يعتقد الإنسان عادةً، أن النضوج الفكري ينمو في العقد الثاني من العمر، إلا أن القضاء الجنائي ولجنة العموم البريطانية أصدرا تقريراً يفيد بضرورة التعامل بطريقة مختلفة مع المجرمين الذين تقل أعمارهم عن الـ30 عاماً، واعتبار أن أدمغتهم لا تزال غير ناضجة تماماً. وأوضح القائمون على الدراسة أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، لا تزال أدمغتهم في مرحلة النضج للعمليات الأكثر تطوراً، من قبيل اتخاذ القرارات وإدارة الأخطار، ويبدأ الدماغ فقط بالاستقرار في العقد الرابع، وفق صحيفة «دايلي ميل» البريطانية. وذكر التقرير الذي صدر إثر مطالب في إنكلترا وويلز لمنح التصويت للذين بلغوا 16 عاماً، أن المجرمين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاماً ينبغي التعامل معهم بطريقة مختلفة عن المجرمين الكبار في السن لأن أدمغتهم لم تنضج بعد. وقال المسؤول عن التقرير الدكتور سومرفيل، أنه بالنظر إلى إمكان الفرد أن يشخص أو يحكم إذا ما كان دماغ شخص آخر ناضجاً أم لا، فإن اعتبارات السن والمستوى التعليمي بعيدة كل البعد عن ذلك التقييم، مضيفاً أنه في حين توافر الكثير من النظريات التي تثبت أن المراهقين يتصرفون في شكل مختلف عن البالغين، فإنه لا توجد سن محددة يفصل البالغين من المراهقين. وأورد سومرفيل أنه لا يوجد مؤشر يستطيع من خلاله عالم الأعصاب القول أن الدماغ قد تطور بالكامل، وذلك لأن الدماغ دائم التطور، ويستمر في التطور في شكل فاعل حتى بعد بلوغ سن الـ18، إذ يقع تطور الدماغ على هيئة «موجات»، وتمر كل منطقة في الدماغ بفترة تطور مفصلية في وقت مختلف، وهو ما يجعل نضوج الدماغ يختلف من منطقة لأخرى ومن وقت لآخر في حياة الفرد. وأشار سومرفيل إلى أنه بالنظر إلى الجدل القائم حول الوصول إلى دليل قاطع لقياس نضوج الدماغ، فإنه لا يوجد سن محددة تشير إلى دخول الدماغ مرحلة النضوج التام. ويحتوي الدماغ على نوعين من الأنسجة، وهما المادة الرمادية والمادة البيضاء، وفي العقد الأول من الحياة، تتمدد المادة الرمادية بسرعة مع تشكل تشابكات عصبية في الدماغ خلال تعلم مهارات جديدة أثناء الطفولة، ومع استعداد الجسم للبلوغ، يبدأ الدماغ بالتخفيف من المادة الرمادية في ما يسمى بـ "تشذيب المادة الرمادية" في بعض المواقع واستبدالها بالمادة البيضاء، ما يجعل العقل أكثر كفاءة حيث تسمح هذه التغيرات بنقل المعلومات في شكل أفضل وأسرع، ويستمر تقلص المادة الرمادية واستبدالها بالمادة البيضاء. ولأن الدماغ لا يتوقف عن التغير، فإن اعتباره ناضجاً في شكل تام قبل سن الـ30 يعتبر مشكلة، لأن العقل لا يزال في مرحلة النضج للعمليات الأكثر تطوراً مثل اتخاذ القرارات والسيطرة على الانفعالات والتفكير المنطقي والتفكير المنظم والتنمية الشخصية وإدارة الأخطار وغيرها، وبذلك لا يمكن اعتبار من تتراوح أعمارهم ما بين سن 18 و25 عاماً أشخاصاً ناضجين بما فيه الكفاية.
مشاركة :