على المسرح الرئيس لمهرجان حكايا مسك، اصطف ثلاثة من أبناء أحد الجنود البواسل في الحد الجنوبي، ليفاجئهم المذيع الداخلي للمسرح، بصوت أبيهم يأتيهم عبر الأثير. صمت الأبناء الثلاثة لثوانٍ معدودة جراء المفاجأة، فبادرهم الجمهور بالتصفيق الحار لهم ولأبيهم، الذي أكد أنه يشعر بالفخر وهو يدافع عن تراب الوطن. واستحضر المهرجان الذي يقام هذه الأيام على ارض معارض الظهران بالخبر، قصصاً من الكفاح والنضال البطولي، سطرها مرابطون في الحد الجنوبي. وأظهرت قصص حكايا.. المرابطين، التي صفق لها الجميع احتراماً وإجلالاً، شجاعة نادرة وتضحيات جسام، كانت حديث زوار المهرجان ووسائل الإعلام، التي أشادت بفكرة أن يكون للجنود البواسل وذويهم نصيب في المهرجان. صمت جميع الحضور، عندما تحدث فهد الزيلعي أحد المصابين في الحد الجنوبي، عن قصة نضاله، وكيف أصيب في أحد أيام رمضان، ويقول: أنا متزوج، ولدي خمسة أطفال، تركتهم ولبيت نداء الوطن، فمن حظي أن أكون أحد الجنود المرابطين في الخطوط الأمامية، بصحبة زملاء كانوا سعداء للسبب نفسه. ويواصل الزيلعي: تعرضت لإصابة شديدة في الرأس واليد، بقذيفة استهدفتنا قبيل موعد الإفطار، مضيفاً: لم أكن المصاب الوحيد، فقد تعرض ثلاثة آخرين لإصابات متفاوتة، كنا اتفقنا في ما بيننا قبل الإصابة، أن يتناول اثنان منا الإفطار، فيما يراقب الآخران ساحة القتال، ثم نتبادل الأدوار، ولكن شاء الله أن نصاب جميعا في الهجوم، واستشهد أحدنا. واستجمع الزيلعي قواه وهو يتذكر ردة فعل والديه على إصابته: لمست فيهما صموداً وفخراً غير معتاد، ليس لسبب سوى أن هذه الإصابة وقعت لي أثناء الدفاع عن الوطن، أما عن نفسي، فقد كرهت إصابتي، لأنها أبعدتني عن ساحة القتال. قصة كفاح أخرى من الحد الجنوبي، انسالت تفاصيلها على لسان غرم البيشي، الذي قرر أن يفعل شيئاً لرفع معنويات الجنود البواسل، يقول: قمت بأربع زيارات إلى الجنود، ووصلت إلى الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه كزائر، وكان التواصل أحيانا بيني وبين أفراد الجيش عبر الجهاز اللاسلكي، الجميع كانوا يتمتعون بروح عالية ممزوجة بالعزيمة. في هذه الأثناء تمنيت -حقيقة- أن أكون أحدهم. ويضيف رأيت بعيني أحد الجنود أصيب وأمر الضابط بعودته من ساحة القتال، لكنه رفض، وأبى الا أن يكون مع زملائه، الذين كانوا يصدون هجوماً مباغتا للأعداء، ولم تمر ساعات إلا واستشهد هذا الجندي في ساحة القتال.
مشاركة :