تحاول مدينة ورزازات المغربية التي يطلق عليها المغاربة لقب «هوليوود العرب»، لكثرة الأفلام والمسلسلات الدولية والعربية التي صورت فيها، استرجاع أمجادها كقبلة سينمائية دولية جذابة كما كانت في الماضي. وكانت ورزازات من ضمن الأماكن التي عرفت أولى التجارب السينمائية عام 1897، حين صور فيها المخرج الفرنسي لوي لوميير، الذي يعد أحد مؤسسي الفن السابع، فيلمه «لو شيفريي ماروكان» (راعي الماعز المغربي). وعرفت هذه المدينة المشهورة باستوديواتها الطبيعية المفتوحة عند أقدام جبال الأطلس المتوسط، توالي إنتاج العشرات من روائع الفن السابع العالمية القرن الماضي مثل فيلم «الرجل الذي يعرف أكثر من اللازم» عام 1955 لرائد السينما التشويقية البريطاني ألفريد هيتشكوك. ومن هذه الأفلام أيضاً فيلم «سدوم وعمورة» للإيطالي سيرجيو ليوني (1961)، ثم فيلم «مئة ألف دولار تحت الشمس» للفرنسي هنري فيرنوي، من بطولة جان بول بلموندو ولينو فينتورا (1963). واختيرت مدينة ورزازات لتصوير روائع أخرى مثل «لورنس العرب» (1962) لمخرجه البريطاني ديفيد لين وبطولة أنطوني كوين وعمر الشريف، ثم «شاي في الصحراء» (1990) للإيطالي برناندو برتولوتشي، و»كلاديايتور» (1998-1999) للمخرج الأميركي ريدلي سكوت و»بابل» (2006). أما أهم الإنتاجات العربية التي احتضنتها مدينة ورزازات فكانت مسلسل «عمر ابن الخطاب» (2011) لمخرجه حاتم علي الذي بث على مختلف الشاشات خلال شهر رمضان. لكن «هوليوود العرب» كما يسميها المغاربة، مرت بفترات عصيبة خلال السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية والاضطرابات الإقليمية، ما جعل هذه المدينة تفقد جزءاً من جاذبيتها السينمائية. ومع نهاية فصل الشتاء المتأخر في هذه المنطقة حيث ما زالت قمم جبال الأطلس المتوسط مكسوة بالثلوج، تنتظر مجموعة صغيرة من الممثلين وممثلي الأدوار الثانوية دورها داخل «استوديو أطلس»، احد أهم استدويوات المدينة، لتجربة أداء للمشاركة في احد الأفلام. ويقول العربي أغرو الذي مثل عام 2000 في فيلم «أستريكس وأوبليكس: مهمة كليوباترا»: «بدأت العمل في السينما في عام 1967، لكن خلال السنوات الأخيرة تراجع عدد المنتجين بشكل ملحوظ». ويشرح العربي ان «معظم الناس الذين يعملون في السينما هنا لديهم وظائف أخرى، فهم إما نجارون أو مزارعون أو حدادون، لكن من دون السينما والسياحة فإن ورزازات مدينة ميتة». ويلاحظ العربي ان عام 2013 شهد بعض المؤشرات الإيجابية في مجال الإنتاج السينمائي كما ان 2014 «بدأت بشكل جيد»، كما يقول. وتجذب ورزازات أساساً الأفلام التاريخية والإنتاجات السينمائية التي تتطلب ميزانيات كبيرة وعدداً كبيراً من الممثلين، وأهم الإنتاجات هذه السنة يشارك فيها كل من النجمين نيكول كيدمان وتوم هانكس. ويأمل عزيز الذي يعمل ممثلاً ثانوياً (كومبارس) بأن «تستمر الأمور في التحسن»، موضحاً أن «هناك حالياً أربعة أفلام يتم إنتاجها في مدينة ورزازات»، ما سيوفر مناصب عمل لمئات من السكان والتقنيين. وشهدت المدينة في السنوات الماضية إنحساراً في الانتاجات السينمائية الضخمة التي كان من آخرها فيلم «آنديرجين» لمخرجه رشيد بوشارب وفيلم «الوصايا العشر» لمخرجه روبرت دونهيلم. ويوضح سعيد سوسو أحد سكان المنطقة المتميزة بواحاتها وطبيعتها الجذابة، كيف تحوّل استوديو «تيفوتوت» الذي بناه المنتجون الإيطاليون في 1994، الى مكان خرب. ويشرح محمد حبيبي من جانبه ان «الإيطاليين قبل رحيلهم عام 1997 سلموا الاستوديو لقبيلتنا، لكن بسبب الأزمة خلال السنوات الأخيرة انهارت العديد من أجزائه وصار يجذب الغربان أكثر من المنتجين». ويتأسف سعيد سوسو المتكئ على أحد الجدران البالية للأستوديو متأملاً قبة مدمرة استعملت في تصوير سلسلة سينمائية تحمل اسم «ذي بايبل بروجيكت» (مشروع الإنجيل) لمخرجه ديفيد بيتي في 2009، لما آلت اليه أحواله. ويوضح سعيد أن «استوديو تيفوتوت يعكس الخصائص المعمارية للقدس القديمة، لكن ذلك يختفي اليوم». ويقول: «حتى عندما تأتي شركة إنتاج معينة فإنها تكتفي بإصلاحات الأجزاء التي تحتاجها للتصوير، وتعطي القبيلة 500 أو600 يورو ومن ثم تختفي بعد ذلك». ويؤكد عبدالرحمن الإدريسي رئيس بلدية ورزازات ونائب رئيس «لجنة ورزازات للفيلم» التي تضم ممثلين للمركز السينمائي المغربي ووزارة السياحية، أنه من أجل «صيانة هذا الاستوديو الجميل» يجب إعادة شرائه القطاع الخاص. ويؤكد رئيس «لجنة ورزازات للفيلم» ان «تنوع المواقع الطبيعية (...) يمكننا من تسويق المنطقة بسهولة لدى كبار المنتجين السينمائيين». وفي شباط (فبراير) الماضي، دعا رئيس اللجنة في معرض شرحه لآثار الأزمة و «المنافسة الشرسة» من قبل الدول العربية ودول أوروبا الشرقية على مستوى كلفة الإنتاج، الى تبني مفهوم «وان ستوب شوت» في تسويق ورزازات كوجهة سينمائية جذابة. ويقوم هذا المفهوم على جمع مختلف وسائل الإنتاج السينمائي التي يحتاجها المخرجون في مكان واحد لتسهيل عملية إخراج الأفلام والتقليص من الكلفة التي ارتفعت في السنوات الأخيرة. إضافة الى ذلك أوضح رئيس اللجنة أن هناك مشروعين آخرين، أحدهما يهدف الى رفع مستوى الإمكانات التكنولوجية المخصصة للإنتاج السينمائي، والمشروع الثاني خاص بتطور «متحف السينما» الخاص بالمدينة لجذب مزيد من السياح الى المنطقة. هوليوود العرب
مشاركة :