على هامش مهرجان الشعر الثاني الذي أقامه بيت الشعر بثقافة الدمام، وشارك فيه شعراء من المملكة والخليج والدول العربية، التقى «الجسر الثقافي» بالشاعرة والسينمائية الإماراتية «نجوم الغانم»، والتي شاركت في التكريم والاحتفاء بالشاعرة فوزية ابوخالد واحتفى الجمهور بقصائدها النثرية. الشاعرة الغانم أصدرت ثماني مجموعات شعرية من نوع قصيدة النثر ولذا كان الحوار التالي عن قصيدة النثر وشرعية وجودها وفهم الشاعرة لهذا النوع المتطور من الشعر العربي.. الحوار.. • يقال إن قصيدة النثر منتج غير عربي وفد إلينا من أوروبا، ومن الشعر المترجم ولا جذر له في تراث الشعر العربي العريق، فماذا تقولين أنتِ في هذا المجال؟ هناك فرضية مسبقة تقول إن قصيدة النثر العربية أتت من اللا شيء، أو هي مولود لقيط لا أصل له! ولكني أخالف هذه النظرة وأقول إن قصيدة النثر هي الابنة الشرعية لكل الأشكال الإبداعية للقصيدة العربية والتي تعتبر ديوان العرب بشكلها التاريخي وقصيدة النثر هي التطور الطبيعي للقصيدة الكلاسيكية وقصيدة التفعيلة. • قلتِ: إن قصيدة النثر تطور طبيعي للقصيدة العربية سواء أكانت كلاسيكية او تفعيلة.. ومع ذلك لم تعترف الأوساط الرسمية العربية التي تعنى بالشعر بقصيدة النثر.. لماذا برأيك؟ أنا لم أقل الأوساط الرسمية هي التي لم تعترف بقصيدة النثر، وإنما التوجه العام وخاصة أولئك الذين يريدون أن تبقى الحياة واقفة في أزمنة يريدونها أن تستمر حسب أمزجتهم. للأسف إن الكثيرين من المثقفين العرب الذين اعتبروا أنفسهم شرطة ثقافية هم مسؤولون عن هذا الجدل «العقيم». فقد ظهرت في العالم مدارس نقدية وفلسفية كثيرة نقلت الجدل إلى مستويات فكرية عميقة ومتقدمة وساهمت في تطور مستوى الحوار عبر الأزمنة وبعدها حدثت نقلات جديرة بالاهتمام على صعيد التعليم والأسئلة الثقافية ولكن انظر ماذا نناقش نحن الآن وقد أصبحنا في القرن الواحد والعشرين وفِي قلب التقدم الحضاري والتقني. نحن بائسون جدا لأننا لا نستطيع التأقلم مع الحياة التي تغيرت في كل جوانبها وما زلنا نريد للشعر أن يبقى في أزمنته السالفة. أسئلتنا مختلفة وخياراتنا في الأشكال الإبداعية أيضا مختلفة وهذا أبسط حقوقنا ككتاب وفنانين. وإذا كان هناك من يكتب قصيدة نثر سيئة فهذا لا يعني أن خيار قصيدة النثر أمر خاطئ تاريخيا. هناك المئات ممن يلتزمون الوزن والقافية ولكنهم لا يكتبون شعرا. كيف يمكن اعتبارهم شعراء إذن. • يتنوع شكل وفهم قصيدة النثر من شاعر إلى آخر فقد نجد نصا نثريا خالصا ويدعي كاتبه أنه قصيدة نثر.. كيف تفهمين قصيدة النثر؟ ماذا عن الايقاع؟ وما أهم ما يميزها عن الأشكال السابقة للقصيدة العربية؟ لن أناقش مسألة الادعاء هذه لأننا لسنا في محكمة. والشاعر الجيد يستطيع بناء إيقاعه الخاص مهما كان شكله الفني وإذا أراد التخلص من الإيقاع تماما فهذا أيضا خيار شخصي. هل علينا معاقبته لأنه لا يريد أن تكون في قصيدته موسيقى؟ • لا أحد يريد أن يعاقب من يكتب ولا يحق لاحد ادعاء أن يكون محكمة للفن عموما وللشعر خصوصا..سألت عن فهمك لقصيدة النثر في ظل التنوع في فهم قصيدة النثر.. وهل ينبغي لقصيدة النثر أن يكون لها ايقاعها الخاص.. كما سألت عن أهم ما يميز قصيدة النثر برأيك عن الاشكال السابقة للقصيدة العربية؟ • أنا أكتب قصيدة النثر منذ عام 1980.. فكيف لي أن أتحدث عن فهمي لها. لقد كبرتُ معها وكبُرت في وجداني.. أنا منحازة لها وأعرف أن من ينتخبها للتعبير من خلالها أو الاستمتاع بقراءتها لديه أسبابه الجوهرية. قصيدة النثر تحتمل أن يكون لها إيقاعها وهذا الأمر يرتبط بالشاعر نفسه. عندما أقرأ قصيدة نثر لقاسم حداد أكاد أسمع فيها إيقاع موسيقاه الساحرة وكذلك الأمر بالنسبة لزاهر الغافري وسعدية مفرح وأحمد راشد ثاني وجهاد هديب وميسون القاسمي وأحمد الملا وخالد البدور وغيرهم. أهم ما يميز قصيدة النثر هو انفتاحها وجموحها والحرية الكاملة التي تمنحها لكاتبها وكأنها صفحة بيضاء يمكن أن تجعلك تغرق فيها كبحر أو أن تنطلق في العوم بسلاسة وبلا سترة نجاة. • بعد ثماني مجموعات من الشعر ألاحظ شغفك بالسينما.. هل تحدثينا عن تجربتك السينمائية وعلاقتها بالشعر؟ السينما لم تفترق عن الشعر أبدا والعكس صحيح رغم أن تجربتي السينمائية جاءت متأخرة عن الشعر بما يقارب خمسة عشر عاما. بدأت بالسرد في التجارب السينمائية الأولى ثم ذهبت للوثائقي وصرت ما بين كل تلك العوالم حسب ما يقترحه موضوع العمل الفني. أنتجت حتى الآن سبعة أفلام وثائقية طويلة وخمسة أفلام قصيرة بين وثائقية وروائية وما زلت في أول الطريق لأنني لم أنتج بعد فيلمي الروائي الطويل الأول.
مشاركة :