إذا كنت قمت من قبل بـ"بث مباشر" لتصنع فيديو خاصاً بك على موقع فيسبوك، فستعرف أنه من الصعب أن تجعله يبدو جيداً. إذا كنت تُصَور باستخدام هاتفك الذكي، فعادةً ما ستكون الصور الناتجة، إلى حد ما، غير واضحة. وإذا كنت تتحدث إلى الكاميرا، فستجد أن الأشياء التي تود قولها تنفد منك بسرعة. ومع احتمال تسبب البث المباشر بمثل هذه الأخطاء، يمكنك تَخيل أن الأعمال التجارية الضخمة ستبتعد كثيراً عن مثل هذه الأمور. فلا ينبغي عليهم أن يتمسكوا بإنفاق أموالهم على إعلانات مستقرة بدلاً من إنفاقها على أمورٍ تحمل إمكانية المخاطرة ببثٍ محرجٍ -وتدمير سمعة العلامة التجارية- على فيسبوك أو تويتر؟ وبينما يحدث ذلك، فإن هناك عدداً متزايداً من الشركات التي تحاول بالفعل الانضمام إلى هذا العالم. وفقاً للخبراء، فإن ذلك يساعد الشركات على التواصل بشكل أفضل مع العملاء الذين يُحبون أن تُظهر الشركات قدراً أكبر من العفوية، وتعاملاً أكثر قرباً من الواقع. يقول سكوت كوتك، المدير الأول المسؤول عن وسائل الإعلام الرقمية والاجتماعية بشركة نيسان "نحن نريد الذهاب إلى حيث يريد الناس". وكانت الشركة قد قامت بإطلاق أكثر من 26 فيديو بث مباشر على مدار السنوات القليلة الماضية، وبُث ذلك على موقع فيسبوك بشكل رئيسي. وأضاف سكوت قائلاً "إن الشركة تسعى إلى القيام ببثٍ مباشر من معارض السيارات قدر الإمكان، وفي أثناء هذه الفيديوهات نرغب في أن يكون لدينا متخصصون في هذه المنتجات ليقدموا للعامة المعرفة اللازمة حول ما يشاهدونه". وبحسب كوتك، فإن استثمار الشركة في البث المباشر يُعد جزءاً مهماً في استراتيجية الشركة فيما يخص التواصل الاجتماعي. والبث المباشر يعتبر ركيزة أساسية أيضاً في شركة أسيكس اليابانية المتخصصة في الملابس والأحذية الرياضية. وعادةً ما تقوم الشركة بعمل بث مباشر من الأحداث الرياضية التي ترعاها، مثل ماراثون نيويورك، أو بطولات كرة الطائرة الشاطئية. وبدلاً من توظيف مراسلين رياضيين من أجل مهمة البث أو ترك تلك المهمة لموظفين بالشركة، تُوظف أسيكس بعض نجوم الرياضة، مثل كوين هاريسون بطلة الولايات المتحدة الأولمبية، من أجل إرشاد المشاهدين أثناء هذه الأحداث، وغالباً ما تُقدم لمحات خاطفة ومميزة من وراء الكواليس. وتقول ميا ماندلا من وكالة (Red Door Interactive) للتسويق، التي وظفتها أسيكس من أجل إدارة البث المباشر، إنها تساعد المشاهدين ليشعروا بأنهم أكثر انخراطاً في الأحداث الرياضية. تقول ميا "إن جيل هذه الألفية لديه ما يُعرف بالخوف من أن يفوته شيء، وما نريده هو أن نُفيد هذا الجمهور من خلال منحه تجربةً لا يمكنهم الحصول عليها". وأضافت "وعلى الرغم من ذلك، يجب على العلامات التجارية ألا تقوم بالبث لوقتٍ طويل، وذلك من أجل منع حدوث الأخطاء، وبدلاً من ذلك عليهم أن يتوجهوا للقيام بمقاطع صغيرة". ولكن ماذا عن القلق بشأن الكثير من مقاطع الفيديو التي تُبث من قِبل الشركات وتبدو غير متقنة؟ ويقول جيف بوياس، وهو مدون أسترالي مهتم بوسائل الإعلام الرقمي، إن ذلك لا يهم بشكل عام. وتابع "يحب الناس أن يروا محتوى يتميز بالأصالة على فيسبوك". وأردف "لا يرغب الناس في رؤية صور الأسهم أو ما يشبه ذلك. بالتأكيد ستكون مخاطرة كبيرة إذا حدث خطأ ما أثناء البث المباشر، ولكن الإيجابيات هنا أكثر من السلبيات". ويقول مستشار التسويق الرقمي في المملكة المتحدة نعوم تمبرلي، إن الشركات لا يجب أن تركز كثيراً في الحصول على أفضل جودة للمقاطع المصورة التي تبثها. وأضاف "إذا كنت تريد شيئاً لامعاً، فإن البث عبر الفيسبوك ليس لك، ولكني أراهن على أن معظم العلامات التجارية التي لديها قاعدة عملاء تستخدم الفيسبوك، لن تنزعج بسبب صورة الفيديو التي صُورت بشكل غير محترف". على الرغم من ذلك، تبذل الشركات ذات العلامات التجارية جهدها لكي تتأكد من أن جودة البث الحي بأفضل ما يمكن، مثل الشركة الأميركية لتصنيع المستحضرات التجميلية صاحبة العلامة التجارية "بنفت" Benefit. وبثت حتى الآن 31 فيديو بث حي على موقع فيسبوك، كما تُصور بعض الفيديوهات على نمط البرامج الحوارية. ومن خلال تقديمهم لخطوات استخدام مستحضرات التجميل، يمكنهم جذب عدد من المشاهدين يصل إلى 60 ألف مشاهد عبر البث الحي. تقول كلوديا أولوود، المديرة البارزة في قسم التسويق الرقمي لفرع شركة "بنفت" بالولايات المتحدة، إنهم قرروا بدء البث الحي بهدف المساعدة على إجابة تساؤلات العملاء بطريقة أسرع. وأوضحت "من وجهة النظر المتعلقة بالمحتوى، نرغب في التأكد من أنه يبدو ممتعاً وجذاباً، ولكن من الممكن أن يكون جاداً أيضاً". وأضافت أولوود قائلة "لقد تلقينا أسئلة من نساء يخضعن للعلاج الكيميائي، إذ يتساءلون عن أفضل الطرق لاستخدام مستحضرات التجميل، وهذا ما قد يجعل العرض يتجه نحو مس أوتار قلوبنا". وعلى الرغم من ذلك، في الوقت الذي يقول فيه الخبراء إن المشاهدين يمكنهم متابعة البث الحي متوسط الجودة، يواجه الجميع، بما فيهم كبرى الشركات، صعوبات في الحصول على الخدمة، التي تحدث في الغالب نتيجة إحدى المشكلات التقنية. وفي وقت سابق من هذا العام تسبب خطأ في عدم تمكن الآلاف من متابعة البث الحي لشبكة CBS عندما كانت تنقل فعاليات حفل جائزة "غرامي" الموسيقية. وفي نفس السياق، عانت شركة آبل من مشكلة مشابهة في عام 2014، عندما كانت تسدل الستار عن هاتفها آيفون 6 والساعة الذكية الملحقة به. حتى البيت الأبيض نفسه تأثر من خلل بالبث الحي في شهر مايو/أيار الماضي، وذلك خلال إلقاء الرئيس أوباما لأحد الخطابات. ثمة مشكلة أخرى ينبغي على الساسة والشركات أن يحذروا منها عند البث الحي، التي تكمن في التعليقات الساخرة أو الخبيثة أسفل الفيديو. وقد نال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند نصيبه من تلك المشكلة في مارس/آذار الماضي، عندما اتهمه بعض الأشخاص بزيادة وزنه، وما هو أسوأ من ذلك. ومن الممكن إلغاء خاصية التعليق أو الإعجاب على فيديوهات البث الحي بموقع فيسبوك، غير أن ذلك سيتسبب في إلغاء ميزة مهمة لخدمة البث الحي، التي تتمثل في منح الفرصة لزيادة التواصل مع المصوتين أو المستهلكين. وعلى الرغم من تلك المخاطر، تمتلك الشركات الكبرى، مثل "بنفت" و"نيسان"، في الوقت الحالي فرقاً تعمل تحت تصرفها من أجل تسيير خدمة البث الحي. كما يتزايد عدد التجار الذين يعملون فرادى، وعدد الشركات الصغيرة التي تحاول تجربة حظها بدون تكاليف إضافية، إذ إنهم في الغالب لا يحتاجون سوى شراء حامل كاميرا ثلاثي، والهاتف الذكي الذي يمتلكونه، وميكروفون خارجي. وتقول أماندا ريفيرا، وهي خبيرة استراتيجيات العلاقات العامة والبث الحي من نيويورك: "أعتقد أنها فرصة ممتازة لبناء عوامل المعرفة والإعجاب والثقة مع المجتمع الخاص بك". وأضافت: "لست في حاجة لإجراء جلسة بث حي تستمر لساعة على موقع فيسبوك أو عبر تطبيق بيريسكوب (للتواصل والبث الحي)، بل يمكنك أن تُجري جلسات (بث حي) تستمر لخمس دقائق فقط". ولكن هل تؤدي خدمة البث الحي إلى زيادة مبيعات الشركة؟ في ظل الأعمال التسويقية الأخرى التي تُجريها الشركات بثبات، من الصعب أن نقول ذلك. وتقول ناعومي تيمبرلي، إن الشركات ينبغي أن تحمل نظرة بعيدة المدى. وأوضحت قائلة: "إن كثيراً من الحملات (الخاصة بالبث الحي) على مواقع التواصل الاجتماعي تضطلع بمهمة التوعية بالعلامة التجارية، بغض النظر عن حجم المبيعات". وأضافت تيمبرلي: "تأتي الإيرادات في المرتبة الثانية. إنها لا تشكل طريقة سريعة للربح. فعليك أن تستثمر كثيراً من الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى التجارب، وتتحرى ما الذي ينفع شركتك". هذا الموضوع مترجم عن شبكة BBC البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .
مشاركة :