الرويلي: مرضى الشهادات الوهمية.. «هلكوني»

  • 4/1/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عددهم 7000 في السعودية الرويلي: مرضى الشهادات الوهمية.. «هلكوني» 03-31-2014 09:44 PM القبس(ضوء):في أحد أيام عام 1983 كان الفتى السعودي العشريني يجلس في صفّه متابعاً للدرس في مقرر «تنمية العالم الثالث»، عندما خصه أستاذه في جامعة أيوا الأميركية بكتاب صغير، طالبا منه أن يقرأه. استغرب الفتى من هدية أستاذه، فالكتاب غير متعلّق بمنهج الدراسة، وليست له علاقة بتخصص الأستاذ، لكنه مع هذا تقبله شاكرا وقرأه خلال أربعة أيام فقط، فهو صغير ومثير وغريب في موضوعه. وفي نهاية الأيام الأربعة أعاد الفتى الكتاب إلى أستاذه، لكن الاستاذ قال له: «أبقه معك.. ستحتاج أن تقرأه مرة اخرى ذات يوم»، من دون أن يشرح له متى؟ ولماذا؟! ولأن عنوان الكتاب «مرض الشهادات»، فقد قال الطالب لاستاذه متعجبا من أمره: نحن في السعودية والبلاد العربية عموما نعاني من الأمية لا من مرض الشهادات يا سيدي. لكن الاستاذ الخبير بشؤون تنمية العالم الثالث علّق واثقا: ستعانون من مرض الشهادات.. قريبا! قبل أسبوعين، بحث الفتى، الذي أصبح وقورا جدا وأستاذا جامعيا في جامعة الملك سعود وعضو مجلس الشورى في المملكة العربية السعودية، عن الكتاب في مكتبته من دون جدوى، قبل أن يتذكر انه سبق أن أعاره لصديق لم يعده لاحقا. لم ينزعج كثيرا، فالانترنت أصبح يوفر نوادر الكتب بأبسط الطرق. وبطريقة من هذه الطرق وجد د. موافق الرويلي كتابه القديم ليعيد قراءته، وهو يعرف هذه المرة لماذا! إنه يقرأه الآن بتأني العارف الواثق مما يقرأ، والمطلع على كثير من خبايا الأمور التي ربما لم يذكرها كتاب أستاذه القديم بتلك الدقة، وهو يعيد قراءته الآن احتفالا بنجاح وسمه الشهير #هلكوني، الذي اشتهر في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، باعتباره سلاحا لا يغمد في وجه المرضى بمرض الشهادات الوهمية. في لقاء مع د. موافق سألناه أولاً: • ما حكايتك مع هؤلاء الذين «هلكوك» وأهلكوا أنفسهم؟ - عندما عدت من الولايات المتحدة الأميركية بعد أن أنهيت دراستي، عملت في البداية في بنك الرياض مسؤولا عن قطاع التدريب والتعيين، فكان من متطلبات عملي فحص شهادات المتقدمين لشغل بعض الوظائف الشاغرة في البنك، لذلك كنت أطلب تصديق كل شهادة يقدمها لي أحدهم من قبل «التعليم العالي». ومن خلال هذا العمل اطلعت على بعض الحالات التي أثارت استغرابي واستهجاني، فكيف يجرؤ البعض على استسهال تقديم شهادات مزورة أو من جامعات غير معتمدة للعمل وفقا لها؟! لكن الأمر لم يكن يشكل ظاهرة كما بدا لي. ولم أهتم به كثيرا الا عندما أصبحت عضوا في مجلس الشورى في عام 2009، حيث اشتكى عضوان من أعضاء الشورى بأن وزارة التعليم العالي لم تتخذ بعد اي إجراء مهم في ما يتعلق بما أسمياه يومها «قضية الشهادات الوهمية»، وقد حرضني كلام الزميلين على كتابة توصية سريعة بضرورة معالجة تلك القضية. ولمزيد من الاطلاع على خفاياها، قررت في تلك اللحظة أن أستعين بالانترنت لأعرف حجم المشكلة في بلادنا، وكانت النتيجة أنني ليلتها لم أتناول عشائي ولم أنم! سلاح المعلومات • إلى هذا الحد كانت الظاهرة متفشية، وخافية في الوقت نفسه؟ - نعم.. في تلك الليلة، وبواسطة الانترنت، اكتشفت كثيراً من المعلومات المهولة، وقررت أن أبدأ معركتي مع أصحاب هذه الشهادات الوهمية، ومن سهل لهم الحصول عليها أيضا. كما قررت أن يكون سلاحي الأول في تلك المعركة هو سلاح المعلومة، فبدأت بالاحتفاظ بكل ما أتوصل إليه من معلومات حول الشهادات الوهمية والجامعات التي تمنحها للراغبين. وفي سبيل ذلك، سحبت التوصية التي كنت كتبتها بشكل سريع عن ضرورة معالجة القضية، وبدأت في مرحلة جمع المعلومات وتدقيقها، وهي مرحلة استغرقت مني ثمانية أشهر تقريباً. وهي مدة طويلة قياسا لمدة الأشهر الستة التي احتجتها لكتابة أطروحتي في الدكتوراه. • ماذا فعلت بتلك المعلومات التي جمعتها؟ - كانت تلك المعلومات الأساس الذي بنيت على أساسه مشروع «نظام الحماية من الشهادات الوهمية»، حيث قدمت هذا المشروع بشكل قانون لمجلس الشورى، فأحيل للجنة الشؤون التعليمية في المجلس التي وصفته بأنه ملائم للدراسة، وفعلا تمت دراسته واقتراح بعض التعديلات عليه مع اقتراح إنشاء مركز مستقل يعالج قضية الشهادات الوهمية، وهكذا وافق عليه مجلس الشورى بعد إضافة تلك التعديلات بتصويت عال جدا، وباسم «مشروع نظام توثيق ومعادلة الشهادات العليا»، ورفع عندها لخادم الحرمين الملك عبدالله حتى يقر بشكل نهائي. • بالمناسبة، هل مجلس الشورى نفسه خال من مرض الشهادات؟ - لا تحرجيني كثيرا. لكن لا بد من التنويه بأن أي وظيفة حكومية في المملكة العربية السعودية تحتاج مصادقة وزارة التعليم العالي على أي شهادة يتقدم بها للوظيفة، وهذا يعني أن لا أحد قد حصل على أي وظيفة حكومية بناء على شهادة غير مصدقة! لكن هذا لا يمنع أن بعضهم حصل على مثل هذه الشهادات الوهمية، وهو على رأس عمله، فاستخدم اللقب الذي تمنحه إياه هذه الشهادة! عمل على اتجاهين • كيف اهتديت الى فكرة محاربة من أسميتهم «الوهميين» عبر تويتر في وسمك الشهير #هلكوني؟ - عندما اكتشفت حجم المشكلة التي نعاني منها على هذا الصعيد في السعودية، قررت أن أعمل على اتجاهين: أحدهما رسمي من خلال موقعي في مجلس الشورى، والآخر توعوي جماهيري من خلال موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «توتير»، وبدأت بالفعل بالكتابة عن كل ما يتعلق بهذه القضية في حسابي الشخصي. ولأنني كنت أكرر كلمة «هلكوني» وأنا بصدد الحديث عن هؤلاء الوهميين، فقد اقترح علي صديق اسمه سامي الطهيس، وهو فوتوغرافي ومتخصص بالتسويق، أن أضع كل ما اكتبه حول الشهادات الوهمية تحت وسم #هلكوني، وهو ما حدث فعلا، وساهم في انتشار المصطلح بين المغردين في السعودية وغيرها من البلاد العربية. • هل واجهت منذ أن أعلنت الحرب على هؤلاء الذين هلكوك أي تهديدات أو حوادث انتقامية من الذين كشفت زيف شهاداتهم أمام الرأي العام مثلا؟ - لا تهديدات، لكن بعضهم أرسل عدة خطابات لمجلس الشورى يشتكي بأن ما أفعله ليس سوى تشهير يعاقب عليه القانون، وكان ردي عليها دائما: أهلاً بالقانون، وباب القضاء مفتوح لمن يريد أن يشكوني له.. ولم يتقدم أحد حتى الآن! نصب على البسطاء • هل شعرت بالتعاطف مثلا مع بعض الحالات التي كشفتها، وهل من حالات طريفة صادفتك في حربك مع الوهميين في المملكة؟ - ليس تعاطفا، لكنني أشعر بالأسى أحيانا عندما أجد بعض الجامعات الوهمية والوسطاء يمارسون النصب على بسطاء ممن يعتقدون أنهم يدرسون في تلك الجامعات فعلا، وان شهاداتهم المتحصلة منها حقيقية. ويتم كل هذا بطرق ملتوية. والغريب أن بعض من يحصلون على مثل هذه الشهادات لا يشعرون بالخجل منها، وعلى هذا الصعيد أتذكر أحد رعاة الإبل حصل على شهادة وهمية، وهو كما يبدو يظن أنها غير ذلك، فأقام حفلة كبرى بالمناسبة دعا لها عِلية القوم. وللأسف، هناك ممن أعرف فعلا قد ابتلي بهذا المرض، بل إن بعض أصدقائي من الأكاديميين تورطوا أو ورطوا أنفسهم بالإشراف على شهادات وهمية! المبتلى الأكبر • معظم الأسماء التي فضحتها عبر وسمك الشهير في تويتر هي أسماء سعودية، مع أن المرض عالمي، كما يبدو، فما نسبة تفشيه في السعودية أو الوطن العربي بشكل عام؟ - الخليج هو المبتلى الأكبر بهذا المرض على الصعيد العربي. وتشير بعض الأرقام على سبيل المثال فقط الى أن عدد الشهادات الوهمية المكتشفة في السعودية وحدها يقترب من 7000، وهو رقم مخيف كما ترين، ولا أملك ارقاما عن عددها في الكويت مثلا أو بقية دول الخليج، لكنها لن تبتعد عن الرقم مع الاخذ بعين الاعتبار نسبتها لعدد السكان. • ما وصفتك العلاجية الأنجع لمكافحة هذا المرض خليجيا؟ - لا توجد في منطقة الخليج للأسف قوانين رادعة لحماية المجتمع من خطر الشهادات الوهمية، وبما أننا بدأنا في السعودية باتخاذا خطوات قانونية للمكافحة من خلال النظام الذي أشرت إليه قبل قليل، فإنني أدعو جميع دول مجلس التعاون مبدئيا الى اتخاذ خطوات مشابهة، ومجلس الأمة الكويتي معني جدا بالاهتمام بإصدار مثل هذه القوانين. • وهل سيوقف د. موافق الرويلي عندما تسن مثل تلك القوانين حربه ضد الوهميين؟ - أبداً.. سأظل لهم - إن شاء الله - بالمرصاد حتى لو.. #هلكوني! ***اجرت اللقاء سعدية مفرح 0 | 0 | 1

مشاركة :