بين شقاق ونفاق، تدور رحى السلطة العراقية دون تبديل أوتحويل، فكل الآليات السياسية واستحقاقاتها تسخر لمصلحة الشخص دون سواه، تحت عناوين متعددة لكن لبوسها الحقيقي هو «العنوان الطائفي». يقبل العراقيون خلال الأسابيع المقبلة على الانتخابات النيابية وعلامات الاستفهام تلتصق بداية بمصير هذه الانتخابات وما إذا كانت ستحصل مرورا بدستوريتها القانونية وانتهاء بجدوى هذه العملية السياسية، إن كانت أطراف أساسية غير مستعدة لقبول نتائج هذه الانتخابات كما حصل مع الانتخابات السابقة. الاستقالة الجماعية لأعضاء مفوضية الإشراف على الانتخابات وضعت هذه العملية السياسية في مهب الريح، فهذه الانتخابات إن حصلت دون وجود المفوضية المشرفة فستكون غير دستورية، كما أن عدم إجرائها في موعدها سوف يسقط شرعية مجلس النواب الحالي، ويحول الحكومة الحالية إلى حكومة «تصريف أعمال».. أي باختصار العراق يتجه إلى الفراغ السياسي والدستوري. وفي قراءة لأسباب استقالة «المفوضية» يمكن استقراء من يدفع باتجاه هذا الفراغ، فمشاكل المفوضية بدأت مع قرار المحكمة العليا إلحقاقها برئاسة مجلس الوزراء، أي بشخص رئيس الحكومة نوري المالكي وبالتالي سلبها استقلاليتها وهو الهدف من وجودها في كافة الدول. لكن في بيان الاستقالة كشفت المفوضية أن الاستقالة الجماعية لأعضائها وراءها التدخلات السياسية، أي تدخلات الرئيس نوري المالكي وحزبه، وعلى خلفية كل ذلك يبقى السؤال المطروح: العراق إلى أين؟! قد يبدو الفراغ هو الجواب الواقعي على هذا التساؤل، ولعله الهدف الذي تسعى إليه بعض القوى الإقليمية بهدف تأجيل الانتخابات تماما كما يحصل في لبنان، وبالتالي تحويل مسار العمليات الانتخابية المرتقبة في «العراق وسوريا ولبنان» إلى سلة تفاوضية واحدة لصالح راعٍ إقليمي لهذه القوى والتي انتقصت من سياسة المقاومة والممانعة لإسرائيل كما كانت تدعو إلى سياسة التعطيل والفراغ كما تسعى وتفعل حاليا في لبنان، فالفراغ يهدد رئاسة الجمهورية، وفي العراق يهدد الفراغ مجلس النواب، وفي سوريا لا انتخابات إن لم يكن بشار الأسد مرشحا وحيدا وفائزا وحيدا.. هذا هو الفراغ الذي يلجأ إليه البعض عندما يقتربون من الإفلاس السياسي.
مشاركة :