وزعت روسيا، أمس، مسودة قرار في مجلس الأمن الدولي، لدعم وقف إطلاق النار الهش في سورية، والذي يهدف لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو ست سنوات. فيما ساد الهدوء الجبهات الرئيسة في سورية، بعد ساعات من دخول الهدنة حيز التنفيذ بموجب اتفاق روسي تركي، باستثناء خروقات أبرزها اشتباكات قرب دمشق. وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، للصحافيين، إن بلاده وزعت مسودة قرار في مجلس الأمن، لدعم وقف إطلاق النار الهش في سورية. وأعرب، قبل اجتماع للمجلس، عن أنه يأمل أن يُجرى التصويت على القرار اليوم. وجاء التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أعلنه أول من أمس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووافقت عليه قوات النظام والفصائل المعارضة، في ضوء التقارب الأخير بين موسكو (حليفة دمشق)، وأنقرة الداعمة للمعارضة. وهو أول اتفاق برعاية تركية، بعدما كانت الولايات المتحدة شريكة روسيا في اتفاقات هدنة مماثلة، تم التوصل إليها في فترات سابقة، لكنها لم تصمد. وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أمس، باستمرار الهدوء في معظم المناطق السورية، منذ سريان الهدنة، منتصف الليلة قبل الماضية، مؤكداً «عدم تسجيل استشهاد أي مدني، منذ بدء تطبيق الاتفاق». لكنه تحدث عن خرقين رئيسين، قرب دمشق، وفي محافظة حماة (وسط). واندلعت وفق المرصد «اشتباكات رافقها قصف مروحي لقوات النظام على مواقع الفصائل المعارضة وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، في منطقة وادي بردى» قرب دمشق، من دون أن «تعرف هوية الطرف المسؤول عنها». وقال أحد السكان، في منطقة قريبة من الاشتباكات، لـ«فرانس برس»، إن أصوات القصف كانت قوية جداً صباح أمس، و«قد ارتج المنزل أكثر من مرة على وقعها». وأضاف: «كنت متفائلاً بالهدنة، لكن الوضع لم يختلف كثيراً». وفي ريف حماة الشمالي، أفاد المرصد بشن طائرات سورية 16 غارة على بلدات عدة، من دون توافر أي حصيلة للضحايا. وقال عبدالرحمن إن معظم الفصائل، الموجودة في المنطقة هي فصائل معارضة، وبعضها موقع على اتفاق وقف إطلاق النار. على جبهات أخرى، أكد مراسلون لـ«فرانس برس»، في مناطق تحت سيطرة الفصائل، وتحديداً في الغوطة الشرقية بريف دمشق وإدلب (شمال غرب)، استمرار الهدوء، وعدم سماع أصوات قصف أو غارات. ويستثني اتفاق وقف إطلاق النار التنظيمات المصنفة «إرهابية»، وبشكل رئيس تنظيم «داعش». ورغم تأكيد طرفي النزاع السوري موافقتهما على وقف الأعمال القتالية، غير أن تبايناً برز حول ما إذا كان الاتفاق يشمل «جبهة فتح الشام». ففيما أكد الجيش السوري، أول من أمس، استثناء «تنظيمي داعش وجبهة النصرة»، أكدت المعارضة أن الاتفاق يشمل جميع المناطق، بما فيها إدلب. وتعتبر «جبهة فتح الشام» العمود الفقري في «جيش الفتح»، الذي يسيطر على كامل محافظة إدلب تقريباً، وبالتالي فإن استثناءها من الهدنة يشكل عملياً عائقاً أمام تنفيذ وقف الأعمال القتالية. وبحسب عبدالرحمن، يشكل مقاتلو «جبهة فتح الشام» 60% من المقاتلين في إدلب. وبحسب وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، وقعت سبع مجموعات تمثل 62 ألف مقاتل، من «أبرز قوات» المعارضة، اتفاق وقف إطلاق النار مع دمشق. وفي تغريدة على موقع «تويتر»، أمس، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن «وقف إطلاق النار في سورية إنجاز كبير»، داعياً إلى «استغلال هذه الفرصة، لاقتلاع جذور الإرهاب». ومن شأن صمود الاتفاق أن يمهد لمحادثات سلام، الشهر المقبل. وأعلنت موسكو، أول من أمس، بدء الاستعدادات لعقدها في أستانة، عاصمة كازاخستان، في يناير المقبل، على الأرجح. وبحسب بوتين، أبدى طرفا النزاع السوري، الموقعان على وقف إطلاق النار «استعدادهما لبدء محادثات سلام». ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتفاق بأنه «فرصة تاريخية». واعتبر وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أول من أمس، أن «هناك فرصة حقيقية، لنصل إلى تسوية سياسية للأزمة»، التي تسببت في مقتل أكثر من 310 آلاف شخص، منذ اندلاعها منتصف مارس 2011. ورغم عدم مشاركتها في المفاوضات، وصفت واشنطن الاتفاق بـ«التطور الإيجابي». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، مارك تونر: «نرحب بكل جهد، لوقف العنف، وإنقاذ الأرواح، وتهيئة الظروف لاستئناف مفاوضات سياسية مثمرة».
مشاركة :