تحقيق: محمد حمدي شاكر: شهد هذا العام تحولاً كبيراً في الدراما الإماراتية على وجه التحديد، بعيداً عن المنافسة القوية التي نافست بها الخليجية؛ بل والعربية، لتثبت أنها قادرة على دخول كل بيت عربي. فقد قدمت العديد من الأعمال المميزة خلال 2016، شهد لها العديد من النقاد والمشاهدين داخل وخارج الدولة، ليكون هذا العام بمثابة عام التحول والانطلاقة الحقيقية لها. رغم أن الأعمال الإماراتية قليلة؛ إلا أن بعضاً منها ترك بصمة محلية وعربية وخرج عن المألوف، خصوصاً مسلسل خيانة وطن وما حققه من نجاح، وهي بلا شك تفتقد للعديد من العوامل الأساسية، كما يوضح صناعها الذين يبدون تفاؤلهم بما حققته من إنجازات، وما تمتاز به من نقاط قوة، والذين التقيناهم في هذا التحقيق حول إنجازات 2016. البداية مع الفنان والمنتج أحمد الجسمي الذي يقول: الدراما الإماراتية حققت نتائج إيجابية كبيرة، وظهور أكثر من منتج العام المنصرم، دليل على تحسن حال الدراما، التي تتميز بحكاياتها الكثيرة وارتباطها بكافة الأماكن الشعبية، التراثية، وغيرها. ويكمل الجسمي: هناك أيضاً أعمال إماراتية - خليجية مشتركة، تميزت جداً لمشاركة مجموعة من الممثلين الخليجيين فيها، ولمضمونها القوي، ما ساهم أكثر في انتشارها خليجياً. ويضيف الجسمي: 2016 شهد جرأة كبيرة في طرح القضايا، وبالتحديد في خيانة وطن، فهو موضوع جريء حقق نجاحاً كبيراً على مستوى الوطن العربي، وليس المحلي أو الخليجي فقط، وهناك أسباب أخرى لتطور الدراما الإماراتية، فيكفي أنها نالت إعجاب الجمهور الإماراتي والخليجي في آن، وتحديداً في الست كوم وفي مسلسل الحرب العائلية الكوميديا الاجتماعية الهادفة. ومن إيجابيات الدراما أنها أفرزت كتّاباً جدداً ومتميزين، أمثال جمال سالم الذي يتمنى الجميع العمل معه خليجياً، وجاسم الخراز الذي يعتبر مكسباً لنا كإماراتيين، ويوسف إبراهيم، وأحمد العرشي، إضافة إلى المنتجين الذين أصبحوا ينافسون بقوة أمثال حبيب غلوم، وظهور وجوه جديدة، وطاقة شبابية متميزة.. وينهي الجسمي موضحاً: مشكلتنا في عدم عرض أعمالنا على المحطات العربية الأخرى، وبقائها فقط في نطاق القنوات المحلية، لا سيما دعم MBC. أتمنى أن تكون هناك آلية لتبادل الأعمال مع الدول الشقيقة، ووضع خريطة عمل للعرض في مختلف الدول الخليجية، ومنها ننتشر عربياً. إذا حظيت الدراما المحلية بالدعم والاهتمام، أعتقد أنها ستحدث طفرة وتطوراً وستصل إلى الجميع، ولكنها مازالت تعتمد على المجهود الشخصي، هذا ما يقوله الفنان والمنتج د.حبيب غلوم موضحاً: 2016 شهد بعض الاهتمام من مؤسسة أبوظبي للإعلام بالدراما، ومنها تنوعت المسلسلات والأعمال المقدمة، وحققت المؤسسة إنجازاً كبيراً على المستوى الخليجي والعربي، لكن يجب أن يكون هناك دعم من مختلف الجهات، والعمل على عرض المسلسلات على مدار العام لتقوية المنافسة. ويضيف غلوم: من المهم أيضاً الاستمرارية، واستكمال ما قمنا به 2016 في الأعوام المقبلة، وليس في 2017 فقط، ولا نتوقف عند نجاح معين، وأن يكون هناك تنوع في الموضوعات والأفكار مثلما شاهدنا الموسم الماضي. هكذا ننتشر ونصل إلى كل بيت عربي. ويختم غلوم: كي نستمر يجب أن تكون هناك دراسة أكاديمية للفنون، ولكن للأسف هذا لم ولن يحدث، وهو ما نطالب به منذ 1999، وحاولت مراراً وتكرراً مع أكثر من مؤسسة وجامعة، ولدي طموح كبير، بأن يتحقق خصوصاً مع جامعة الشارقة؛ لأن الدراما صناعة مهمة مثل باقي الفنون، ولنبدأ بإنشاء قسم لها على غرار الفنون التشكيلية. الموضوع يعتمد على القناعات والأفكار وقناعة المسؤولين، فغالبية الجهات المعنية كالمؤسسات والجامعات لا تستوعب أهمية الموضوع، خصوصاً أن تلك الصناعة تدر دخلاً، وبإمكانها خلق جيل واع سينمائياً ودرامياً، قادر على المنافسة عربياً وعالمياً. يقول الفنان والمخرج ياسر النيادي: 2016 كانت على الصعيد الشخصي من السنوات المميزة، لحظي الذهبي ومشاركتي في عملين مهمين هما مكان في القلب، وخيانة وطن، والأهم هو تقديمي لشخصيتين متناقضتين تماماً. ويكمل النيادي: إنه عام مميز، عملي الأول مكان في القلب حقق نجاحاً كبيراً، خصوصاً مع تقديم الشخصيات والصور التي يبتعد عنها الجيل الحالي، ولم نلتزم بخط كوميدي أو شخصية معينة. العمل الثاني، هو خيانة وطن الذي طرح موضوعاً ساخناً جداً، وقضية وطنية هامة. وأعتقد أن مجرد تناول تلك القضية في سياق درامي هو أكبر إنجاز للدراما المحلية، وأكثر ما أعجبني في هذا العمل ومكان في القلب أن المشهد الأخير في العملين واحد تقريباً مع تناقض المضمون، ففي خيانة وطن يطرحني الأمن أرضاً عند إلقاء القبض عليّ، وفي مكان في القلب أكون منبطحاً أرضاً أيضاً، ولكن ضمن الاستعدادات والتدريبات العسكرية. ويضيف النيادي: بالفعل هذا العام شهد أعمالاً مميزة كثيرة أثنى عليها الجمهور، ولكن يجب أن نسير على نفس النهج كي لا نتدهور ونرجع إلى الوراء، ما يتطلب منا ترتيب الحسابات بداية من الآن، والاستعداد الجيد ل2017، وطرح أفكار تناقش أوضاع وهموم الناس في الداخل، والاهتمام بالورق والسيناريو في البداية وإعادة التفكير فيه، والوعي بالمحتوى الداخلي للبيت الإماراتي من مؤسسات، وأفراد، وكل ما يشغل بال المواطن، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الكوميديا التي تحتاج إلى مواضيع جادة، وأن يضع كل من يعمل في المجال نفسه مكان المشاهد، الذي بإمكانه تغيير المحطة إذا لم يجد ما يريده، ليبحث عن الأفضل في الدراما الأخرى. وينهي النيادي حديثه: يجب أن يعي جميع العاملين في الدراما، أننا نحتاج إلى إنتاج أعمال ذات هوية، والانتباه لعامل الوقت، فعلى سبيل المثال أفضل أيام التصوير هي الآن، وليس في حر الصيف الذي يؤثر على العاملين والمعدات، كما نطالب بمعهد سينمائي وطني أو أكاديمية لتعليم كافة الفنون وما يندرج تحتها، كي ننافس العالم ونصل إلى الجميع كما وصلنا في مختلف المجالات، يجب أن نتميز في الدراما وقادرون على ذلك. بدوره يقول المخرج أحمد العرشي: دخلنا في 2016 حقبة جديدة من الدراما المحلية، وهي تحويل الروايات إلى مسلسلات، والتي أدت بشكل كبير إلى انتشار تلك الأعمال عربياً، وهذا الكلام ينطبق على الخليج بشكل عام، خصوصاً مع تقديم ثلاثة أعمال قوية مثل خيانة وطن، ساق البامبو، وجود وهي روايات حققت انتشاراً كبيراً، ولكن عند تحويلها درامياً حققت الانتشار الأكبر. ويضيف العرشي: بالنسبة للأعمال الإماراتية بعضها كان قوياً، منها مكان في القلب، وسبب نجاحه وانتشاره خليجياً، تناوله حقبة الثمانينات ليذكرنا أنا وجيلي الوسطي بتلك الأيام أيام المراهقة، بعكس الأعمال التي دائماً ما تتحدث عن التراث والخمسينات. وهذا العام هو بداية وانطلاقة موفقة لسلسة نجاحات مقبلة، ويجب ألاّ نماطل ونقول إننا نجحنا؛ بل علينا الاستمرار في تقديم الأفضل، ولو نجحنا بنسبة 70%، يجب أن نطمح للوصول إلى 150%، ولذلك يجب أن تفتح المحطات المحلية الطريق أمام المواهب، وتستقبل الأفكار الجريئة وتنسى الخطوط الحمراء؛ لأنها وهمية، ويجب ألا ننتظر النجاح الخليجي لنقلده. لابد أن نكون السباقين إلى تقديم الجديد والمميز، سواء عبر الروايات أو الأفكار الجريئة، والخيال العلمي، والخروج عن المألوف والمستهلك، وأن نرفع جميعاً شعار: لا للدراما الاجتماعية. كفانا ما قدمناه لأكثر من 45 عاماً. عائشة عبد الرحمن: نحتاج إلى فرص تقول الفنانة عائشة عبد الرحمن: الأعمال كانت جريئة وحقيقية، وتطرقت إلى موضوعات وأحداث لم يتطرق لها أحد من قبل، وأحدثت نقلة نوعية في الدراما الإماراتية المحلية، وأخص بالذكر خيانة وطن. وبالتالي نتمنى أن تشهد الأعوام المقبلة نفس النوعية ومناقشة أفكار جديدة، وليس فقط الاجتماعية، بل معايشة الواقع. وتكمل عبد الرحمن: هناك معوقات تعرقل تحقيق التقدم، فنحن نعاني كفنانين من قلة الأعمال. والفنان الإماراتي بشكل عام مهضوم حقه، لدرجة أن أعمالنا تشارك فيها نسبة 75% من الخليجيين ومن العالم العربي، فلماذا لا يستعين المخرج بأبناء بلده ويدعمهم؟ وتنهي حديثها قائلة: لا يمكنني الذهاب إلى منتج لأطلب عملاً فهو يعرف كل الممثلين، لكن لا نعلم لماذا الإصرار على الاستعانة بالفنان الخارجي. وأعتقد أنه لو وجدت أكاديمية للفنون داخل الدولة ستضيف الكثير للمواهب الشابة التي أجدها كثيرة وتحتاج إلى الدعم. جابر نغموش: ندرة الكتاب والاستعانة بالشباب كان للفنان جابر نغموش رأياً مخالفاً بخصوص فكرة إنشاء المعهد الوطني، وأكاديمية للفنون الأدائية، حيث قال في بداية حديثه: نحن لدينا بالفعل معهد لتعليم الفنون المسرحية، ولم يقصر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في هذا الموضوع، ودائماً ما يدعم الفنون والفنانين خصوصاً المسرحيين، وأعتقد أن المسرح أبو الفنون، ولو تعلم الإنسان المسرح في البداية سيكون قادراً على الانتقال إلى الفنون الأخرى، كالسينما والدراما، وغيرها.. يتابع نغموش: المشكلة تكمن في من يذهب إلى المعهد، ومن سيهتم أو من يهتم ويعلم أن هناك معهداً موجوداً بالفعل، وبه أساتذة. الإقبال ضعيف جداًَ، ولو وجد هذا الإقبال يكون على فترات وبشكل هواية، وليس احترافاً، والمنتسبون للمعهد لا يملكون الرغبة في الاستمرار. أما بخصوص الدراما الإماراتية فيقول نغموش: بالفعل حققنا نجاحاً في 2016، ونسير بخطى جيدة نحو الانتشار خليجياً وعربياً، ولكنني أتمنى أن يكون هناك أكثر من كاتب متمرس، ولديه الأفكار الجديدة والمختلفة، ففي ظل النقص الشديد في أعداد هؤلاء الكتاب المعدودين على أصابع اليد الواحدة، أعتقد أننا لن نكمل المسيرة. ويوضح: لدينا العديد من العادات والتقاليد التراثية القديمة، يمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مسلسل بأسلوب واقعي وليس فقط تراثياً، ومناقشة العادات الاجتماعية والحروب وتأثيرها على الناس، ولكن المشكلة من سيكتب هذا ويكون خياله قادراً على كتابة قصة ذات حبكة درامية، تجمع الماضي والحاضر والمستقبل بأسلوب مميز وجديد؟ علينا تشجيع القادرين على الكتابة، والاستعانة بأفكار الشباب، خصوصاً أن لديهم طاقة يجب الاستفادة منها. وينهي نغموش: يجب أن نكون مميزين ونقدم الجديد، وأكبر دليل على نجاح التجديد في الأفكار ما حدث في المسرح والطفرة التي حدثت بالشارقة. فعندما خرج الناس إلى الصحراء والتمثيل على الرمال، نالت الفكرة إعجاب الجميع، وتميزت بخروجها عن خشبة المسرح والتمثيل بين 4 جدران، وبالتالي يجب أن نشجع الشباب على تقديم الأفكار الواقعية والمختصرة والمفيدة، كي لا يمل المشاهد.
مشاركة :