القانون والأخلاق والذوق العام

  • 12/30/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اذا كان تعريف القانون هو (مجموعة قواعد عامة ومجردة ملزمة تُنظم العلاقات بين الأشخاص والمجموعات في المجتمع)، والقاعدة القانونية صفتها أن تكون عامة ومجردة لتنظيم السلوك الاجتماعي وهي واجبة الاتباع على الجميع دون تميز، فهي بذلك بعيدة كل البعد عن الجوانب المعنوية الأخرى. وبالرغم من أن الالتزام القانوني بحد ذاته هو ممارسة أخلاقية، إلا أن هناك كثيرًا من الأمور الحسنة والممارسات الأخلاقية الفاضلة غير ملزمة قانونًا. فإذا لم يكن هناك وازع ديني أو ذوق إنساني أو دافع اجتماعي للحث على ممارسة تلك الأخلاق، أصبح أفراد المجتمع كالآلة، قد تخدمك لكنها ربما تبتر يديك أو تقتلك إذا غفلت عنها. في عالم الرياضة التي يعشقها الملايين، هناك قوانين توجب الإنذار بالخطأ وربما بالطرد وربما بالحرمان لفترات أطول، وهناك ممارسات تسمى بالروح الرياضية أو الاخلاق الرياضية المتعارف عليها، فاللاعب في هذه الحالة لايُلزم قانونا بفعل تلك الممارسات، لكن ربما يتم التشهير به إعلاميا إذا ترك تلك الاخلاق الرياضية. وأصبح مصطلح الروح الرياضية منتشرًا بيننا للاسف أكثر من الأخلاق النبوية! فهل يَلزمنا تشريع قوانين لتفعيل تلك الأخلاق التي ربما آخر ظهور للكثير منها كان في زمن الآباء؟ هل الذوق العام أصبح سلعة نادرة وصعبة المنال؟ ماذا لو جعلنا أخلاقنا مع غيرنا قانونا لانتركه حبا للحبيب عليه الصلاة والسلام واقتداء به، وكرامة لديننا؟ ماذا لو جعلنا الذوق العام في تعاملنا مع غيرنا هو المرآة التي تعكس تعامل غيرنا معنا؟ كيف لا وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيِه مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). وعلى سبيل المثال: كانت النظافة من الإيمان كما تعلمنا منذ الصغر والنظافة بجميع حالاتها هي من الذوق العام وقد قننتها بعض التشريعات وأصبح عدم المحافظة عليها عملا يوجب العقوبة وبعض الشعوب مازالت تحافظ عليها من باب الذوق العام، والأدلة في شريعتنا كثيرة فيما يخص الأخلاق والذوق العام ومن أشهرها الحديث الذي رواه مسلم: “إنَّ الله جميل يُحب الجمال”، فهل من الذوق العام أن يمارس المسلم خلاف هذه التعليمات النبوية؟ وفي المقابل فقد شرّعت بعض الدول قانونا يعاقب كل من يقود سيارة غير نظيفة أو بها صدمات أو أي أمر يخالف الذوق العام، أليس أولى بنا كمسلمين أن نحافظ على تعاليم سيد المرسلين في النظافة والجمال؟ الحقيقة أن الالتزام بالجانب الفقهي من الإسلام ليس كافيا إن لم تكن مقرونة به ممارسة القيم والمقاصد الإسلامية. * استاذ القانون المساعد جامعة الملك عبدالعزيز

مشاركة :