منذ الغزو الأمريكي للعراق تنامت ظاهرة انتشار المليشيات الطائفية في الوطن العربي وخاصة في المناطق الرخوية التي ضعفت فيها قوة السلطة الحاكمة. ففي يونيو ٢٠١٤م تشكل ما يسمى بالحشد الشعبي العراقي بفتوى الجهاد الكفائي من المرجع الشيعي علي السيستاني وحظي الحشد بتمويل وتسليح من قوات الحرس الثوري الإيراني في إطار جامع لكل الميليشات العراقية الشيعية المشبعة بالإجرام ليصبح صوته أعلى من صوت الدولة العراقية، لدرجة أن قادته يفاخرون بولائهم لولاية الفقيه الإيراني. منذ أن تشكل الحشد الشعبي لا شيء يثبت أنه خاض معركة واحدة ضد الإرهاب كما يزعم قادته بل كانت معاركه لزرع كل الأحقاد التي تنتج التطرف، فقد قام بتعذيب وإعدام وإخفاء قسري لمئات العراقيين السنة من خلال الحرب التمويهية التي تديرها طهران لتفريغ المدن السّنّية من سكانها للتغيير الديمغرافي. يقول أحمد الأسدي المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي: إننا في العراق وبعد تطهير كل أرضنا.. على استعداد تام للذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي، ولم يلبث الحشد طويلاً بعد تصريح الأسدي فقد عبر الحدود إلى سوريا ليشارك في حصار حلب وتشريد سكانها، يقول الخبير الأمريكي فيليب سميث: إن ميليشات الحشد الشعبي الشيعي تعمل على بقاء تحالف سري متطور لتعزيز النفوذ الإيراني في سوريا وفي إخافة المسؤولين السوريين. ويرى ديفد بيتريوس رئيس المخابرات الأمريكية الأسبق أن الخطر الحقيقي على استقرار العراق والمنطقة على المدى الطويل يأتي من مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران. وأكدت عدة تقارير غربية أن الحشد الشعبي سيتسبب في جر المنطقة إلى فوضى عارمة بسبب الروح الثأرية والانتقامية التي يتعامل بها مع العرب السنة في كل المناطق التي دخلها. لذلك على دول الخليج درء خطر هذا التنظيم العقائدي الذي أخذ يتعاظم حتى لا تجر العشائر والقبائل السّنّية لتكون جزء أساسي من جغرافيا المعركة. وأخيراً.. لنتذكر أن السياقات التاريخية المعقدة التي مرت في المنطقة العربية أعادت شكلها وفق رؤية مصالح القوى الأجنبية من خلال الجيوش الطائفية التي تعد أهم أذرع الحروب. *أستاذ التاريخ السياسي بجامعة الكويت سابقاً.
مشاركة :