الدوحة - الراية: كشفت قناة الجزيرة عبر برنامجها الاستقصائي الذي بثته مساء أمس عن حقائق صادمة تؤكد تورط الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح ودول إقليمية من بينها إيران في تسليم اليمن وأسلحة الجيش اليمني إلى جماعة "أنصار الله" الحوثية عبر مخطط منظم خلال الحروب الست السابقة مع الجماعة وأيضاً في العام 2013 بعدما نزل الحوثيون من صعدة واحتلوا العاصمة صنعاء وسيطروا على القصر الرئاسي ووضعوا الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية وسيطروا على كافة مفاصل الدولة ومن ثم انتقلوا للسيطرة على باقي أجزاء اليمن وتوجهوا بأسلحتهم نحو عدن من أجل بسط السيطرة الكلية على البلاد واختطاف اليمن لتحقيق مآربهم الشخصية. فكثير من التساؤلات أثيرت عن قوة الحوثيين العسكرية وقدرتهم على ابتلاعِ اليمن كاملاً، وهم مجموعةٌ لا يزيد تعدادها عند نشأتها على بضعة آلاف، في مواجهة ما كان يوصف بأنه أقوى خامس جيش عربي. كان البحث في هذا الملف شائكاً لما فيه من تداخلات محلية وإقليمية وخطورة الوصولِ إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والأماكن التي يخبئون فيها السلاح، إضافة إلى توزع اللاعبين الأساسيين في هذا الملف على عدة مناطق متباعدة جغرافياً. كل المؤشرات كانت تقود إلى معلومات سرية، تخفي خيوط هذا التحقيق، في البداية واجه طاقم الجزيرة مجموعة من الفرضيات عن حجم هذا السلاح، وكيف وصل إلى ميليشيا الحوثي؟ وما دور الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وبعض الدول الإقليمية في ذلك؟ وما مصيرُ هذا السلاح الآن؟ فيلم السلاح المنهوب الجزيرة تفتح لأول مرة ملف سلاح الدولة اليمنية المنهوب، وتكشف تفاصيل سرقة الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح للأسلحة من مخازن الجيش بعد انقلابهم على حكومة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، حيث حصلت الجزيرة على اتصالات سرية ومقاطع مصورة، ووثائق نشرتها لأول مرة، تُظهِر نهب الحوثيين للأسلحة الثقيلة والصواريخ، وقدرتهم العسكرية الحقيقية. التحريض على القشيبي أول الاتصالات التي حصلت عليها الجزيرة، تكشف محادثة لعلي صالح مع الشيخ كهلان أبو شوارب محافظ عمران السابق المقرب منه، يحرّض فيه بشكل مباشر على قائد اللواء 310 العميد حميد القشيبي، وقد سجلت هذه المكالمات بين يوليو وسبتمبر 2014. قام الحوثيون كما كان يريد المخلوع بتصفية القشيبي الذي أعلن انضمامه لثورةِ الشباب الشعبية التي أطاحت بصالح من السلطة عام 2011، واقتحموا في يوليو 2014 عمران واستولوا على سلاح اللواء 310 وجميع ألوية المحافظة، ما شكل نقطة تحول رئيسية لصالح الجماعة المتمردة، وضاعف من قدراتها التسليحية ليغدو طريق صنعاء بعدها ممهداً. رفض هيكلة الجيش يبرز اتصال مسرب بين الرئيس المخلوع والصحفي المقرب منه نبيل الصوفي، امتعاض صالح من هيكلة الجيش التي أطاحت بنجله وأقربائه من قيادة القوات المسلحة، وهنا بدأ صالح بالإيعاز للقادة الموالين له بالتمرد، وبدأ خطته لتسريب سلاح الحرس لميليشيا الحوثي انتقاماً من السلطة الشرعية. ما حصلت عليه الجزيرة من تسجيلات لقيادات ميدانية في جماعة الحوثي لا يتوقف عند نهب السلاح، وإنما يفصل أيضاً في أنواعه وكمياته، وفق ما تظهره هذه التسجيلات النادرة بين قيادات عليا في ميليشيا الحوثي، كانوا يستخدمون كناهم بدلاً من أسمائهم الحقيقية، لكنهم على اتصال مباشر مع زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي. أماكن التخزين توضح هذه الاتصالات بين القيادات الميدانية لجماعة الحوثي وسجلت ما بين يوليو وسبتمبر 2014، بعض أماكن تخزين السلاح المنهوب والوقت المناسب لنقله، لتجنب توثيق ذلك من قبل المواطنين أو استهدافه بالطائرات. الاستخفاف بحاشد حرّض المخلوع قبائل حاشد على تسليم العاصمة للحوثيين وترك عائلة الأحمر تواجه مصيرها بيدها، ويظهر تسجيل مسرب استخفاف صالح بأكبر قبائل اليمن "حاشد" والتي تحيط بالعاصمة صنعاء، ويدعو في المكالمة الهاتفية مع "الشيخ مبخوت المشرقي" أحد وجهاء حاشد المقربين منه بالسماح للحوثيين بدخول صنعاء وترك آل الأحمر لمواجهة مصيرهم مع الحوثيين، وهو ما استجاب له المشرقي ليتم بعد ذلك دخول الحوثيين صنعاء ونجاح الانقلاب على السلطة الشرعية. اقتحام صنعاء يكشف هذا التسجيل كيف استغل الحوثيون الاحتجاجات الشعبية لاقتحام صنعاء ونيتهم تصفية الرئيس عبدربه منصور هادي. كما يكشف أيضاً سيطرتهم على سلاح الطيران ونيتهم استخدامه ضد معارضيهم قبل أن تنطلق عاصفة الحزم وتدمر قدراتهم الجوية. ولقد عمل صالح والموالون له على تسهيل مهمة القيادات الحوثية الجديدة، لتستكمل انقلابها وسيطرتها على مفاصل الدولة. مصادر تسليح الحوثيين لعل أهم مصادر تسليح الحوثيين هي الحروب الست المفترضة بين صالح والحوثيين طيلة ست سنوات كانت تشتعل دون مبرر، لتتوقف بعدها بقرار من الرئيس المخلوع ينقذ به الحوثيين من حسم عسكري، بينما شهدت الحرب السادسة مواجهات هي الأولى من نوعها بين الحوثيين والقوات السعودية، قبل أن تنتهي هي الأخرى بأمر من صالح. وهنا أفادت شهادات ضباط شاركوا في هذه الحروب أن صالح كان يزج بوحدات عسكرية محددة في المعارك، بينما يقوم بذات الوقت بدعم الحوثيين لإضعاف الوحدات الوطنية في الجيش لصالح الحرس الجمهوري، وكانت نتيجة الحروب الست تحول جماعة الحوثي إلى جيش صغير يمتلك مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة. أسلحة الجيش اليمني حاولت الجزيرة معرفة حجم السلاح الذي تكدس في مستودعات الحوثيين، غير أن صعوبة المهمة دفعتنا لحصر عتاد الجيش اليمني أولاً، بحثنا في الوثائق التي وصلتنا، فوجدنا وثيقة تحمل الرقم عشرة في تقرير هام صدر عن الأمم المتحدة يفيد بأن اليمن استلم 384 دبابة بين عامي 1994 و2013، وخمسمئة مركبة قتالية مدرعة، إضافة إلى 75 مقاتلة ونحو مئتي نظام دفاع جوي وآلاف القذائف المتنوعة، يُضاف إليها نحو ثلاثمئة صاروخ باليستي، كما أشارت وثائق أخرى. تكشف التسجيلات والتقارير والوثائق أن كميات الأسلحة التي نهبها الحوثيون كانت كبيرة، فمن بين سبع مناطق عسكرية موزعة على الخريطة اليمنية، استولى الحوثيون على أربع منها هي الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة، علماً بأن هذه هي أكثرُ المناطقِ العسكرية تسليحاً وعتاداً، وتتركز فيها القوة النوعية والصاروخية للجيش اليمني. أسلحة الحرس الجمهوري في سياق البحث عن السلاح المنهوب من قبل الحوثيين، برز سؤال حول العتاد العسكري الذي حصلوا عليه من ألوية الحرس الجمهوري التي اهتم علي صالح ونجله أحمد بتجهيزها بأفضل السلاح والعتاد. الحوثيون أدركوا ذلك، فانغمست عناصرهم داخل هذه الألوية، ومن أبرزها: أبوعلي الحاكم الذي كان ضابطاً كبيراً في الحرس، ويُعد حالياً أحد القيادات الميدانية لجماعة الحوثي. تم إلغاء الحرس الجمهوري من قبل الرئيس منصور هادي في ديسمبر 2012، ودمجت وحداته في القوات البرية التي تتكون من حوالي 17 لواء، منها صواريخ ودبابات ومشاة. لكن قادة الجيش من أقرباء صالح حاولوا التمرد على القرارات الجديدة، وقاموا بتوجيهات من صالح بتسريب أسلحة الحرس إلى ميليشيا الحوثي. الصواريخ فرضت قدرات الحوثيينِ الصاروخية نفسها على هذا التحقيق بعد التطور اللافت في كفاءتها، حيث بدأت بمدى تراوح بين سبعين وثلاثمئة كيلومتر، لتتجاوز بعد ذلك ثمانمئة كيلومتر، ولتكون قادرة على استهداف مدن سعودية بعيدة. وشكل إطلاق صاروخ باليستي باتجاه مكة المكرمة في أكتوبر 2016 دليلاً على تطور الترسانة الصاروخية للحوثيين، لتعترضه قوات التحالف العربي بقيادة السعودية على بعد 65 كيلومتراً من المدينة المقدسة، ليلفت انتباه العالم لخطورة السلاح الذي بات في حوزة جماعة الحوثي وقوات صالح التي استولت على الدولة اليمنية يوم 21 من سبتمبر 2014. السلاح الإيراني الجزيرة حملت ملف الصواريخ اليمنية وتم عرضه على خبراء أكدوا عجز كوادر ميليشيا الحوثي عن تشغيل هذه المنظومات، لأنها تتطلب خبرات وإمكانيات عسكرية كبيرة، وأشاروا إلى دخول أنواع جديدة من الصواريخ المطورة إيرانياً إلى ساحة المعركة، أبرزها بركان1 والذي يصل مداه لثمانمئة كيلومتر برأس متفجر يبلغ نصف طن، إضافة إلى صواريخ زلزال وقاهر وصمود. وتتطلب صناعة الصواريخ تجهيزات عالية التقنية، كالمحرك القادر على حمل الرأس المتفجر، كما تحتاج إلى رأس حربي شديد الانفجار كثير الشظايا، وهي تقنيات عملت إيران على تطويرها خلال العقود الماضية، وباتت تفاخر بالخبرات التي راكمتها، وبدأت بتصديرها إلى الأنظمة والميليشيات الموالية لها في المنطقة، بل إن مسؤولين إيرانيين أعلنوا نية طهران فتح قواعد عسكرية لها في اليمن وسوريا.
مشاركة :