الشيخ بن بيه: لا خلاص للأمة من دون تجديد الخطاب الإسلامي

  • 12/21/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برعاية وحضور وزير الخارجية والتعاون الدولي الاماراتي، سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وحضور رئيس «منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الشيخ عبدالله بن بيه، أعلن عن فوز «المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام» «The National Interfaith Peace Platform» في جمهورية افريقيا الوسطى، بجائزة الإمام «الحسن بن علي للسلم الدولية»، في دورتها الثانية لعام 2016، والتي تمنح لأكثر المؤثرين والفاعلين في صناعة السلم وثقافة التسامح حول العالم. وقام سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ومعالي الشيخ عبدالله بن بيه، بتكريم الفائزين، حيث جرى تسليم درع الجائزة إلى مؤسسي «المنصة»، وهم كل من الكاردينال ديودوني نزاباللاينغا، رئيس الأساقفة الكاثوليك في عاصمة افريقيا الوسطى - بانغي، والإمام عمر كوبيني لاياما، رئيس المجلس الإسلامي، والقس نيكولا غيركوياميني غبانغو، رئيس التحالف الإنجيلي، وذلك في حفل رسمي أقيم مساء أمس الأول الاثنين (19 ديسمبر/ كانون الأول2016)، بختام فعاليات الملتقى السنوي الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي عقد على مدى يومين في فندق «جميرا - أبراج الاتحاد» بأبوظبي. وشارك في حفل توزيع الجائزة مجلس أمناء المنتدى، وكوكبة كبيرة من العلماء والمفكرين والباحثين العرب والمسلمين وممثلين عن الأمم المتحدة، والكنائس المسيحية على مستوى العالم، وسط حضور رسمي وشعبي كبير. وعُرفت «المنصة المتعددة الأديان من أجل السلام» بدورها في إعادة لحمة المجتمع وترسيخ قيم السلم بوسائلها الذاتية؛ من خلال التواصل المباشر مع المواطنين بعد الحرب الأهلية التي شهدتها جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2012، وذلك عبر شبكة من المساجد والكنائس المنتشرة في أرجاء البلاد. كما ركزت المبادرة على ضرورة توصيل معاناة شعب إفريقيا الوسطى إلى المحافل الدولية. ولعبت المنصة دوراً بارزاً في التأثير على مجلس الأمن الدولي وحمله على إرسال قوة حفظ السلام، حيث التقوا بالأمين العام السابق بان كي مون في مارس 2014. وكان معالي الشيخ عبدالله بن بيه، قد رعى الحوار وتحقيق المصالحة بين زعماء الفئتين المتحاربتين؛ بالتعاون مع «مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان» في العاصمة النمساوية فيينا، وبمشاركة ممثلي المنصة، كل من الكاردينال ديودوني نزاباللاينغا، والإمام عمر كوبيني لاياما، والقس نيكولا غيركوياميني غبانغو. وقال معالي الشيخ عبدالله بن بيه في كلمة ألقاها بمستهل الحفل: «إن الكثير من بلاد المسلمين يحترق الآن، ونحن كما الإطفائيين، فالإطفائي لا يسأل عمن أشعل الحريق، هذه قضية أخرى سيبحث عنها القضاء والشرطة فيما بعد؛ لأن الإطفائي يبادر بكل ما أوتي من قوة، وبكل الوسائل المتاحة؛ ليطفئ الحريق المشتعل. هذا هو حالنا، فنحن في المنتدى لا نسأل شخصاً عن موقفه ومحنته وملته أو دعوته، وإنما نطلب شيئاً واحداً، هو أن يتوقف عن القتال؛ لأننا نعتقد أن التوقف عن الحروب، وتحقيق السلام هو مقدمة العدل وهو مقدمة الحياة، وهو الضرورة الحقّة للدين والدنيا، فمن يريد أن يحقق الدين عن طريق الحرب فقد ضل السبيل، ومن يريد أن يحقق مغانم دنيوية عن طريق الحرب فإنه من طريق الخاسرين». وجدد معالي الشيخ ابن بيه تأكيده على ضرورة تجديد الخطاب الإسلامي، وبخاصة على مستوى تصحيح وتطوير وتعديل المفاهيم؛ بحيث تستطيع الاستجابة لشروط الزمان والمكان، وحاجات الإنسان المتغيّرة في زمين يتغيّر بإيقاعات سريعة، غير مسبوقة في التاريخ الإنساني؛ ذلك لأن غاية الدين الحنيف هي تكريم الإنسان، والوصول به إلى المراتب المُثلى، حتى يتمكن من القيام بدوره الإيجابي في صناعة السلم والخير والجمال. ولاحظ ابن بيه أن الملتقى الثالث لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، عرض أيضاً تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال: «هذه التجربة الرائدة والرائعة، سواءً في مجال الدولة الوطنية، أو الوحدة الاختيارية العاقلة، وسواءً فيما يتعلق بتجربتها بالتسامح، حيث استمعنا إلى عروض قيمة أبهرت وأبرزت وجه هذا البلد في التسامح الفطري الطبيعي، وفي التسامح من خلال الإجراءات القانونية، ومن خلال التدبير الديني، وهو نموذج صالح تنتفع به جميع الدول». كما تحدث في الاحتفال المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بوقف حروب الإبادة الدينية والعرقية آدم جنك، فقال: «نحن نعيش في عالم لا ينتهي فيه العمل من أجل السلام، ولن ينتهي إذا أردنا أن يكون كوكب الأرض مكاناً آمنا لنا ولأولادنا في المستقبل، وقد ألهمنا دعم سمو الشيخ عبدالله بن زايد، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومتابعته المستمرة جهود تعزيز السلم عن قرب؛ على تقديم رؤى متجددة، ومساعدتنا في تطوير إسهاماتنا في تعزيز التعايش والسلم العالمي. وأود أن أهنئ العلامة الشيخ بن بيه على عمله الجبار في إصدار «إعلان مراكش» لحماية حقوق الأقليات في الديار الإسلامية. ومن المهم أن نرى هذا الجمع الكبير من الأكاديميين والعلماء والفلاسفة والمفكرين والسياسيين، وهم يتحدون لمناصرة حقوق الإنسان انطلاقاً من «إعلان مراكش»، ومن تربة هذا البلد الكريم المعطاء». وأضاف جنك «يتعيّن على دول العالم أن تسعى إلى خفض المخاطر عن شعوبها فيما يتعلق بالمعاناة، والازدراء، ومشكلات الاختلافات الدينية والاثنية، ومحاربة العنف، وتوجيه الشعوب نحو الحوار والتواصل مع الثقافات من خلال المؤتمرات واللقاءات والانفتاح على ثقافة الآخر، كما لابد أن نتعاون لخلق مجتمعات مترابطة، تضمن أدياناً ومعتقدات مختلفة، ولكي يدوم بشكل إيجابي علينا أن نعزز حماية حقوق الإنسان بكل جوانبها، وضمان حقوق غير المسلمين في المجتمعات التي يسود فيها الإسلام». وأكد جنك أن الأمم المتحدة ستواصل دعمها لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة برئاسة معالي الشيخ العلامة عبدالله بن بيه، تحت توجيه ودعم سمو الشيخ عبدالله بن زايد، حيث أن المنتدى أصبح مشروع عمل جماعي مشترك لكل المعنيين في هذا العالم، بما يسهم في بناء مجتمعات مترابطة، تعتبر العنف جريمة يجب محاربتها؛ لنكون أقوى في عالم ينعم بالسلام والحرية والتسامح، ويتلاءم مع إعلان مراكش الذي أصدره منتدى تعزيز السلم في ختام مؤتمره لحقوق الأقليات غير المسلمة في الديار الإسلامية في يناير الماضي، والدستور الدولي لحقوق الإنسان. كذلك تحدث في الاحتفال رئيس وزراء إفريقيا الوسطى السابق محمد كامون، فقال: «نود أن نسهم مع جهود المنتدى بتجربتنا الناجحة في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث يتوجب علينا أن نواجه التهجير والعنف الذي يتعرض له الناس في بعض الدول العربية والمسلمة حول العالم، وذلك انطلاقاً من المصالحة بين جميع المكونات الدينية والاثنية، وإشاعة قيم التسامح والتعايش السلمي بينها، وتضييق الطريق على الأفكار المتطرفة والمنحرفة لضمان العيش الآمن، والتوجه نحو بناء المستقبل، وأحب أن أؤكد أن إقامة هذا المحفل الكبير في الإمارات ليس أمراً اعتباطياً، وإنما لأن الإمارات قدوة في هذا المجال في المنطقة والعالم في التعايش والوئام، ولأن قادتها يحملون رؤى مشرّفة، وأدواراً مشرقة حققت بكل نجاح هذا الطموح الكبير» .وأوصى البيان بمتابعة الاهتمام بالمفاهيم التي يترتب عن سوء فهمها إخلال بالسلم الاجتماعي أو الأهلي أو العالمي، وضرورة التركيز على المزيد من التنسيق مع الهيئات والمنظمات وممثلي الديانات المختلفة في مجال نشر قيم السلم والعيش المشترك والأخوة الإنسانية. وشدد على تعزيز قيم الدولة الوطنية في المقررات الدراسية في المجتمعات المسلمة وفي أقسام الدراسات الشرعية، وتشجيع البحث الجامعي في مجال التأصيل للدولة الوطنية مقاصد وتاريخاً، وتخصيص جوائز وطنية، وعلى صعيد المجتمعات المسلمة للبحوث المتميزة في دراسة المفاهيم الشرعية المرتبطة بالدولة في نشوئها وتطورها وعلاقتها بالواقع المعاصر، هذا فضلاً عن نشر أعمال هذا الملتقى بمختلف وسائل النشر الورقي والإلكتروني والتفاعلي؛ لتعم بها الفائدة، ويتاح التواصل حولها مع الهيئات العلمية لمنتدى تعزيز السلم ومع المساهمين فيه بالعروض والبحوث.

مشاركة :