زيارة قطرية لإثيوبيا تعبد الطريق نحو شراكة سياسية واقتصادية وأمنية

  • 12/22/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

كل الوطن- متابعات: فى تقرير للخليج اون لاين كان القرن الأفريقي المكون من: الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، وما زال، يحتفظ بأهميته الاستراتيجية؛ بإشرافه على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وزاد من أهميته افتتاح قناة السويس، فحظيت المنطقة بوجود حماية إقليمية ودولية عسكرية تعكس مدى خصوصيته. واستقبلت أديس أبابا، الثلاثاء، وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، في زيارة له عدتها إثيوبيا، على لسان سفيرها سليمان كردفاو، مدير دائرة الشرق الأوسط وآسيا وأستراليا في وزارة الخارجية، تاريخية، حيث توقع أن تسفر عن شراكة حقيقية في جميع المجالات، بتوقيع 11 اتفاقية في مجالات اقتصادية عدة. وفي 16 يناير/كانون الثاني الماضي، امتدح المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية، جيتاجو ردا، علاقات بلاده بقطر، مؤكداً أن العلاقات بينهما شهدت تطوراً كبيراً في مختلف المجالات، ووصفها بأنها علاقات استراتيجية، مضيفاً أن الفترة المقبلة ستشهد تبادل زيارات بين قيادة البلدين، وتابع أن الحكومة الإثيوبية قدمت دعوة لأمير قطر تميم بن حمد لزيارة أديس أبابا، وأن رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين سيزور قطر، دون أن يحدد موعد هذه الزيارات المتبادلة بين قيادَتي البلدين. ومؤخراً، نجحت إثيوبيا في جذب دول الخليج من خلال زيارات المسؤولين الخليجيين من السعودية والإمارات، ومن وقت قريب قطر، التي أنهت قطيعة دامت أكثر من أربع سنوات عقب إقدام حكومة أديس أبابا على قطع العلاقات مع الدوحة؛ بدعوى أن الأخيرة تنتهج سياسة معادية لها، وهو ما عدَّته الدوحة في حينها مزاعم وادعاءات ليس لها أساس من الصحة. التنافس الخليجي في أفريقيا عموماً، والقرن الأفريقي على وجه الخصوص، دل على رغبتها في بسط النفوذ وتعميق الأواصر مع أفريقيا، في ظل التنافس الدولي على القارة السمراء اقتصادياً وعسكرياً، حيث تشهد المنطقة إقبالاً كبيراً للمستثمرين في مختلف المجالات، فضلاً عن وجود قواعد عسكرية أمريكية وفرنسية بكثافة، وانطلاق قواعد عسكرية تركية وسعودية أيضاً، لما تمثله المنطقة من أهمية استراتيجية لموقعها الجغرافي على ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي. النفوذ الخليجي في منطقة القرن الأفريقي يعزز موقف التحالف العربي، كذلك، في اليمن ضد الانقلابيين من الحوثيين ومليشيات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حيث تشكل منطقة القرن الأفريقي مع اليمن المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يقف عند مدخله مضيق باب المندب. ولأهمية المنطقة استراتيجياً، فقد سعى الكيان الصهيوني، منذ سنوات، إلى الحضور هناك؛ باعتباره يشكّل عامل ضغط ونفوذ يهدد الأمن القومي العربي، ومن ثم فإن النفوذ الخليجي يعيد التوازن الاستراتيجي والأمني لمصلحة المنطقة العربية. وتعد السعودية ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا، بـ 294 مشروعاً، بقيمة 3 مليارات دولار، فضلاً عن الاتفاق على تشكيل ثلاث لجان تشمل التعاون الخارجي والأمني والعمل، ولجنة اقتصادية فنية، ولجنة تعاون تعليمي وثقافي ورياضي. وتتميز إثيوبيا بقوتها العسكرية التي لا تضاهيها قوة أي من جيرانها، ما يمكنها من أداء دور شرطي المنطقة عدة مرات، ومن المتوقع أن تستمر في القيام بهذا الدور، ما يعزز من أهميتها الاستراتيجية في المنطقة، بالإضافة إلى صعودها كبلد تستوعب استثمارات ضخمة زراعياً، وبنية تحتية، وفي مجال السياحة، وغيرها من المجالات الأخرى، وهو ما كان سبباً قوياً لتتجه قطر إليها بالاستثمار في المجالات التي تمتلك خبرة وثقلاً دولياً فيه. وفي 2013، نشر مركز الجزيرة للدراسات دراسة حول آفاق العلاقات القطرية الإثيوبية، قال فيه إن بإمكان قطر أن تشتري جزءاً من الأراضي الصالحة للري والتي تغطي نحو 65% من مساحة إثيوبيا، وهو مما سيوفر لتلك الأخيرة فرصة لاستثمار أراضيها، ويوفر لقطر مصدراً جديداً للتمويل الغذائي، هذا بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار في مجال الثروة الحيوانية؛ حيث تمتلك إثيوبيا الثروة الحيوانية الكبرى على مستوى القارة السمراء. جاءت الدراسة عقب زيارة قام بها أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لإثيوبيا في 11 أبريل/نيسان 2013، لتنهي القطيعة التي بدأت في أبريل/نيسان 2008، وتتجه نحو تطبيع حقيقي وقوي للعلاقات، وتوقيع عدة اتفاقيات بين البلدين. تعد إثيوبيا ثاني دولة إفريقية من حيث عدد السكان، حيث يناهز عدد سكانها 90 مليون نسمة. وهي تاسع دولة في القارة السمراء من حيث المساحة، إذ تغطي أكثر من مليون كيلومتر مربع، غير أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تفتقر إلى منفذ مباشر على البحر. ووفق المعايير المعتمدة في تقييم قوة الدول، تحوز إثيوبيا من العوامل ما يمكّنها فعلاً من أن تكون دولة قوية، لكنها رغم ما تملكه من أدوات تأثير لا يمكن إنكارها، فإن وضعها الحالي لا يرقى إلى مستوى التطلعات، فبعد عقود من الاضطرابات السياسية، ونظراً لاستشراء وباء الفقر والإخفاق في إقامة علاقات مستقرة مع بعض جيرانها، تجد إثيوبيا نفسها في مواجهة مصاعب متعددة على المستويين الإقليمي والداخلي، وهو ما كان سبباً قوياً في رغبتها الانفتاح على دول الجوار، وبناء علاقات قوية عبر الاستثمار والتطبيع في جوانب شتى، حيث تماشت الرغبة الإثيوبية مع الرغبة الخليجية.

مشاركة :