ذكرت الأمم المتحدة، أمس، أنها نشرت عشرات المراقبين في شرق حلب لمراقبة المرحلة الأخيرة من عمليات إجلاء المقاتلين والمدنيين قبل سيطرة الجيش السوري عليها، ليبدأ فتح ملف الزبداني ومضايا لاحقاً كمرحلة ثالثة من اتفاق الإجلاء، وفي وقت اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد، أن «تحرير حلب» يعد «انتصاراً» ليس فقط لسورية بل لإيران وروسيا أيضاً، أعلنت الأخيرة القضاء على 35 ألف مقاتل ضد النظام منذ بدء تدخلها الجوي في سورية قبل أكثر من عام. وفي التفاصيل، صرّح ينس لاركي المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أن «31 مراقباً دولياً ومحلياً موجودون عند مدخل حي الراموسة». وأوضح لاركي أن بين المراقبين الأمميين الـ31 الذين تنحصر مهمتهم بالإشراف، بدأ 20 بالوصول من دمشق الليلة قبل الماضية، مضيفاً أن نحو 100 من الموظفين في وكالات الأمم المتحدة، معظمهم سوريون، موجودون أصلاً في حلب، لكن ليس بصفة مراقبين. وقال «حتى الآن، كُلف المراقبون الـ31 الانتشار عند معبر الراموسة بالتناوب ليكونوا موجودين في شكل دائم». وفي 19 ديسمبر، قرر مجلس الأمن الدولي بالإجماع أن ينشر سريعاً مراقبين أمميين في شرق حلب، للإشراف على عملية الإجلاء وتقييم وضع المدنيين. وتعبر قوافل المدنيين ومقاتلي المعارضة التي تغادر شرق حلب معبر الراموسة، لتتوجه بعدها إلى ريف حلب الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة. وتأمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تشارك في عمليات الإجلاء منذ أيام عدة في أن تنتهي العملية اليوم. وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، انجي صدقي «ستستمر عملية الإجلاء طوال اليوم، وعلى الأغلب حتى (اليوم) الجمعة أيضاً». وأشارت إلى «خروج أكثر من 4000 مقاتل في سيارات خاصة، حافلات صغيرة وشاحنات صغيرة من شرق حلب إلى ريف حلب الغربي خلال الليلة (قبل) الماضية في واحدة من آخر مراحل الإجلاء». وشاهد مراسل «فرانس برس» في منطقة الراموسة جنوب حلب، التي تمر منها قوافل المغادرين، صباح أمس، عشرات السيارات الخاصة وسيارات الأجرة والشاحنات (بيك آب) والباصات الصغيرة تخرج من شرق حلب. وأقلت الشاحنات مقاتلين يحملون سلاحهم الفردي. وفي وقت لاحق، خرجت 10 حافلات بيضاء اللون، تتقدمها سيارة تابعة للصليب الأحمر الدولي من شرق حلب، لتصل بعد وقت قصير إلى منطقة الراشدين، نقطة استقبال المغادرين، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة غرب المدينة. وأفاد مراسل «فرانس برس» في الراشدين بأن معظم المغادرين الذين وصلوا سواء في السيارات الخاصة أو الحافلات هم من المقاتلين، مشيراً إلى أن حافلتين تقلان مدنيين من الفوعة وكفريا غادرتا المنطقة باتجاه حلب ولاتزال اثنتان تنتظران الضوء الأخضر. وينص اتفاق الإجلاء في أول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج المئات من بلدتي الفوعة وكفريا. وبحسب صدقي، تم حتى الآن إخراج 1000 شخص من الفوعة وكفريا، ولايزال المئات ينتظرون إجلاءهم. ومنذ بدء عملية الإجلاء التي تم التوصل إليها بموجب اتفاق روسي تركي إيراني، بشكل متقطع أمس، أحصت اللجنة الدولية للصليب الأحمر خروج «نحو 34 ألف شخص» من شرق حلب، وفق صدقي. وأشارت صدقي إلى أن العملية تتواصل «بشكل أبطأ مما كان متوقعاً بسبب الطقس السيئ، من ثلوج وعواصف، فضلاً عن الحالة السيئة للآليات»، فيما لفت المتحدث باسم حركة أحرار الشام، أحمد قرة علي، بدوره إلى «صعوبة تحديد موعد انتهاء العملية، لأن الثلوج تغطي الطرقات». وعند انتهاء عمليات الإجلاء، يفترض أن يعلن الجيش السوري استعادة مدينة حلب بالكامل، محققاً بذلك أكبر نصر منذ بدء النزاع في البلاد في عام 2011، الذي خلّف أكثر من 310 آلاف قتيل. وقال مصدر عسكري سوري إن «الاتفاق الذي تم لخروج المسلحين والمدنيين من مدينة حلب يقضي بخروج نحو 1200 شخص من بلدتي كفريا والفوعة، مقابل خروج المسلحين والمدنيين من أحياء حلب الشرقية، على أن تكون المرحلة الثالثة من الاتفاق خروج نحو 1200 من بلدتي كفريا والفوعة، مقابل خروج المرضى والحالات الإنسانية من مدينة الزبداني ومضايا في ريف دمشق الشمالي الغربي». وتمكن الجيش إثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي من السيطرة على معظم الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة منذ عام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين. وتشكل استعادة حلب تحولاً جذرياً في مسار الحرب في سورية، وتعد الانتصار الأبرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعماً سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، وأبرزهم روسيا وإيران. وفي هذا السياق، قال الرئيس الأسد، خلال استقباله، أمس، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، حسين جابر أنصاري، إن «تحرير حلب من الإرهاب ليس انتصاراً لسورية فقط، بل لكل من يسهم فعلياً في محاربة الإرهاب وخاصة لإيران وروسيا». ولفت إلى أنه «في الوقت ذاته انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري، التي استخدمت الإرهاب وسيلة لتحقيق مصالحها». وأعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أمس، أنه «منذ بدء عملياته شن الطيران الروسي 17 ألفاً و800 غارة جوية، أصابت 71 ألف مرة البنى التحتية للإرهابيين، وقضى بذلك على 725 مخيم تدريب، و405 مصانع ومشاغل لصنع متفجرات، و1500 من التجهيزات العسكرية، و35 ألف مقاتل، بينهم 204 قياديين». وتصنف دمشق وحليفتها موسكو جميع الفصائل المقاتلة في سورية إلى جانب تنظيم «داعش» وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) بـ«الإرهابية».
مشاركة :