الاجتماع الأخير لحزب الحركة من أجل الاشتراكية، الذي عقد بحضور الرئيس إيفو موراليس، والذي خلص إلى إعادة ترشيحه لفترة رئاسية جديدة فتح الباب أمام التكهن بمستقبل البلاد التي يحكمها اليسار منذ عام 2006. الحزب الحاكم في البلاد أقر بالإجماع على الدفع برئيسه إيفو موراليس لقيادة البلاد لفترة رئاسية جديدة في عام 2019، إلا أن هذا الخيار سيفتح الباب أمام حالة من الجدل التي قد تثير اللغط داخليا وخارجيا، خاصة أن عملية إعادة الانتخاب من الصعب تحقيقها، وذلك لأن موراليس كان قد دفع نحو استفتاء في شهر فبراير (شباط) الماضي وذلك لمعرفة آراء المواطنين حول إعادة انتخابه لفترة ثالثة إلا أن نتيجة الاستفتاء جاءت بالرفض بنسبة تجاوزت الواحد والخمسين في المائة. اليسار البوليفي الذي يمثله موراليس قد يبحث عن احتمالات وتحركات سياسية جديدة، وذلك للالتفاف على نتيجة الاستفتاء وترشيح موراليس مرة أخرى لقيادة البلاد وهزيمة اليمين الذي توعده الرئيس في أكثر من موقف. بالفعل تم تغير الدستور في عام 2009 وذلك للسماح لرئيس البلاد أن يبقى في السلطة لفترتين رئاسيتين إلا أن الرئيس موراليس وصل للحكم منذ عام 2006، وقدمت تنازلات للتغاضي عن الفترة التي سبقت التعديل الدستوري وبالتالي فإن الفترتين الرئاسيتين لموراليس سيتم حسابها منذ ذلك الحين إلا أن الحزب اليساري الحاكم في البلاد يسعى للبقاء في السلطة لفترات أطول وعدم إعطاء الفرصة لليمين وذلك استنادا على أن الشعب البوليفي قد يقرر ذلك. ويعتبر موراليس هو أول رئيس لبوليفيا من السكان الأصليين وحليف كبير لفنزويلا التي خسرت حكومتها اليسارية حلفاء في المنطقة مع تحرك دول كالأرجنتين باتجاه اليمين كما يعتبر نظام الحكم البوليفي كوبا حليفا أيضا له. وقال موراليس أمام حشد لحزب الحركة من أجل الاشتراكية الذي ينتمي إليه إنه إذا أراد الشعب أن يبقى إيفو فسيكون ذلك قراره للبقاء معه للاستمرار في ضمان الثورة الديمقراطية والثقافية، وأضاف أن الرؤساء ليسوا مستأجرين وأن الحركات الاشتراكية نأتي للقصر الرئاسي لنبقى فيه طيلة الحياة. وهناك احتمالات عدة قد تتيح لموراليس الترشح مجددا رغم خسارة الاستفتاء وأولى هذه الوسائل إجراء تعديل دستوري جزئي عبر مبادرة للمواطنين تحتاج إلى تأييد 20 في المائة على الأقل من الناخبين. وتتمثل الثانية في تعديل دستوري عبر البرلمان. والثالثة تمر عبر استقالة موراليس قبل نهاية ولايته في 22 يناير (كانون الثاني) 2020. والرابعة عبر قراءة جديدة للدستور تمكنه من ولاية جديدة. ورغم أنه لا يزال يحظى بتأييد 49 في المائة من الرأي العام، فإن موراليس تكبد هزيمة في استفتاء فبراير الماضي بهدف تعديل الدستور لتمكينه من الترشح لولاية رابعة في الفترة ما بين 2020 وحتى 2025. وكانت تلك أول هزيمة سياسية لأقدم رئيس فعلي في أميركا اللاتينية، حكم بلاده منذ العام 2006 بعد أن انتخب بنسبة 54 في المائة من الأصوات. ثم أعيد انتخابه في عام 2009 ثم عام 2014 بنسبة 61 في المائة من عدد أصوات الناخبين وسط معارضة منقسمة. وتشير استطلاعات الرأي في بوليفيا إلى أن هناك حالة من التململ وعدم الرضا عن اليسار في البلاد ويحاول اليسار في البلاد تقديم البرامج والخدمات الاجتماعية المجانية والتسهيلات للفقراء في البلاد، وذلك لاسترضاء الطبقة العريضة من الشعب للتصويت لصالحه، كما أن اليسار نفسه يقول إنه لا يوجد بديل في البلاد لقيادتها، وإن حزب الحركة من أجل الاشتراكية هو الوحيد الذي لديه خطط حقيقية تنموية ومشروعات لإدارة البلاد. ويأتي ترشيح الحزب اليساري للرئيس موراليس في وقت يتعرض فيه اليسار في أميركا اللاتينية إلى أعنف الضربات، حيث استطاع اليمين في القارة اللاتينية من الوجود مؤخرا على رأس السلطة في عدد من البلاد مثل الأرجنتين والبرازيل والتي كانت من أكبر الداعمين لتيار اليسار.
مشاركة :