«(أخضر يابس) هو محاولة للمزج ما بين ذلك الإيقاع المُتأمل الهادئ الذي يُبحر بنا إلى الروح، وما بين ذلك الإيقاع اليومي الروتيني شديد الحسية والذي يدعو في نظري إلى الكثير من الرثاء». هكذا وصف المخرج محمد حماد، الحائز جائزة أفضل مخرج من مسابقة «المهر الطويل» في مهرجان دبي السينمائي الدولي الأخير، فيلمه «أخضر يابس» الحاصل على الجائزة. وقال حماد في تصريح خاص لـ «الراي»: «لا أجدني متحمساً لصناعة فيلم مكتظ بالأحداث، فالحدث في (أخضر يابس) غير ذي أهمية ولا يصنع دراما حقيقية، وإنما هو مجرد إطار وتَكِئة للعبور إلى النفس البشرية ومشاعرها المختلطة والمتضاربة أحياناً، تلك المنطقة الغامضة التي لا يسعنا النفاذ إليها إلا بالتأمل واقتفاء أثر التفاصيل الصغيرة». ومضى حماد يقول: «لم يكن بالمقدور الحصول على خدمات تطوعية لتمثيل أدوار الفيلم من نجوم أو ممثلين محترفين أو حتى هواة، ولم يتسن لي إقناع أي منهم بالمشاركة في الفيلم كشركاء أو انتظار أجور مؤجلة يمكن توفيرها لاحقاً، فكان الحل الوحيد أمامي هو الاستعانة بأفراد من عائلتي وأصدقائي الذين رأيت فيهم استعداداً للتمثيل، وبالطبع تطلب ذلك الأمر ورشاً تدريبية مكثفة، ثم العديد والعديد من البروفات، والتجهيز والصبر والمجهود الوافر الذي لا ينتظر النتائج السريعة، والآن أستطيع القول إن ثمة رضا عن تجربة التمثيل في مجملها لدى طاقم العمل. وهذا بالتحديد ما يجعل الفيلم الآن مدعاة فخر لصنّاعه، بكونه فيلماً تم تحقيقه بجهود الأصدقاء والعائلة». وعن الأماكن التي جرى فيها تصوير الفيلم، قال حماد: «منذ المراحل الأولى لكتابة السيناريو كان التفكير الإنتاجي حاضراً وبشدة في ذهني، فتم تصميم سيناريو الفيلم ليتحرك في أماكن تصوير محدودة ومتاحة من الممكن توفيرها، وذلك لأن الافتقار الشديد للموارد المالية يقضي تماماً على رفاهية توسيع دائرة أماكن التصوير، وكان الاعتماد شبه كامل في التصوير الداخلي على أماكن تصوير خاصة بطاقم عمل الفيلم أو تتبع ملكيتها لعائلاتهم أو أصدقائهم المقربين ولهم كل الشكر على ذلك الدعم، بيد أن التصوير الخارجي كان في مُجمله معضلة وأزمة كبيرة، وذلك لافتقاد الفيلم لأي تصاريح حكومية رسمية للتصوير، لذا كان الإقدام على التصوير نوعاً من المجازفة غير المحسوبة، ولكنها الضرورة والرغبة الملحة لصنع فيلم، هي من فرضت نفسها وقالت كلمتها ونجحت في إنهائها مع نهاية آخر يوم للتصوير».
مشاركة :