"لا عُمان ابتعدت عن خليجها لتعود، ولا التحالف الإسلامي ضد الإرهاب حدث أمني ينتهي بنهاية مناوراته العسكرية". حقيقتان أقرهما انضمام سلطنة عمان الشقيقة للتحالف الإسلامي، بعد عام من تأسيسه. فلا شك أن خلف هذا القرار حراك دبلوماسي وتنسيق مستمر من صلب عمل "التحالف الإسلامي" يوحي بحجم الجهد المبذول لإيصال فكرة التحالف ولتوسيع نطاق عمله وعدد دوله الراغبة في الأمن وصد العدوان. كما أن تصريح عمان حول الانضمام الذي جاء في سياق "فهم مشترك" لطبيعة التحالف ودور المملكة العربية السعودية القيادي يؤكد بدوره نجاح الجهود الأخيرة للتحالف بقيادة الرياض وتتويجه بانضمام عمان القريبة دوما والعضو الشريك والمؤسس لمجلس التعاون الخليجي. أما عاملا التوقيت والفهم اللذان أشار إليهما تصريح الخارجية العمانية، واللذان احتاجتهما السلطنة لتأخذ قرارها النهائي بالانضمام، فلطالما كانا في إطار الفعل السياسي والدبلوماسي المقبول والمفهوم على مرّ تاريخ العلاقات الثنائية من قبل الأشقاء في دول التعاون، المتفهمين لسياسات بعضهم بعضا بشكل عام، ولحساسية الموقع الجغرافي والديموغرافي لكل دولة على حدة. تأنٍ سياسي واستقلال سيادي يحسب لدول مجلس التعاون الخليجي ويزيد من قوة التعاون ولا يشكك للحظة في متانته. فالمادة الرابعة من النظام الأساسي للمجلس الموقع عليها من جميع الأعضاء بمن فيها عمان تشير إلى أن الغاية النهائية من وراء تأسيس هذا الكيان المشترك هو الوصول إلى الوحدة، مهما تعددت السبل. كما أن عمان التي قامت بواجبها أثناء حرب الخليج الثانية، وتقدمت في عام 1991 بمشروع لتأسيس جيش خليجي موحد، يستحيل أن تغفل عن أن الوحدة الخليجية والإسلامية المستدامة، جزء أساسي من تطلعات شعوب المنطقة بما في ذلك شعبها. وبالعودة للتحالف الإسلامي الوليد الذي أتم عامه الأول ضد الإرهاب؛ فانضمام عمان إنجاز يحسب له ويبشر بما هو أفضل مستقبلا. وكل ذلك ينبع من تنوع طرحه المقنع للجميع، الذي شدد عليه منذ لحظة الإعلان الأولى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع. فالتحالف وفقا للأمير محمد ليس عسكريا وحسب، بل فكري وسياسي واقتصادي وإعلامي أيضا. ما يضمن توحيد الجهود كافة وتنسيقها للخروج بأفضل الحلول وأدق المعلومات لمواجهة الإرهاب وميليشياته، آفة العصر التي أضرت بالمسلمين وشبابهم أكثر من غيرهم. وسلطنة عمان الدولة الخليجية الوادعة على بحر العرب والمطلة على مضيق باب هرمز الذي تعبر من خلاله ما يقرب 40 في المائة من حمولة النفط العالمي ليست بمنأى عن خطر هذه الميليشيات، إما بشكل فكري مباشر يوجب حماية الشباب والمجتمع، وإما غير مباشر عن طريق التهديد الاقتصادي الذي يضرب في عمق التبادلات التجارية ومنافذها البحرية والبرية الآمنة، إقليميا وعالميا، كما هو حال كثير من دول المنطقة اليوم مع هذه الميليشيات، ومن يوجهها من أنظمة الجوار. يبقى أن عمان بحكمة قادتها وحرصها على أمن شبابها واقتصادها وبعد اطلاع واضح على حيثيات هذا التحالف وتطلعاته المستقبلية المحفزة والمتنوعة، اختارت باستقلال سيادي تام وعن قناعة سياسية متأنية الأنسب لها ولمستقبلها الماضي في أمنه واستقراره، لتكون تحت مظلة تحالف إسلامي يزداد في قوته وتماسكه ليشمل جميع الراغبين في الأمن والسلم والسلام، دون استثناء لأي جهد أمني أو فكري، سياسي أو إعلامي، من شأنه دحر الإرهاب وتفتيت ميليشياته التي تقتات على ضعف الشباب من جهة وعلى تشتت المواقف الدولية وعبث وإجرام بعض الأنظمة من جهة أخرى.
مشاركة :