أكدت الحملة الشعبية التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لإغاثة الشعب السوري، وقوف المملكة الفعلي مع الأشقاء في سوريا، في وقت تستمر الجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد المواطنين الأبرياء، وسط تجاهل المجتمع الدولي لتلك الجرائم. وانطلقت أمس بأمر خادم الحرمين بتنظيم حملة شعبية في جميع مناطق المملكة، لإغاثة الشعب السوري الشقيق، وجاء في بيان صادر من الديوان الملكي السعودي، أن الحملة تأتي "نظراً لما يتعرض له الأشقاء في سوريا من معاناة، خاصة المهجرين من حلب وغيرها، الذين انقطعت بهم السبل بسبب الظروف الصعبة والأحداث المؤلمة التي يعيشونها". ووجه الملك سلمان بتخصيص مبلغ 100 مليون ريال لهذه الحملة، وأن يتولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بالتنسيق مع الجهات المعنية تقديم المواد الإغاثية من أغذية وأدوية وإيواء واستقبال الجرحى وعلاجهم، وإنشاء وتجهيز مخيم لهم، مع توزيع مساعدات شتوية شاملة بشكل عاجل جداً، بحسب ما ورد بنص بيان الديوان الملكي. ولا ريب أن عطاء مملكة الخير متجدد يمد يده الحانية لمسح دموع اليتامى والثكالى وإغاثة الملهوف والمحروم في العالم الإسلامي؛ لتقوم بدورها الريادي والإقليمي في المنطقة العربية مهما واجهت من اعتراضات أو تحديات خارجية. وليست بغريبة دعوة خادم الحرمين الشريفين لإغاثة الشعب السوري الشقيق لضمد جروحه ولتوجيه رسالة للعالم بأكمله بأن المملكة العربية السعودية تقف بجوار الشعب السوري ولن تتركه حتى لو تراجعت الكثير من الدول عن مناصرته. عبّرت السورية "ديما صالح" عن شكرها وامتنانها لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- وحملته لإغاثة الشعب السوري، مؤكدة أن السعودية لم تتقاعس يوماً عن دورها مع الشعب السوري، داعية الله عز وجل أن يزيح الكرب عن أهلهم في سوريا. وقالت "أم زياد" التي تعيش في السعودية منذ أكثر من 20 عاماً: أعيش في وطني الثاني السعودية، وجميعنا يعيش حالة من الحزن الشديد بعد الأحداث الدموية الأخيرة في حلب، إلا أن حملة الملك سلمان أعادت لنا الأمل في سد احتياجات أهلنا المنكوبين، وأقل ما يمكن أن نقدمه هو الشكر والدعوات الخالصة للشعب السعودي. وأضافت: ليست هذه هي المرة الأولى لدعم خادم الحرمين الشريفين لسوريا، مؤكدة أن للمملكة دوراً ريادياً في المنطقة العربية ووقوفها مع اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرها من الدول. وأكد لـ"سبق" السوري "عبد الله الحميدي" أهمية هذه الحملة، وأنها جاءت في التوقيت الذي تخلى فيه الكثير من أشقائنا العرب عن الشعب السوري، وخصوصاً بعد مأساة حلب التي فاقمت من أعداد النازحين داخل البلاد، ودعا الدول العربية والإسلامية أن تحذو حذو السعودية في دعم ومساندة السوريين في أكبر مأساة يتعرضون لها في القرن الحديث. ونوه بالدعم السعودي، مؤكداً أن المملكة لم تألُ جهداً ولم تتأخر يوماً عن مساعدة السوريين في داخل السعودية وخارجها منذ تفجر الأزمة عام 2011 وحتى الآن. من جهته أكد لـ"سبق" الأستاذ في جامعة الملك سعود والمستشار في مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية، "الدكتور سامر عبدالله الجطيلي"؛ أن حملة الملك سلمان لإغاثة الشعب السوري جاءت في الوقت الحرج بعدما تراجع الدعم بشكل كبير ولم يُلَبَّ سوى 20% من الاحتياجات؛ حسب تقرير الأمم المتحدة، فمع طول الأزمة ضعفت المساعدات وشعر الكثير من المانحين بالملل. وجاءت حملة الملك سلمان -حفظه الله- لتوجه رسالةً إلى الشعب السوري الشقيق مفادها: أن السعودية معكم ولن تترككم مهما تراجع المانحون وتقاعس الآخرون. وعن مدة الحملة، قال: تستمر 3 أيام وسوف تتوقف غداً الخميس قد بلغت قيمة المساعدات النقدية "176" مليوناً إلى وقتنا هذا، ومن المتوقع مع انتهاء الحملة أن تصل إلى 700 مليون قياساً بالحملات السابقة. وأوضح "الجطيلي" دور المركز وطريقة أدائه، قائلاً: يبدأ فريق العمل بدراسة الواقع وتحديد الاحتياجات ووضع الخطة للتدخل الإغاثي والمخرجات لكل مشروع وفق محاور التدخل ومناطق الاحتياج، ومن ثم تقوم على تحديد محاور التدخل سواء في مجال "الإيواء – الصحة – الإحصاء البيئي- الأمن الغذائي – التغذية" وكل محور تكون له طريقة مختلفة في التنفيذ. وتابع: نعلم أن الوضع في سوريا مأساوي ومن الصعوبة توصيل المساعدات، ولذا يتم البحث عن شركاء للتنفيذ من خلال المنظمات العالمية أو المنظمات الإغاثية المحلية، وهناك توجه لدى مركز الملك سلمان بدعم المنظمات الإغاثية المحلية وبناء قدراتها باعتباره نوعاً من التنمية المجتمعية. وشرح لـ"سبق" الخطوات التي يقدم بها الدعم بداية من دراسة الاحتياج، ثم اختيار الشريك المنفذ، ودراسة تصور المشروع، والخطة التنفيذية، ومن ثم توقيع الاتفاقية مع المنفذ ومع جهة رقابية على المشروع وفق آليات محددة، ويتم رفع تقارير دورية من الجهة المنفذة والجهة الرقابية لمركز الملك سلمان، وفي حال وجود خلل في التنفيذ وفق مؤشرات الأداء يتم إيقاف التدفقات المالية حتى تتم معالجة الخطأ أو إنهاء العقد والبحث عن بديل. فيما اعتبر الأمين العام المساعد للهيئة العالمية للتعريف بالرسول ونصرته "الدكتور خالد الشايع" حملة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز عملاً صالحاً كريماً متفقاً مع ما أمرت به الشريعة الغراء من تعاون المسلمين وإغاثة بعضهم بعضاً، وهي متفقة مع المنهج السامي الكريم للسعودية في إعانة المحتاجين وإغاثة الملهوفين. وتابع: لا يخفى على الجميع أن الشعب السوري الشقيق قد نزلت بهم أنواع من المصائب والكوارث التي اقترفتها قوات طاغية الشام والمتحالفون معه على الظلم والعدوان، فكان حقاً على المسلمين وعلى كل محب للحق والعدل أن يقف مع الأشقاء السوريين في محنتهم، مستعيناً بقوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء"؛ أي يتناصرون ويتعاضدون. وذكر ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، وشبك بين أصابعه، وقول النبي: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية آمرة للناس جميعاً -مسلمين وغير مسلمين- أن يتعاونوا على إقرار العدل ومنع الظلم ورعاية الحقوق للإنسانية جمعاء؛ لقوله تعالى: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان". ولفت "الشايع" إلى أن السعودية أكرمها الله بسجل حافل في هذا الباب الشريف وبحسب التقرير الذي صدر مؤخراً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالاشتراك مع وزارة الخارجية ووزارة المالية والصندوق السعودي للتنمية؛ فإن السعودية تتصدر الدول المانحة ومساعداتها تصل إلى 83 دولة، وكان للشعب السوري الشقيق اهتمام بالغ للوقوف معه في مصيبته من خلال الحملة السعودية لإغاثة الأشقاء في سوريا، ومن خلال مركز الملك سلمان للإغاثة، ثم الآن من خلال حملة الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهذه الأعمال الجليلة في الإغاثة والعون والمساعدة للمحتاجين نهج واضح للمملكة منذ أن أسسها الملك عبد العزيز ثم أبناؤه وحتى عهد الملك سلمان أيده الله. وتواصلت "سبق" مع الخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة "الدكتور محمد النجيمي"، لمعرفة دور السعودية في مناصرة الشعوب المنكوبة، وقال: السعودية لم تفرق بين مسلم وغير مسلم في الإغاثة، فقامت بدورها تجاه الشعب السوري ومن قبل في أفغانستان والعراق واليمن ولبنان، وتقوم بدورها تجاه كافة الدول العربية، معتبراً دورها في إغاثة الشعوب المنكوبة واجباً دينياً في الدرجة الأولي وإنسانياً في الدرجة الثانية، وقد حثنا الرسول بإغاثة ومساعدة المسلمين؛ لقوله عليه أفضل السلام: "من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه".
مشاركة :