مسرحية “المروض”.. عندما يفقد الإنسان إنسانيته

  • 3/31/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

كل الوطن، أسامة الفيصل، بيروت: أن تكون صاحب مهنة ترويض يعني أن تكون مكروهاً إلى حد الثمالة لدى البشر والحيوانات التي تمنع عنها الأكل والشراب إلا إذا امتثلت ورضخت للأوامر وبالتالي فقدت إنسانيتها وغاصت بالحيوانية حتى شحمتي أذنيها. هذا خلاصة فكرة مسرحية المروض، التي قام بإخراجها المخرج الفلسطيني محمد الشولي، وهي من إعداد محمد عيد رمضان من عمل من نص النمور في اليوم العاشر للكاتب السوري زكريا تامر، بطولة الممثلين الفلسطينيين: عبد عسقول، ووليد سعد الدين، اللذين أبدعا بدوريهما حتى رأينا الجمهور متعاطفاً مع عسقول في دور النمر المروض، والبغض لسعد الدين في دور المروِض. تبدأ المسرحية بقول لسعد الدين إذا أردتم حقاً أن تتعلموا مهنتي، مهنة الترويض، عليكم ألا تنسوا في أي لحظة أن معدة خصمكم هدفكم الأول، وسترون أنها مهمة صعبة وسهلة في آن واحد. انظروا الآن إلى هذا النمر: إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير ويصبح وديعاً ومطيعاً كطفل صغير.. فراقبوا ما سيجري بين مَن يملك الطعام وبين مَن لا يملكه، وتعلموا فسعد الدين الرجل ( المروّض) الذي احتال على نمرٍ في الغابة من خلال صَدْمِه بآلة كهربائية وتَنْويمِه ومن ثم حَبْسِه داخل قفصٍ والعمل على تجويعه ليصبح مطواعاً لأوامره ومنفذاً لكل رغباته . فما كان من هذا الرجل إلا أن يرمي للنمر (آكل اللحم) رزمة من الحشائش بَدَلَ طعامه الأساسي اللحم ، وهكذا يتكرر المشهد لليوم الثاني والثالث ، والنمر يأبى حتى التقرّب من الرزمة إلى اليوم العاشر ليكون قد خارت قواه وعَمِلَ الجوع به أثره البالغ إلى أن اضطر مرغماً على علق الحشيش وعلى مضض ، وقبل الوصول إلا ما وصل إليه النمر كان المروّض يطلب منه أن يغيّر من طينته كتقيلد مواء الهرر أو ثغاء الخراف ،فرفض وثار وزمجر، ومع الوقت أخذ النمر ينصاع رويداً رويداً من أجل الأَكْلِ وقَتْلِ الجوع ، حتى وصوله لليوم العاشر وأصبح عجينة بين يدي المروّض وكتب الناقد اللبناني خليل المتبولي، عن المسرحية: استطاع المخرج محمد الشولي ومعه محمد عيد رمضان معدّ العمل المأخوذ من نص النمور في اليوم العاشر للكاتب السوري زكريا تامر أن يطرحا أسئلة هامّة عن الحريّة المهدرة والخيانات والسلطة والتسلّط والجوع، والكشف عن بشرٍ فقدوا كرامتهم من هول ما تلقّوا من هوان ومذلّة ، وكيف تعمل آلة السلطة والتسلّط على تدجينهم وحصارهم . فكان العرض أشبه بلوحة قاتمة ألوانها مدفونة في نهر التحدي والصراع بين الرضوخ والتكيّف التي يقابلها رفض الإستبداد والتوق إلى الحرية، ومقاومة تهميش التعسّف والتسلّط وأضاف المتبولي: نجح الشولي في أن يجعل المتفرّج يتوحّد مع النمر ويتعاطف معه ويخاف عليه ، وقد استطاع عبد عسقول أن يلعب دور النمر بحرفية جيدة وذلك من خلال رسم حركات وأداء النمر وصوته الذي هزّ الصالة مما خلق تواصلاً كبيراً بين المتفرجين والعرض، وبالمقابل نجح الشولي أيضاً أن يجعلنا نبغض ونكره الرجل المروّض لما حملت هذه الشخصية من تعجرف وتكبر وقد أدى الدور بإتقان وليد سعدالدين الذي استطاع أن يحسس المشاهد بمدى تسلطه وعجرفته وأدائه الصوتي المميز . ويختم بقوله: بالإجمال، لقد حقق العرض تميّزاً بالجمع بين عناصر الفرجة الشعبية وما يحمله من مضمون فكري وقيم إنسانية ما بين التجسيد الفني والحوار الفكري الذي أظهر قضية من قضايا المجتمع ، وتثبيت المسرح الفلسطيني الجاد.

مشاركة :