ليونيل ميسي في عام استثنائي

  • 12/23/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

كان 2016 عاماً مميزاً بالنسبة للأرجنتيني ليونيل ميسي. كانت البداية جيدة للغاية، حيث استمتع بأصداء التتويج بلقب كأس العالم للأندية FIFA للمرة الثالثة في مسيرته، وختمه أيضاً بمستوى عالي بعد تتويجه أفضل هداف في العالم خلال هذه السنة. بيد أن الأمر المثير للإهتمام والذي يجب تسليط الضوء عليه يوجد بين هذين الإنجازين، وتحديداً في لحظة كانت بمثابة نقطة التحول بالنسبة للبرغوث الأرجنتيني في الأشهر الـ12 الأخيرة: بطولة كوبا أمريكا المئوية في الولايات المتحدة الأمريكية. لغاية تلك اللحظة، كان كل شيء يسير بشكل طبيعي بالنسبة للنجم الأرجنتيني. مع نادي برشلونة، فاز بالدوري الأسباني للمرة الثامنة بعد أن ساهم بـ20 هدفاً و16 تمريرة حاسمة، مما سمح له بإنهاء الموسم في الصدارة إلى جانب زميله لويس سواريز. وخلال الموسم، تمكن بفضل تمريرتيه الحاسمتين لرفيقه سواريز في المباراة ضد ديبورتيفو لاكورونيا من تجاوز الرقم القياسي لعدد التمريرات الحاسمة في البطولة والذي كان بحوزة لاعب ريال مدريد السابق، ميشيل، برصيد 120 تمريرة. بالإضافة إلى كل هذا، وعلى الرغم من سقوط فريقه في الدور ربع النهائي من دوري أبطال أوروبا، فاز بكأس ملك أسبانيا وكأس السوبر الأسباني. أرض خصبة مع منتخب بلاده، بدا أن كل شيء يسير بنفس الطريقة الصحيحة. بعد أن غاب بسبب الإصابة عن المباريات الأربع الأولى في الطريق إلى كأس العالم روسيا 2018 FIFA، كانت عودته لخوض الجولتين التاليتين في مارس/آذار حاسمة، إذ تمكنت الأرجنتين من الفوز بمباراتيها ضد تشيلي وبوليفيا. وهكذا اقتحم المنتخب المراكز المؤهلة مباشرة إلى روسيا 2018. ثم جاء شهر يونيو/حزيران وبطولة كوبا أمريكا المئوية. هناك ظهر ميسي "بمظهر جديد": لحية قصيرة سيحتفظ بها بعد ذلك. بل وحتى أن الجماهير الأرجنتينية وزملائه في الفريق ساروا على نفس النهج، وأصبحت تمثل نوعاً من الطقوس. "جاءت بشكل عفوي وسأحافظ عليها حتى النهاية. سأحاول تسويتها وتهذيبها. إذا حففتها سيقتلونني،" قال ميسي بعد مباراة الدور ربع النهائي ضد فنزويلا. في ذلك اليوم أعطى تمريرة حاسمة جميلة لزميله جونزالو هيجواين ليصبح أفضل ممرّر في تاريخ المسابقة برصيد 8 تمريرات حاسمة. في الدور نصف النهائي ضد الولايات المتحدة، سجّل بركلة حرّة الهدف الذي جعله أفضل هداف في تاريخ منتخب بلاده، متجاوزاً مواطنه جابرييل باتيستوتا الذي كان قد سجّل 54 هدفاً. خلال هذه المرحلة من عام 2016، كان ينقصه فقط التتويج بلقب مع المنتخب الوطني للتخفيف من ألم المباريات النهائية التي خسرها في البرازيل 2014 وفي كوبا أمريكا 2015. "هذه المجموعة تستحق ذلك،" هو ما قاله بعد مباراة نصف النهائي. ضربة قاسية واعتزال اللعب في ظل الضغوط الملقاة على عاتقه، لم يظهر ميسي بأداء حاسم خلال 120 دقيقة من المباراة النهائية ضد تشيلي. لكن الأسوأ جاء بعد ذلك: أضاع ركلة الترجيح، وهو الأمر الذي عاشه بحزن عميق خلال اللحظات التي تلت نهاية المباراة. حيث أعلن في المنطقة المختلطة قائلاً: "انتهى الأمر، هذه هي نهاية مسيرتي مع المنتخب،" مضيفاً "أعتقد أن هذا في مصلحة الجميع. حاولت كثيراً. سأرحل دون التمكن من الفوز بلقب مع المنتخب." كان للخبر وقع الصدمة على عالم كرة القدم، ولكنه حشد الجماهير الأرجنتينية بشكل عام والعارفين بخبايا المستديرة الساحرة بشكل خاص. إذ تحولت الإنتقادات حول ضعفه في دور القيادة أو "لماذا لا يلعب المباريات النهائية مع الأرجنتين بشكل جيد كما يفعل مع برشلونة" إلى دعم واسع النطاق، وذلك إلى درجة أنه تم تنظيم والترويج لحملات كبيرة على شبكات التواصل الإجتماعية تطالبه بالعدول عن قراره... أما ميسي فقد أبان عن إشارات متضاربة. ففي ظهوره العلني الأول بعد تلك المباراة النهائية، ظهر بشعر أشقر للمرة الأولى في حياته. وهنا أوضح قائلاً: "وراء هذا المظهر الجديد هناك الكثير من الأمور: جنون اللحظة، ونوع من التغيير، والبداية من الصفر...إنها بداية جديدة بعد بطولة كوبا أمريكا التي خسرناها بركلات الترجيح." العودة ونهاية سنة ممتازة بعد تولي منصب المدرب خلفاً لخيراردو مارتينو، بدأ إدجاردو باوزا مباشرة العمل على تغيير رأي ليو. فبعد استرخائه وشعوره بالدعم اللامشروط، أعلن ميسي عن عودته في بيان: "دارت الكثير من الأمور في رأسي في يوم المباراة النهائية وفكرت جدياً في الإعتزال، ولكني أحب بلدي وهذا القميص كثيراً. أشكر كل هؤلاء الناس الذين يرغبون في مواصلتي اللعب مع الأرجنتين." وهكذا، ارتدى ميسي مرة أخرى قميص لا ألبيسيليستي دون أن يغيب عن أي مباراة. كان ذلك في شهر سبتمبر/أيلول خلال تصفيات كأس العالم FIFA ولعب هناك دوراً حاسماً: سجل هدف الفوز ضد أوروجواي. إذا كان هناك شيء ينقص لإثبات أهميته داخل الفريق كان غيابه بسبب الإصابة عن المباريات الثلاث التالية في التصفيات: حصدت الأرجنتين نقطتين فقط من أصل تسع نقاط ممكنة بعد تعادلين في فنزويلا وبيرو وخسارة على أرضها ضد باراجواي للمرة الأولى. وخلال الجولتين التاليتين في نوفمبر/تشرين الثاني، ظهر ميسي بمظهر جديد مرة أخرى: قام بتجديد وشم على ساقه اليسرى التي أصبحت مغطاة بشكل كامل تقريباً باللون الأسود. لم يتألق ضد البرازيل في بيلو هوريزونتي، ودق سقوط فريقه المدوي جرس الإنذار، ولكن بعد ذلك تكلف شخصياً بإيقافه بهدف وتمريرتين حاسمتين في المباراة ضد كولومبيا. وهكذا أنهت الأرجنتين هذا العام في المركز المؤهل إلى الملحق. وتوّج ميسي قصة شعره الأخيرة بعد تخلصه من اللون الأشقر بأداء رائع في مباراة الديربي الكاتالوني، حيث سجل هدفه رقم 59 الذي سمح له بإنهاء السنة كأفضل هداف للمرة الثالثة في مسيرته (51 مع برشلونة، 8 مع الأرجنتين). لعب ميسي دوراً مهماً وحاسماً مع فريقه ومنتخب بلاده، لهذا لا يستغرب أحد تواجده ضمن المرشحين النهائيين للظفر بجائزة FIFA لأفضل لاعب لعام 2016، حتى في سنة غريبة مثل هذه.

مشاركة :