أكد مسؤولو توظيف في جهات عمل مختلفة، وخبراء في الموارد البشرية والتوطين، أن مؤسسات عارضة لوظائف في الدولة، تعاني إشكالات عدة، تحول دون الاختيار الصائب لكوادر مواطنة من الباحثين عن عمل، خصوصاً فئة الشباب، إذ لا يتمكن القائمون على التوظيف من التحديد الدقيق للخبرة العملية للمتقدم للوظيفة، عازين ذلك إلى ضعف السيرة الذاتية المقدمة. وأوضحوا أن غالبيتها غير دقيقة وتفتقد معلومات جوهرية تسهم في اتخاذ القرار المناسب بالتعيين من عدمه. ومن هذه المعلومات طبيعة الوظيفة السابقة، والإنجازات المهنية التي تحققت. وحذروا طالبي الوظائف من الاستخدام المفرط للألوان عند كتابة سيرة العمل، ومن الأخطاء الإملائية، وما يمكن وصفه بـ «النموذج الموحد»، لبناء السيرة الذاتية المتوفر في مكاتب طباعة. وتفصيلاً، أفادت مديرة التوطين في بنك الإمارات دبي الوطني، أماني خالد البناي، بأن «الإشكالية الرئيسة تتمثل في الحصول على عشرات السير الذاتية لمواطنين شباب، كلها متشابهة تماماً في الشكل والمضمون، وربما متطابقة في المعلومات، ما يعكس انطباعاً لدى عارضي الوظائف، بأن الشباب استخدموا نموذجاً موحداً لدى أحد مكاتب الطباعة». وأضافت: «اطلعت على نحو 60 سيرة ذاتية لمواطنين شباب، الأسبوع الماضي، أثناء المشاركة في معرض للتوظيف في دبي، كانت 70% منها تقريباً متشابهة، وتكاد تكون منسوخة، وتفتقر للدقة، وهذا أمر يعطي انطباعاً سلبياً عند تقييم الحالة، فالتشابه والتطابق يوحي بأن مقدم الطلب غير قادر على إدارة أبسط الأشياء، مثل كتابة سيرة ذاتية». واعتبرت البناي أن «السيرة الذاتية هي بطاقة عبور الباحث عن عمل إلى الوظيفة، ومنها تبدأ الانطباعات الأولى لدى جهة العمل، ونحن لا نريد إفراطاً في التعبيرات المنمقة، ولا إسهاباً في الشرح، بل أن يركز على المعلومات الجوهرية. ويكفي ذكر المعلومات الشخصية والتعليمية والمهارات، بطريقة بسيطة ومرتبة». ولفتت إلى أن «السيرة المهنية ينبغي ألا تتعدى محتوياتها صفحتين من الحجم التقليدي (إيه 4)، كما أن الصيغة المكثفة والمرتبة جيداً، تثير إعجاب عارض الوظيفة، وتمهد طريق العمل، وتكون فرصة العمل أقرب إلى المتقدم، وينبغي على الشباب إدراك أن هذه المسألة جوهرية». معلومات دقيقة الإفراط في الألوان دعا رئيس التوظيف وتخطيط القوى العاملة في بنك أبوظبي التجاري، عبدالعزيز الموسى، المواطنين الباحثين عن عمل، إلى الابتعاد عن الاستخدام المفرط للألوان في السيرة الذاتية، ومراعاة حجم الخط، وسلاسة المعلومات والبيانات الشخصية، ووسائل التواصل مع الشخص، وأن تتناسب كل سيرة ذاتية مع الجهة المتقدم إليها، فلن يكون مجدياً استخدام ألوان كثيرة في سيرة ذاتية مقدمة إلى بنك مثلاً، بل يمكن ذلك إذا ما كانت مقدمة إلى شركة إنتاج تلفزيوني أو موقع إلكتروني على الإنترنت. من جهته، اعتبر مدير عمليات الموارد البشرية في مجموعة دبي القابضة، عبداللطيف الحمادي، أن «بعض كاتبي السير الذاتية من المواطنين الشباب، عليهم أن يدركوا أن هذه الأوراق ليست مجرد كلمات للعرض على صاحب عمل أو مؤسسة، إذ يفترض أن تحتوي على معلومات دقيقة بصورة بسيطة وموجزة، وأن يكتب نبذة بسيطة عن المؤسسة التي عمل فيها، ودوره المهني تحديداً». وأضاف: «من المهم أيضاً أن يكتب عن التدريبات التي حصل عليها، ولكن هنا لابد أن يذكر الدورات التدريبية التي لم يمض عليها خمسة أعوام، ويرى أنها ذات قيمة تضاف إلى خبراته المهنية، أو تتلاقى مع الوظيفة التي يستهدفها، ويمكنه التطرق إلى المهارات التي يمتلكها، وإمكاناته في استخدام الوسائط التكنولوجية». ولفت الحمادي، إلى أن «بعض الشباب يكتبون هواياتهم في السيرة الذاتية، وهو أمر جيد ومفيد، كما ينبغي ذكر مرجعين على الأقل يمكن اللجوء إليهما وسؤالهما عن مقدم طلب الوظيفة، لأن هذه المراجع مهمة جداً، وينبغي ألا يتجاهلها الشباب عند التقدم إلى وظائف». وأفاد بأن «كثيراً من حديثي التخرج ليس لديهم إتقان كتابة السيرة الذاتية، وينبغي أن يأخذوا هذه الملاحظات على محمل الجد في التقديمات المستقبلية إلى وظائف، لضمان عرض قدراتهم ومهاراتهم بصورة جيدة». سيرة متقنة وأفاد رئيس الكوادر الوطنية في برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية (كوادر)، عيسى الملا، بأن «بناء سيرة ذاتية للباحث عن عمل يعد أفضل وأيسر الطرق للوصول إلى الوظيفة الشاغرة، إذا ما تناسبت مع المؤهلات والخبرات العملية، بل يمكن القول إن كتابة سيرة ذاتية متقنة من الممكن أن تضمن الوظيفة فعلياً». وحدد عنصرين رئيسين ينبغي الانتباه إليهما عند كتابة سيرة ذاتية، أولهما يتمثل في ضرورة التركيز على أن المتقدم للوظيفة لديه القدرة على النجاح في بيئات عمل مختلفة، فالشركات لا تنتظر فقط مواطناً تقليدياً يريد عملاً مكتبياً، إنما تراجع مدى طموحه، وكيفية ترجمة ما كتبه إلى واقع ملموس». وأضاف: «العنصر الثاني هو الكتابة البسيطة المعبرة عن الشخصية المتقدمة إلى الوظيفة، التي تركز على السمات الشخصية والقدرات المهنية، وتبرز شغفه للعمل في الوظيفة المعروضة، ما يجعل المواطن محل اهتمام من عارض الوظيفة». واجهة شخصية إلى ذلك، اعتبر رئيس التوظيف وتخطيط القوى العاملة في بنك أبوظبي التجاري، عبدالعزيز الموسى، أنه «يفترض أن يتأكد الباحث عن عمل من أن هذه السيرة الذاتية هي واجهته الشخصية، وتالياً عليه أن يكتبها بصيغة واضحة ومباشرة وسليمة، ومن الأفضل أن تكون باللغة الإنجليزية، وأن تبتعد عن الأخطاء الإملائية». وأضاف: «أرى سيراً ذاتية لأشخاص مملوءة بالأخطاء الإملائية، أو أخطاء القواعد النحوية إذا ما كانت بلغة أجنبية، ولهذه الأخطاء انطباعات سلبية عند عارض الوظيفة، كما أن تدقيق المحتوى لن يستغرق سوى دقائق من مقدم الطلب». وتابع الموسى: «هناك مواقع إلكترونية كثيرة يمكن اللجوء إليها في كتابة السير الذاتية، وترتيب محتواها، ومن وجهة نظري، فإن الإنجازات الوظيفية السابقة لمقدم السيرة الذاتية أهم من وصفه للوظيفة التي كان يعمل بها، فمعظم الوظائف معروفة ومتشابهة لدى الجهات المختلفة، ويفترض أن يشرح طالب العمل ما قدمه من جهد مهني، ونوعية الدور الوظيفي الذي كان يشغله».
مشاركة :