انهيار حلب لا يعني حل الأزمة السورية

  • 12/23/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حدّد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في ورقة «تقدير موقف» عدة أسباب كانت وراء انهيار حلب السورية، مشدّدا على صعوبة الحديث عن التوصل إلى حل قريب للصراع في سوريا؛ رغم أجواء التفاؤل التي تحاول موسكو إشاعتها بعد انعقاد اللقاء الثلاثي الروسي- التركي- الإيراني، من خلال الإعلان عن خارطة الطريق لحل الأزمة السورية، بسبب العقبات التي تعترض التوصل إلى الحل المنشود، والخلافات الكبيرة بين أطراف الاتفاق الثلاثي نفسها، وعدم تقديم أجوبة لأسئلة ملحّة، من قبيل: كيف يمكن إنهاء الصراع إذا ظلت روسيا وإيران مصرتين على بقاء الأسد بعد كل ما جرى؟ وكيف يمكن الحديث عن حل في غياب دور عربي؟ وأرجعت الورقة أسباب الانهيار للقوة النارية الهائلة التي استخدمتها روسيا لضرب المعارضة، واتباع النظام وحلفائه استراتيجية «الجوع أو الركوع» في مواجهة نحو 300 ألف مدني أطبق عليهم الحصار في القسم الشرقي من المدينة، بالإضافة إلى الخلافات والانقسامات بين فصائل المعارضة والتي استمرت رغم الهجوم الكبير الذي تعرضت له حلب، إضافة إلى انشغال جزء من فصائل المعارضة في معركة «درع الفرات» التي أطلقتها تركيا في أغسطس الماضي لإخراج تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، كما أثر ضعف الموقف الأميركي وموقف حلفاء المعارضة عموما وبالتالي حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن على ما يشبه الغطاء لإطلاق معركة استعادة حلب بعد فوز دونالد ترمب، وأخيرا إثر تحول الموقف التركي من طرفٍ في الصراع وداعمٍ للمعارضة إلى وسيطٍ بينها وبين روسيا. وقد سارعت موسكو إلى الاستثمار سياسيا في التغييرات الميدانية التي قادتها على الساحة السورية وتمثلت بسقوط حلب في يدها، وكذلك في الغياب الكامل للولايات المتحدة عن المشهد الإقليمي نتيجة الحالة الانتقالية التي تعيشها بين إدارتين، فدعت إلى اجتماع سداسي يضم وزراء خارجية ودفاع كل من روسيا وتركيا وإيران، ولم تعطله حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة عشية انعقاده. وناقش المجتمعون مصير سوريا والحل السياسي فيها بغياب النظام الذي يدّعي تمثيلها، وخرجوا ببيان أطلقوا عليه اسم «إعلان موسكو» يتضمّن، كما قال لافروف، خارطة الحل السياسي في سوريا، ويشمل توسيع وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في حلب ليشمل الأراضي السورية كافة وجميع الأطراف، باستثناء جبهة فتح الشام «النصرة» وتنظيم الدولة. والتركيز على محاربة الإرهاب، والدفع باتجاه تسوية سياسية بين النظام والمعارضة تكون روسيا وتركيا وإيران الأطراف الضامنة لتنفيذها. وقد نص البيان الذي جرى نشر مضمونه على عدم «وجود حل عسكري للأزمة في سوريا». ورغم أجواء التفاؤل التي حاولت أن تبثها موسكو من خلال الإعلان عن خارطة الطريق لحل الأزمة السورية، والتي تحاول عبرها ترجمة تدخلها العسكري إلى نفوذ دبلوماسي لتأدية دور راعية عملية سلام بوصفها دولة عظمى، ما زالت العقبات التي تعترض التوصل إلى الحل المنشود غير متوافرة، بدليل وجود خلافات كبيرة بين أطراف الاتفاق الثلاثي نفسها. فالأسباب التي حالت دون تطبيق قرارات مجلس الأمن السابقة (خاصة القرارين 2118 و2254) والعقبات التي أدت إلى فشل مفاوضات جنيف 2 و3 ما زالت قائمة. كما أن أسئلة كبرى بحاجة إلى إجابات عنها، مثل: كيف يمكن إنهاء الصراع إذا ظلت روسيا وإيران مصرتين على بقاء الأسد بعد كل ما جرى؟ وكيف يمكن الحديث عن حل في غياب دور عربي؟ وماذا سيكون عليه الموقف الأميركي الذي بدا معزولا في ظل أخذ الدول الإقليمية الفاعلة في الصراع السوري زمام المبادرة بعيدا منه؟ وماذا سيكون موقف فصائل المعارضة المسلحة من طروحات الحل التي تركز على قضية الإرهاب، وتتناسى الأسباب التي أدت بالشعب السوري إلى الثورة والخروج على النظام؟ وفي ظل غياب إجابات حقيقية عن بعض هذه الأسئلة أو كلها، يصعب الحديث عن التوصل إلى حل قريب للصراع في سوريا، ما يعني أن الصراع سوف يستمر لفترة أطول ريثما تتوافر عوامل إنهائه بحدها الأدنى.;

مشاركة :