظيره التركي إلى «حزب الله»، مؤكداً أن طهران «تحترم آراء أصدقائها لكن تختلف معهم». ودفع هذا السجال لافروف إلى التأكيد على أن «الحرب على الإرهاب لا تحتمل المعايير المزدوجة وأن القرار 2254 شدد على ضرورة وقف الدعم الخارجي للمجموعات الإرهابية وعدم التعويل عليها أو عقد صفقات معها»، لكنه استدرك أن «الموضوع معقد للغاية لأن المنطقة غدت تزخر بجماعات دينية وقومية وتوجد أزمة بين السنة والشيعة». ولفت إلى أن سورية «تجمعت فيها مصالح وتباينات بلدان كثيرة» وكل منها «له وجهة نظره في دعم أنصاره أو مواليه لذلك تعقد الموقف أكثر». وأشار إلى أن «بعض المجموعات الناشطة في سورية دعتها حكومة بشار الأسد وبعضها جاء بنفسه والمهم أن كل الأطراف حالياً سواء تلك التي جاءت بدعوة أو التي أتت من دون تنسيق مع دمشق متفقة على أولوية مكافحة الإرهاب». وأشار إلى أن «كثيراً من اللاعبين الخارجيين حاولوا استخدام «الربيع العربي» لتنفيذ أجندات بينها المساعي لإطاحة النظام، وحالياً تغيرت وجهة النظر لدى كثيرين وبعض زملائي أبلغني أن الأولوية حالياً لمكافحة الإرهاب وهذا الموقف تتطابق فيه وجهات نظر روسيا وتركيا وإيران». وأكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن موسكو وأنقرة وطهران «مستعدة للعب دور الضامن لدفع التسوية السورية». وقال إن الولايات المتحدة لا تتمتع بنفوذ فعلي على الوضع. وشدد على «نجاح موسكو بفضل الجهود الروسية - التركية - الإيرانية المشتركة في عملية الفصل بين المعارضة المعتدلة والمتشددين في حلب». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة أندريه كارلوف هدف إلى إفشال الجهود التي تبذلها موسكو وأنقرة لتسوية الأزمة السورية بالوسائل السلمية»، لكنه شدد على أن الحادث «لن يؤثر في هذه العملية بأي شكل من الأشكال».
مشاركة :