ليس كثيراً على عاصمة الثقافة العربية أن تحتضن مجمع اللغة العربية، فصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، حاكم الشارقة، هو الذي أوقد مشاعل العلم والمعرفة في ميادين الشارقة، وأقام بيوت الشعر في العواصم العربية. واللغة العربية هي لغة دولة الإمارات الرسمية، فمهما تزاحمها اللغات في عقر دارها، فإنها تبقى ضاربة جذورها في أرض العروبة، ولا تموت تلك الجذور العريقة ولو ذبلت الأوراق وتساقطت، بسبب عوامل الخريف، خريف الإهمال والاستهانة، فالخريف يعقبه الربيع، والمهم ألا نفقد الأمل. إن قرار إنشاء مجمع اللغة العربية في الشارقة قرار صائب من غير شك، فالشارقة هي شارقة منشورات القاسمي، وهي معرض الكتاب الدولي الأكبر في الشرق الأوسط، وهي حاضنة المتاحف العلمية والتراثية، والشارقة موطن حاكمها العالم والمؤرخ والوطني الغيور الشيخ الدكتور سلطان القاسمي الذي يعزف على وتر الوطنية الحساسة المفقودة في كثير من ولاة الأمور في هذا الزمان. والمجمع ليس فخراً للشارقة فقط، بل للإمارات كلها، ولا سيما أن الاهتمام باللغة العربية والكتاب هو محط عناية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أصدر قراره بالاهتمام بالقراءة، والعربية قبلة رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الحاكم الذي أمر بإصدار معجم محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة، وأنشأ جائزة سنوية للغة العربية، وأمر بعقد مؤتمر سنوي للغة العربية تشارك فيه أقطار العالم. نعم.. وتحتاج اللغة العربية إلى تجديد الدم من خلال تدوينها، وتحديث مفرداتها، لأنها قد تنقرض في زحمة اللغات الوافدة واللهجات المختلفة المنتشرة هنا وهناك كالفيروس. أجل، ولغة القرآن الكريم لغة خالدة لا تنقرض ما دام القرآن يتلى على مسامعنا عبر حناجر البراعم الصغار، لكن القصد أن الأجيال المتعاقبة تحتاج إلى تقريب المعنى إليها وتحبيب العربية إلى نفوسها، فالأطفال بقلوبهم الناصعة قد يُطبعون على حب اللغات الأخرى المنافسة إذا لم يجدوا الجرعة الكافية ضد الفيروس القادم في الوقت المناسب. من أجل ذلك، فإن مجمع اللغة العربية في الشارقة، أو معجم محمد بن راشد للغة العربية المعاصرة، مهمته، أو مهمتهما استيعاب المفردات التي لم تشملها المعاجم والمجاميع السابقة، ولا سيما أن بيئتنا الإماراتية والخليجية بشكل عام، زاخرة بالكثير من المفردات الفصيحة والأصلية. فأسأل الله تعالى لهم التوفيق.
مشاركة :