رصدت السلطات الألمانية مكافأة مئة ألف يورو لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقال التونسي أنيس العامري المشبوه بتنفيذه بواسطة شاحنة مجزرة دهس رواد سوق ميلادية في العاصمة الألمانية برلين ليل الاثنين الماضي، والتي اسفرت عن 12 قتيلاً وجرحت 48 آخرين. < تحاول برلين استئناف حياتها الطبيعية، بعدما سمحت الشرطة بإعادة فتح سوق عيد الميلاد. وأوضحت شركتا «شوستيلفبرفاند» و«ايه جي سيتي» اللتين تديران السوق، ان القرار «لم يكن سهلاً في مثل هذا الوضع، واتخذ بتنسيق وثيق مع السلطات». وأشارتا إلى أنه سيجري إطفاء أنوار الميلاد والموسيقى احتراماً لذكرى الضحايا. وفيما تتضافر الجهود في اوروبا لمحاولة اعتقال العامري، فتشت الشرطة الدنماركية عبّارة سويدية في ميناء غرينا، بعدما تلقت معلومات عن رصد رجل يشبه العامري على متنها. وقال الناطق باسم الشرطة كلاوس أربو راسموسن: «لا شيء يوحي بأن العامري في الميناء، أو أنه كان هناك»، موضحاً أن الشرطة «تحركت استناداً الى معلومات حصلت عليها ليل الأربعاء، ونشرت مروحية وقوات ودوريات بمشاركة كلاب مدربة». وأشار الناطق إلى أن الدوريات الشرطية ستبقى في المنطقة مع استمرار البحث عن العامري في أنحاء أوروبا. وتأخرت عبّارة نقل الركاب التابعة لـ «ستينا لاين» لساعات شهدت تفتيش الركاب والمركبات قبل السماح لها بالمغادرة الى فاربرغ جنوب السويد. وأفادت تقارير لوسائل إعلام ألمانية بأن المحققين عثروا على بصمات العامري (24 سنة) على باب الشاحنة، فيما تشهد البلاد جدلاً متصاعداً حول «خلل» عدم توقيفه بعدما اعتبرت السلطات انه «مصدر تهديد إرهابي» منذ ان دخل البلاد في تموز (يوليو) 2015، كما عرفت السلطات الأميركية، وفق صحيفة «نيويورك تايمز»، ان العامري متطرف مشبوه «بعدما اتصل لمرة واحدة على الأقل بتنظيم داعش، ونفذ عمليات بحث على الإنترنت عن معلومات لصنع متفجرات». وأخضعت السلطات الألمانية العامري لتحقيق منذ آذار (مارس) الماضي في قضية «إعداد عملية سطو لشراء أسلحة رشاشة من اجل ارتكاب اعتداء بمساعدة شركاء لاحقاً»، وبينهم وفق صحيفة «سودويتشه تسايتونغ» عراقي في الـ 32 من العمر يعرف باسم احمد عبدالعزيز عبدالله ولقبه «أبو ولاء»، والذي كان أوقف في تشرين الثاني (نوفمبر) مع أربعة آخرين بتهمة تشكيل شبكة تجنيد لمصلحة تنظيم «داعش». لكن هذا التحقيق عجز عن تأكيد الشكوك الأولية فأسقطت القضية لغياب العناصر الكافية وتوقفت مراقبته في ايلول (سبتمبر). وبين الفترتين، رفضت السلطات في تموز منح أنيس طلب لجوء «بسبب عدم امتلاكه أوراق هوية، ورفض تونس تأكيد أنه مواطن». وقال أرمين لاشيت، عضو الاتحاد الديموقراطي المسيحي حزب المستشارة الألمانية أنغيلا مركل: «لا يضمن هذا الأسلوب أمن المانيا، والمعلومات التي نملكها عن طريقة عمل السلطات تشكل صدمة». وكان المحققون عثروا على محفظة أنيس وأوراقه في الشاحنة التي اقتحمت السوق الميلادية، وقالوا ان الوثائق «كشفت استخدامه 6 اسماء مختلفة و3 جنسيات». لكنهم ركزوا طوال يوم الثلثاء على مشبوه باكستاني جرت تبرئته وأطلق لاحقاً. وعنونت صحيفة «بيلد» الشعبية: «فشل اجراءات إبعاد»، بينما تحدثت صحيفة «دي فيلت» المحافظة عن «أخطاء». وأبدت مجلة «دير شبيغل» دهشتها، وكتبت: «راقبته السلطات، لكنه نجح في الاختفاء»، فيما أفادت صحيفة «دارمشتيتر إيكو» المحلية بأن «احد المشاكل هو تعدد الصلاحيات والسلطات في دولة فيديرالية، والذي يمثل خطراً على الأمن». وبعد ثلاثة ايام على الاعتداء، يبدو ان الشرطة الألمانية لا تملك اي فكرة عن مكان اختباء العامري، إذ لم تعثر عليه في شقتين دهمتهما في حي كروزبرغ ببرلين، وكذلك في مأوى للاجئين بمنطقة اميريتش المحاذية للحدود مع هولندا. وأوردت وسائل اعلام ألمانية ان المداهمات اسفرت عن اعتقال 4 أشخاص في مدينة دورتموند كانوا على اتصال بأنيس. لكن النيابة العامة رفضت تأكيد هذا النبأ، وقال ناطق باسمها: «لا نعلم باعتقال أي شخص». لكن القضاء الألماني اكد توقيف مغربي عرّفه باسم رضوان س. (24 سنة) في ولاية سكسونيا السفلى (شمال)، للاشتباه بانتمائه الى «داعش» ومجموعة قريبة من عبد الحميد اباعود، احد منسقي اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني 2015. وأوضح بيان للنيابة العامة الألمانية ان «مهمة الموقوف تمثلت في تأمين شقق للتغطية على نشاطات في تركيا واليونان بين تشرين الأول (اكتوبر) 2014 ومطلع 2015»،. وأن الشقق «استخدمت في إيواء منفذي اعتداءات». وتابع: «علم الموقوف بالتحضير لاعتداءات باريس، وتواصل مع المجموعة وأباعود بعد وصوله الى ألمانيا في أيار (مايو) 2015 واستعد لتلقي أوامر اخرى». على صعيد آخر، بدأت في دوسلدورف محاكمة طارق السليمان بتهمة الانتماء الى «داعش» وإعداد عمل تخريبي عنيف. وقال الناطق باسم المحكمة العليا أندرياس فيتيك: «سافر المشبوه إلى سورية في نهاية 2013، وانضم إلى داعش الذي اشركه في مهمات قتالية ومراقبة الحدود. كما أصبح شخصية دعائية عبر المشاركة في أشرطة فيديو كثيرة لداعش نشرت على الإنترنت تضمن احدها شخصاً مقطوع الرأس». العائلة ومن منــطـــقة الـــوسلاتــية بمحافظة القيروان وسط تونس، دعا عبدالقادر العامري، شقيق المهاجم الهارب، الى تسليم نفسه، مؤكداً عدم علاقة العائلة بالإرهاب، خصوصاً ان أنيس غادر تونس الى اوروبا منذ سنوات، ولم يتواصل معه ومع شقيقاته الأربع إلا عبر الهاتف وموقع «فايسبوك» للتواصل الاجتماعي. وشدد عبد القادر على ان شقيقه تعرف الى الفكر السلفي خلال سجنه في ايطاليا، علماً انه وصل الى ألمانيا العام الماضي. وتحدث محققون عن العثور داخل الشاحنة التي قادها العامري في الهجوم على وثائق تكشف استخدامه 6 أسماء مختلفة و3 جنسيات. وقالت نجوى، شقيقة أنيس: «لم نشعر ابداً ان طباعه غير عادية، إذ كان يبدو دائماً مبتسماً وفرحاً على فايسبوك». واستدعت الشرطة في تونس والد ووالدة أنيس لاستجوابهما، مشيرة إلى أنه أوقف مرات بسبب استهلاك المخدرات قبل الثورة التي اطاحت مطلع 2011 نظام زين العابدين بن علي. ترامب في الولايات المتحدة، وصف الرئيس المنتخب دونالد ترامب الهجومين اللذين استهدفا السوق الميلادية في برلين والسفير الروسي في أنقرة هذا الأسبوع بأنهما «مروعان، وأثبتا بنسبة مئة في المئة أنني على حق في شأن خطته لفرض قيود على المسلمين المهاجرين إلى بلدنا». وتابع: «ما يحصل اعتداء على الإنسانية يجب ان يتوقف». وبعد ساعات على اعتداء برلين الاثنين الماضي، صرح ترامب ان «داعش وإرهابيين إسلاميين آخرين يهاجمون باستمرار المسيحيين داخل مجتمعاتهم وأماكن عبادتهم»، علماً انه كان دعا أثناء حملته الانتخابية الى فرض حظر موقت على دخول المسلمين للبلاد كوسيلة لمحاربة الإرهاب، ما قوبل بانتقادات على نطاق واسع في الداخل والخارج. وأعاد ترامب لاحق صوغ هذا الاقتراح، ليصبح تعليقاً موقتاً للهجرة من مناطق تعتبر مُصدرة للإرهاب.
مشاركة :