طهران (أ ف ب) - سجلت ايران سلسلة انتصارات في الشرق الاوسط بعد عقود من العزلة ما يعني انها ستكون قادرة على التعامل مع ما تخبئه حقبة رئاسة دونالد ترامب، لكن الخبراء يؤكدون ان الخوف من هيمنتها على المنطقة مبالغ به. وبعد ان تحفظت غالبا عن التعليق على دورها في النزاع السوري، قررت طهران فجأة الاحتفال بالنصر حتى قبل اعلان سيطرة قوات النظام السوري بالكامل على مدينة حلب. وقال يحيى صفوي كبير المستشارين السياسيين للمرشد الاعلى آية الله خامنئي للصحافيين الاسبوع الماضي ان "تحرير حلب أبرز الثقل السياسي لجمهورية ايران الاسلامية. وعلى الرئيس الاميركي الجديد ان يقر بحقيقة ان ايران هي القوة الاولى في المنطقة". وبدا أن الرياح تجري بما تشتهيه ايران خلال الاسابيع الماضية. فالدعم الذي تقدمه الى الرئيس السوري بشار الاسد من خلال المستشارين العسكريين والمقاتلين المتطوعين يؤتي ثماره ويبدو ان عدوها تنظيم الدولة الاسلامية سيتم اخراجه من الموصل وان تطلب الامر بعض الوقت. وفي لبنان، انتهت معركة رئاسة الجمهورية بانتخاب العماد ميشال عون المتحالف مع حزب الله الشيعي الذي يحظى بدعم ايران. وتمكنت ايران من استعادة مليارات الدولارات من الاموال المجمدة ومبيعات النفط بفضل الاتفاق النووي مع القوى العظمى السنة الماضية وتمكن حلفاؤها الحوثيون في اليمن من الصمود على الرغم من التدخل العسكري الذي قادته السعودية ضدهم وحملة قصف جوي استمرت لاكثر من سنة. - التعايش مع ترامب - ومن ثم هناك التنصيب الوشيك لدونالد ترامب الذي احاط نفسه بمستشارين معادين لايران والذي انتقد كذلك السعودية لحصولها على الدعم الاميركي ولنشر الاسلام السلفي. فبعد عقود من العزلة قد تكون ايران في افضل موقع للتعامل مع حالة الغموض التي ستثيرها مواقف ترامب من قضايا الشرق الاوسط، وفق ما يقول عدنان طبطبائي المحلل ورئيس مجلس ادارة معهد "كاربو" الفكري في المانيا. ويضيف انه "من الاسهل بكثير بالنسبة لايران الا تعتمد على الولايات المتحدة لأنها استغنت عن ذلك طيلة العقود الثلاثة الماضية في حين ان عدم الاعتماد على واشنطن سيشكل تغيرا جوهريا بالنسبة للسعودية وللخصوم الاقليميين الاخرين لايران". حتى قبل تولي ترامب منصبه، يواجه السعوديون جملة من المشكلات بدءا بالاقتصاد الذي يعاني جراء تدهور اسعار النفط وتشرذم الفصائل المقاتلة التي دعموها في سوريا وشعور حلفائهم الغربيين بالحرج جراء حملة القصف الوحشي في اليمن. ومع كل هذا، يقول محللون ان لا اساس للمخاوف المتعلقة بهيمنة ايران على الشرق الاوسط. ويقول طبطبائي ان "الكثير من نجاحات ايران في المنطقة هي في الحقيقة نتيجة اخفاقات الاخرين. ليس علينا ان نبالغ في تقدير قدراتها". ويضيف ان "سوريا مهمة من اجل الابقاء على تواصل مع حزب الله في لبنان والذي يعتبر بمثابة قوة حماية بالنسبة لايران في وجه تفوذ اسرائيل في المنطقة، ولكن الاولوية بالنسبة لايران تكمن ببساطة في حماية حدودها مع العراق وافغانستان وضمان سلامة ووحدة اراضيها". - تجنب الحرب الدائمة - ويقول استاذ السياسة الدولية في جامعة طهران فؤاد ازادي ان دعم الهجوم الدامي للاسد كان "شرا لا بد منه" ودفاعيا في طبيعته في نهاية الامر. ويضيف "اذا سقطت سوريا، فاما ان تحصل على حكومة موالية لاسرائيل فيها او على تنظيم الدولة الاسلامية او على ما يشبه ليبيا. هذه ليست خيارات جيدة بالنسبة لنا". ويتابع "اذا تفككت سوريا، سيتفكك العراق، وهذا في الجوار. هذا لا علاقة له بالهيمنة على المنطقة، هذا يتعلق بتجنب الحرب الدائمة". ولكن ايران تواجه كذلك قيودا تمنعها من توسيع نفوذها. يقول ارام نرغيزيان المحلل في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ان "بعد كل ما يقال عن تحسن مكانة ايران فان هذا لا يغير واقع ان ايران هي قوة شيعية في منطقة ذات غالبية سنية. لا يريد اي من الطرفين حربا شاملة. وفي مرحلة ما، عليهما ان يقبلا بان يحظى الطرف الاخر ببعض النفوذ. البديل عن ذلك سيكون حربا ايديولوجية لا نهاية لها بين السنة والشيعة وهذا لا يمكن لاي طرف تحمله". ويضيف نرغيزيان ان السعودية لا تزال تسجل بعض النقاط لصالحها، ليس اقلها ترسانة عسكرية بمليارات الدولارات اشترتها من حلفائها الغربيين. ويقول ان "البعض يتوقع انهيار مملكة آل سعود منذ ستين عاما ولكن الامر لم يحدث" مضيفا "فعلى الرغم من عدم استقرارها، تمكنت دول الخليج من تحقيق تكامل افضل مع الاقتصاد العالمي مقارنة مع ايران ولا تزال تحظى بدعم حلفاء غربيين رئيسيين". ولا يمكن لايران ان تعتمد تماما على روسيا، حليفها المقرب في النزاع السوري. ويقول نرغيزيان ان "علاقة ايران مع القوى الكبرى مثل روسيا والصين ليست ثابتة. فهذه الدول لديها اولوياتها الخاصة. سوريا هي مجرد جزء صغير من المنطقة. وعندما يتعلق الامر بامور مثل الطاقة، ستكون روسيا سعيدة باقامة شراكات مع دول اخرى في منطقة الخليج".
مشاركة :