ودعت مكة المكرمة أحد شيوخها الأجلاء، وهو فضيلة الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن سعد الحلاف، المربي والعالم الجليل، رئيس قسم القضاء بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، إمام وخطيب جامع الأمير أحمد بن عبدالعزيز سابقًا، رحمه الله رحمة واسعة. وقد عبَّر العديد من أهالي مكة وأعيانها عن حزنهم لفقيد الشيخ الحلاف، حيث رثاه صديقه وأحد تلاميذه الشيخ عبدالعزيز بن ذياب الغامدي، كاتب العدل، إمام وخطيب جامع الشيخ محمد المنصوري بمثلث النسيم بالعوالي بمكة المكرمة، قائلًا: كان رحمه الله رمزًا من رموز علماء الشريعة وعلم المواريث بمكة المكرمة، وأحد مفكريها وحكمائها الأبرار، ومثلي يستحي أن يكتب عن هذا العملاق في خلقه وعلمه وأدبه، وصمته وسمته، لكن الوفاء أبى إلا أن يترجم له ويكتب، درست عليه رحمه الله علوم الشريعة وعلم المواريث، حيث كنت طالبًا عنده بقسم القضاء بكلية الشريعة بالجامعة، كان غفر الله له وأسكنه فسيح جناته ذا لباقة في الحديث يأسر بها القلوب، متأدبًا بأدب الكبار من العلماء، متحليًا بأخلاقهم وسمتهم، وتواضعهم، لم يكن رجلًا عاديًا ومدرسًا كغيره أبدًا، كان مربيًا فاضلًا، وعالمًا جليلًا، الوقار يعلوه، والتواضع يكسوه، والهيبة تحوطه من كل حدب وصوب أينما حلَّ أو رحل، عرفه الناس وأهل مكة المكرمة مقنعًا في حديثه، لبقًا بكلامه، حكيمًا متأنيًا في حكمه وتصرفاته، عالمًا بفقه الواقع، شافعًا لحاجات الناس فيما ليس فيه مخالفة لأمر دينه ودنياه، أحبه البعيد قبل القريب والصغير قبل الكبير، نعم لقد فقدت مكة المكرمة أحد فلذات أكبادها، نعم لقد عاش رحمه الله رحمة واسعة خادمًا لدينه ولولاة أمر هذه البلاد المباركة، رحم الله من مات منهم، حتى وصل لعهد الحزم والعزم عهد الملك سلمان أعزَّ الله به الدين ونصره، وأبقاه الله للعباد والبلاد ذخرًا ولنا فخرًا، فيارب أسكن عبدك الفقير إليك عبدالعزيز الحلاف جناتك وأكرم مثواه وضيافته، وارفع درجاته في عليين، وبارك لنا في أبنائه الكرام وأحفاده، وأخرج لنا من أمثاله، لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، «إنا لله وإنا إليه راجعون».
مشاركة :