مهرجان بيت الشعر الثاني «انطباعات ودلالات»

  • 12/28/2016
  • 00:00
  • 35
  • 0
  • 0
news-picture

اقترنت الدورة الثانية لمهرجان بيت الشعر الذي أقامته جمعية الثقافة والفنون بالدمام باسم الشاعرة فوزية أبو خالد. وهو اسم حمل مع رفاق الكلمة عبء بدايات التجديد الثقافي الأدبي والفني، ومصاعب مخاض الخروج على السائد والجاهز إلى فضاء إبداعي مختلف. كانت الوصاية على النشاط الثقافي آنذاك لقوى المحافظة والتقليد. وكان صوت الشاعرة جريئا وعاليا رغم أجواء الممانعة الثقافية والاجتماعية في تلك المرحلة. وما أصعب أن تكون رائدا في محيط ثقافي يرجح كفَّة الاتباع على الإبداع، ويرى في التجديد تهديدا للهوية الثقافية. لذلك فإن لتكريم الشاعرة فوزية أبو خالد، ولاختيار اسمها عنوانا لهذه الدورة دلالةً ثرية بالمعنى. كان صدى صوت الشاعرة فوزية أبو خالد يتجه نحو المستقبل، ولذلك كان صوت المرأة في فعاليات مهرجان بيت الشعر حاضرا وعاليا. وبالإضافة إلى الشاعرات اللاتي شاركن في الأمسيات الشعرية، تولَّت مهمة تقديم الشعراء والشاعرات في الأمسية الأولى والثانية الأستاذة نجلاء باراسين، وفي الأمسية الثالثة الكاتبة والفنانة ضياء اليوسف. وقد أجادتا التقديم، وأحسنتا الأداء، وأضافتا بكلماتهما الرشيقة المعبرة واقتباساتهما الذكية إلى بهاء الشعر بهاء آخر. وإذا كانت الأصوات الشعرية التي شاركت في أمسيات هذا الكرنفال الثقافي معروفة في الوسط الثقافي المحلي والعربي، فقد كانت يوما ما تسكن الظل. وكانت بحاجة إلى من يلتفت إليها، ويسلط الضوء على تجاربها. ولعل هذا هو الهدف الذي سعت جمعية الثقافة والفنون بالدمام إلى تحقيقه حين خصصت جائزةً لإبداعات الشباب هي «جائزة بيت الشعر للكتاب الأول» وقامت بطباعة إنتاجهم، وأتاحت لهم فرصة المشاركة في أمسيات المهرجان إلى جانب تلك الأسماء المعروفة. دلالة أخرى، وليست أخيرة، هي أهمية دور الفرد في حال غياب برامج موحدة وآليات عمل محددة لنشاطات المؤسسات الثقافية. في هذه الحال تلعب المبادرة الفردية دورا كبيرا، ويظهر التفاوت بين أداء هذه المؤسسة الثقافية وتلك. فصعود المؤسسة أو هبوطها، ونجاحها أو إخفاقها مرتبط بالفرد وبمبادراته. قد تحمل بعض المؤسسات المسمى ذاته، وترصد لها المخصصات المالية نفسها، إلا أن هنالك مؤسسات ثقافية «تنام في العسل»، ولا يكاد يشعر بوجودها أحد، وأخرى أشبه بورشة عمل ثقافية لا تهدأ. لذلك وجد الجميع بصمات الشاعر أحمد الملا واضحة في نشاطات جمعية الثقافة والفنون بالدمام التي يديرها. ولكي تعطي تلك المبادرات ثمارها اختار أحمد الملا فريق عمل جادا ومتناغما هدفه الأول والأخير خدمة الثقافة من أجل الثقافة وحدها. كانت فعاليات مهرجان بيت الشعر الثاني متنوعة ومتميزة، فإضافة إلى القراءات الشعرية التي ضمت تجارب مختلفة لأسماء سعودية وعربية، رافقت هذا النشاط فعاليات مسرحية وسينمائية وموسيقية وتشكيلية وتوقيع إصدارات جديدة. وقد أكد هذا التجاور المبدع ارتباط هذه الفنون ببعضها. وبعد: عادة ما يكون حضور الفعاليات الثقافية متواضعا، لذلك يضطر منظمو بعض الفعاليات إلى تأجيل البدء في انتظار ذلك الجمهور الذي يأتي ولا يأتي، حتى اقترح بعضهم من قبيل الدعابة إنشاء شركة باسم «جمهور للإيجار» تقدم خدماتها للأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون وبقية المؤسسات الثقافية الأخرى. ويكون شعارها: «نحن نوفر لكم جمهورا بمواصفات تناسب نوعية نشاطكم الثقافي، وبأسعار مناسبة»! لكن مهرجان الشعر الثاني لم يكن بحاجة إلى تلك الخدمة، فقد كانت القاعة رغم اتساعها مكتظة بالجمهور من الجنسين. وبصفة عامة فإن جمهور الثقافة بالمنطقة الشرقية وفيٌّ للفعاليات الثقافية. وكأن لسان حاله يقول: اعطني فعالية متميزة أعطِكَ حضورا كثيفا.

مشاركة :