الثورات كالبراكين تختبرالشعوب والنخب، وقد كشفت ثورتا 25 يناير و30 يونيو النخب المصرية «المدنية والإسلامية»، حيث عجزت عن مواكبة الفعل الثوري -والاستجابة لمطالب الشباب-، الذي توقف دوره عند11 فبراير 2011 بإسقاط نظام «مبارك» لتبدأ النخب الصراع لحصد ثمار الثورة، حتى إن البعض أكد أن الشعب صنع الثورة لكن المثقفين خنقوا روحها، وكشفت الأحداث على مدار ثلاث سنوات عجز وضعف النخبة المصرية بكل مكوناتها، وأنها أصبحت لا تستطيع القيادة واعتمدت على وجود عوامل مساعدة مثل المؤسسة العسكرية، وتارة أخرى بالتزلف للشباب الثورى، وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية جسد تعاطي النخبة المصرية مع الحدث الثوري غياب الثقة بين جناحي النخبة «المدنية» و»الإسلامية «ومزايدة كل طرف على الآخر، حيث لجأت «الإسلامية» خلال المرحلة الانتقالية الأولى إلى المؤسسة العسكرية لإنجاز الإعلان الدستوري الأول بهدف الوصول إلى السلطة، فيما وقفت النخب المدنية معارضة لهذا، وطالبت بالدستور أولاً. وانعكست الصورة مرة أخرى مع ثورة 30 يونيو حينما عزل الشعب المصري الرئيس محمد مرسي، حيث تحالفت النخب المدنية مع المؤسسة العسكرية بعد أن عجزت عن قيادة الجماهير ومواجهة حكم الإسلاميين عبر الصناديق، لتظل النخب تدور في حلقة مفرغة دون امتلاك أدوات ومقومات القيادة. اتهامات متبادلة ووسط الجدل والاتهامات المتبادلة بين الطرفين لجأت النخب إلى إدارة معارك وهمية بتبنى قضايا هامشية وتخلت عن دورها في إحداث التغيير، حيث دعا البعض منهم إلى حشد الشارع لمليونيات ووقفات ومسيرات لإطلاق سراح ناشط أو لمقتله، وهو ما جعل سفير إثيوبيا السابق في القاهرة والمدير العام لإدارة الموارد عبر الحدود بوزارة الخارجية الإثيوبية إبراهيم إدريس ليؤكد أن النخب السياسية المصرية لا تهتم بالأمور الفنية أو تأثير سد النهضة المرتقب، ولكنها تسعى لاستغلال هذه الأزمة لخدمة أهدافها السياسية. وشهدت مرحلة الإعداد للدستور المصري خلافات حادة بين النخب، حيث ارتفعت حناجر بعضهم للمطالبة بالحريات المسلوبة وسط تأكيدات بانتهاكها، بينما رأى البعض الآخر تطبيق فهمه لـ»شرع الله» فى أهل مصر، فى الوقت الذى وجد آخرون الطريق ممهدًا للمطالبات الفئوية لبعض الفئات، ووقف المواطن عاجزًا أمام التحول فى المواقف بشكل لا يفصل عنها أيام. أزمة النخب المصرية وصفت بـ»الشيزوفرينيا»، والتي تعاني مرض الانفصال عن واقع المشكلات التي يعاني منها المواطن المصري كرغيف الخبز والعشوائيات والفقر والصحة والانشغال عبر البرامج الحوارية بالفضائيات عن حقوق النشطاء والتحول الديمقراطي. من ناحية أخرى لجأ البعض الآخر من النخب إلى مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و»تويتر» عبر إطلالته الصباحية والمسائية بكلمات ربما لا تتجاوز العشر، خاصة الذين أزاحتهم ثورة 30 يونيو، وقد تغيرت مواقفهم قبل الثورة وبعدها، كما أن البعض الآخر اهتم بتوقيف رجل أعمال على سلم الطائرة وأفرد لها المساحات والأيام، ولم يتطرق يومًا لأزمة أنابيب الغاز أو حتى طوابير المحروقات. أزمة نخب الخبير الإستراتيجى اللواء محمد عبدالعزيز يرى أن مصر تعيش حاليًا مرحلة تحول فى مختلف النواحي، وقال: لا نستطيع إنكار أن هناك مشكلات وعوائق وتجاوزات، لكنها لم تصل إلى الظاهرة التى يجب توجيه كافة أنظار الشعب والحكومة إليها، ولدينا دولة تتشكل وتحتاج منا إلى عصارة أفكارنا وتوجيه شعبي للاختيار، مشيرًا إلى أن غالبية ما يطلق عليهم النخب السياسية على مختلف مكوناتها المدنية والإسلامية والعلمانية أصبحت تعيش فى أزمة عدم اتزان، فتجدها تارة مع، وتارة أخرى تجدها ضد، وأكد اللواء عبدالعزيز أن الوطن يعيش الآن أزمة نخب، وهو ما يضر بمستقبل وأمن البلاد، حيث إنه من الضروري أن يشكلوا وعي المجتمع لا أن يجعلوه في حالة متأرجحة، وأشار اللواء محمد عبدالعزيز أن الشعب المصري عقب ثورة 25 يناير منح عقله وقلبه وأذنه للنخب السياسية التى سيطرت على المشهد السياسي خلال هذه الفترة،
مشاركة :