في عالم الموسيقى والغناء لا يمثل الموت عقبة أمام استمرارية النجومية أو زيادة مبيعات التسجيلات الغنائية. ومن بين نجوم الغناء الذين لا يزالون يحتفظون بالشهرة والنجومية بعد وفاتهم جيم موريسون وجانس جوبلين وبوب مارلي وجيمي هندريكس، حيث كسبوا أجيالاً جديدة من المعجبين وملايين الدولارات من عائدات حق الأداء العلني، ومن رسوم تراخيص توزيع ألبومات أغانيهم، حتى بعد مرور سنوات كثيرة على مغادرتهم حياتنا الدنيا، حسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية. وبفضل المحفوظات الكبيرة من تسجيلات الاستوديو، صدر للمغني هندريكس عدد من الألبومات بعد وفاته يعادل أربعة أمثال ما صدر له أثناء حياته، واحتل ألبومه الأخير «الناس والجحيم والملائكة» المرتبة الثانية في مؤشر بيلبورد الذي يقيس شعبية وحجم مبيعات الألبومات الغنائية لعام 2013، على الرغم من مرور 43 عامًا على وفاته. ويقول جيف جامبول الذي يصف نفسه بأنه «مدير أعمال تركة نجوم غناء البوب»، وأدار ممتلكات المغنيين المتوفين جوبلين وموريسون ومايكل جاكسون وآخرين، «إن ديفيد باوي وبرنس لديهما أيضًا إمكانات كبيرة في مواصلة إنتاج الألبومات الخاصة بهما وزيادة العائدات رغم وفاتهما». ويضيف: «إن الفن العظيم يكتب له الحياة، ونأمل أن يكون ذلك إلى الأبد». ويتوقف استمرار هذا الفن في الحياة على القرارات التي يتخذها أولئك الذين يديرون تركة المغني وإصدار ألبوماته والترويج له بعد وفاته. وعمل باوي وكان أيضًا رجل أعمال يشتهر بالمهارة على أن تظل امتيازات وحقوق أعماله الفنية في عهدة أسرته، غير أنه خول مدير أعماله الذي استمر معه لفترة طويلة مهمة الإدارة، وتقدر قيمة ممتلكاته بأكثر من 100 مليون دولار، ويشير جامبول إلى أن هذه القيمة يمكن أن ترتفع لتصل إلى «عشرات المئات من ملايين الدولارات» من إيرادات مستقبلية. وفي إطار توضيح هذه النقطة قال توني فيسكونتي الذي عمل لوقت طويل في إنتاج أعمال باوي لمحطة (بي بي سي) إنه «يعلم شخصيًا» بأنه يوجد مزيد من الأغاني التي لم تصدر بعد وسيتم إعدادها في ألبومات لتوزيعها، ملمحًا إلى أنه سيتم إصدار «كثير من الأغاني الرائعة» للفنان الراحل في 2017. ويتردد أن باوي ترك خططًا لإصدار مجموعات من المختارات الغنائية بعد سنوات من وفاته، وأصدر مدير أعماله بالفعل مجموعة من الأغاني المختارة في ألبوم بعنوان «تركة»، يضم أغنيته المفردة «الحياة على المريخ؟» التي أذيعت عام 1971، ولكن بتوزيع موسيقي جديد من منتجها الأصلي كين سكوت، إلى جانب ألبوم يضم أغاني المسرحية الموسيقية «لازاروس» التي عرضت في برودواي والتي لحنها باوي، وتعد أحد آخر أعماله الفنية التي أكملها قبل وفاته، ويضم الألبوم ثلاث أغنيات جديدة يؤديها باوي بنفسه. وبالمثل لم يسمع العالم آخر أغاني برنس، فقد ترك هذا الفنان كنزًا ممتلئًا بالأغاني التي لم تذع، غير أنه من الواضح أنه لم يترك وصية تحدد كيفية التصرف فيها ربما بسبب موته المفاجئ، تاركا أعماله الفنية التي تقدر قيمتها بنحو 300 مليون دولار قبل الضرائب لشقيقته تيكا ولخمسة من الأخوة غير الأشقاء، وذلك بعد أن رفض قاض قبول أحقية عشرات من المطالبين بالمشاركة في الإرث. ويشمل هذا الإرث مجمع التسجيلات الغنائية لبرنس المعروف باسم «بيسلي بارك»، والذي تم افتتاحه كمتحف يصور حياة هذا الفنان وعمله، كما يشمل ألبومين جديدين هما «برنس إلى الأبد» الذي أصدرته شركة «وارنر ميوزيك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والثاني هو إعادة إصدار لألبومه بعنوان «1999» في العام المقبل 2017. وهناك إمكانية لإصدارات أخرى كثيرة، حيث يتفاوض ممثلون عن تركة برنس الفنية مع شركات للتسجيلات الغنائية للحصول على حقوق إصدار أغانيه التي لم تذع بعد، وتردد أن قيمة تراخيص هذه الحقوق تبلغ 35 مليون دولار. وقالت شقيقته تيكا نيلسون، لمجلة «إنترتينمنت تونايت» الأميركية، أي الترفيه الليلة، المتخصصة في برامج التلفاز الترفيهية: «سنقوم بإعادة إذاعة هذه الأغاني وإعادة توزيعها وإصدارها». بينما يقول المحامي دونالد ديفيد الذي أدار الإرث الغنائي لمغني الراب توباك شاكور: «ستسمعون ألبومات جديدة لم تذع لبرنس خلال العشرين عاما المقبلة في حالة إدارة إرثه بشكل جيد». غير أن ما يعنيه تعبير «الإدارة بشكل جيد» يثير حالة من الجدل. ويقول جامبول: «إنك يمكن أن تكون مثل الطائر الجارح الذي يحوم حول فريسته بحثًا عن قطعة من اللحم القرمزي اللون ليلتهمها، وبعض الأشخاص يبحثون فقط عن طرق لجمع الدولارات، وأعتقد أن ذلك المسلك يؤدي إلى تحلل الجسم». ويحتاج ورثة الأعمال الغنائية إلى اتخاذ قرارات لا تتعلق فقط بما إذا كان سيتم إصدار أغان قد يكون أصحابها الفنانون قد حجبوها عن الإذاعة لسبب ما، ولكن أيضًا حول تقدير القيمة المادية المناسبة لاستغلال هذه الأعمال من أجل تحقيق الأرباح. وعلى سبيل المثال وقع ورثة بوب مارلي نجم الأغاني الشعبية المأخوذة من التراث الفني لجامايكا اتفاقًا لمنح التراخيص لشركة لإنتاج وتوزيع مخدر الماريغوانا المرخص به قانونًا في بعض الولايات الأميركية تحت اسم «مارلي»، الأمر الذي أثار موجة من الانتقادات والاتهامات «ببيع ثقافة جامايكا»، كما ظهر مايكل جاكسون في صورة مجسمة في حفل توزيع «جوائز بيلبورد الغنائية» في عرض وصفه بعض المعجبين به بأنه «غريب ومثير للخوف». وأضاف منزل نجم الروك الأميركي الراحل ألفيس بريسلي المعروف باسم جريسلاند بمدينة ممفيس بولاية تينيسي، والذي يعد منذ فترة طويلة مزارا مهما للمعجبين بفنه، فندقا يضم 450 غرفة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهناك خطط لإقامة مجمع للترفيه بجواره على مساحة 20 ألف متر مربع عام 2017. ووقع اتحاد إدارة الملكية المشتركة لتركة برنس عقدًا مع إدارة جريسلاند للمساعدة على تحويل «بيسلي بارك» إلى متحف كما كان يريد برنس. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت خطة برنس تشمل عروض الجولات الحالية في مجمع التسجيلات الغنائية بيسلي بارك، التي تتضمن «زيارة مميزة أيام الآحاد»، وإتاحة فرصة للزوار لتسجيل أصواتهم الغنائية على خلفية موسيقى أغاني برنس في الاستوديو الخاص به. وعند افتتاح متحف برنس في أكتوبر الماضي أصرت شقيقته تيكا على أن الوجه الجديد للمجمع ينتمي «بشكل أصلي» لبرنس. وقالت عن شقيقها: «إنه غير موجود هنا من الناحية المادية، ولكن من خلال بيسلي بارك وموسيقاه، سيعيش برنس إلى الأبد».
مشاركة :