الأمير مقرن بن عبدالعزيز من ولاية عاصمة الإسلام الأولى إلى وليٍّ لولي العهد | أ.د. عاصم حمدان

  • 4/1/2014
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

* لقد ورَّث الله أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله- ما كان يتمتع به أبوهم ومعلّمهم من ذكاء فطري، وحسٍّ استشرافي وقدرة على مواجهة الأحداث برويَّة وحكمة عميقتين، وهو ما تجلى في القرار الملكي الأخير من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًا لولي العهد، بعد تأييد غالبية هيئة البيعة للوثيقة التي أقرَّ بها إلى جانب الملك سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وعلى ضوئها صدر هذا القرارُ التاريخيُّ الذي رحّب به المواطنون الذين تعوَّدت منهم القيادة الرشيدة المؤازرة في كل المنعطفات التاريخية الهامة ومنذ تأسيس هذا الكيان. ولعلي أروي للتأريخ والذكرى ما سمعتُه إبان النشأة من كبار القوم ورواة التأريخ في عاصمة الإسلام الأولى - المدينة المنورة- وغالبيتهم رحلوا للدار الآخرة، فلقد انتدب قائم مقام المدينة في الحقبة الماضية الشريف شحات بن علي وقائدها العسكري عبدالمجيد باشا - رحمهم الله-، شخصية معروفة وهو الشيخ مصطفى عبدالعال الصعيدي لمقابلة الملك عبدالعزيز في أبرق الرغامة، حيث عرض عليه رغبة أهل الجوار الطاهر في تسليم المدينة لتكون جزءًا من هذا الكيان الهام والمترابط، فما كان منه إلا أن بعث بابنه الأكبر سمو الأمير محمد بن عبدالعزيز - رحمه الله- فدخل المدينة بكل سلام وأمان في جمادى الأولى سنة 1344هـ، ولم يتمَّ التعرضُ بأي سوء أو أذى للقائد عبدالمجيد ورجاله الذين غادروا المدينة لديارهم بمحض إرادتهم، وأضحى الأمير محمد أول أمير لها في العصر السعودي الزاهر. وقد جسّد الملك عبدالعزيز رعايته وتقديره لأهل البلدة الطاهرة، حاضرة وبادية، عامة وخاصة، وعلى مختلف توجهاتهم وميولهم، بل كما تسعفني الذاكرة بأنه - رحمه الله- وجه بإجراء حوار فكري بين الفئات المختلفة - آنذاك- وهو ما استشرف ضرورة قيامه كذلك الملك عبدالله قبل أكثر من عقدٍ من الزمن، وكانت له انعكاسات إيجابية على المجتمع بكافة أطيافه. ويشاء الله أن يتولى سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز إمارة المدينة في عام 1416هـ، ويتذكر أهلُ الجوار الكريم لطفَه وقربَه من هموم الناس وتطلعاتهم وسعة صدره بل وصبره أحيانًا على البعض ممن يقصدون مكتبه ويتطلعون لسرعة إنجاز قضاياهم دون أن يأخذوا في اعتبارهم الأولويات الضرورية. وفي المرات القليلة التي اجتمعت فيها بسموه لاحظت أنه كان يشعر مضيفه بأنه صاحب الدار ويتجاوب مع كل سؤال وموضوع يطرح بأريحية يمكن القول أنه يعز وجهودها - للأسف الشديد- عند بعض المسؤولين في الإدارات الحكومية ممن يضيقون بالسؤال أو الاستفسار مع أنه تم اختيارهم لهذه المناصب لخدمة المواطنين والسعي لتحقيق رغباتهم. وأتذكر في هذا السياق التأريخي المتصل بمناقب الأمير مقرن وسلوكياته الإنسانية بأنني كنت حاضرًا تكريم نادي المدينة الأدبي لعدد من الشخصيات الفكرية والأدبية في عام 2000م، وكان من بين المكرمين أستاذ الأجيال أحمد بشناق والأديب الشاعر حسين قاضي - رحمهما الله- فسعى سموه إلى مكانهما حيث يجلسان وقدم لهما الدروع التذكارية ضاربًا مثلاً رائعًا على التواضع الفطري الذي تتمتع به شخصيته، وكذلك تقديره لرجالات العلم والفكر، وخصوصًا أن سموه يتمتع بثقافة علمية واسعة وفي مجالات تطبيقية عديدة منها، الفلك، وعلوم الطبيعة مازجًا ذلك كله بخبراته الذاتية والمؤطرة علميًا فيما يرتبط بزراعة النخيل وخصوصًا أنها ثقافة وصناعة سائدة في كل من حائل والمدينة المنورة وهي المدن التي تولى إمارتها في حقبتين هامتين من حياته العملية. * بالأمس القريب تصدت القيادة الرشيدة وبكثير من الحزم والصرامة والوضوح ضد الفكر المتطرف والإيديولوجية الحزبية لأن ذلك ببساطة لا يتواءم مع منطلقاتنا الدينية القائمة على الوسطية والاعتدال والتسامح. * واليوم يدعو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - رعاه الله- إلى وجوب الاعتصام بحبل الله والتعاون على هداه والحرص - كما ورد في أمره الكريم- على الأخذ بالأسباب الشرعية وتحقيقًا للوحدة واللحمة الوطنية والتآزر على الخير، ويشد عضده وعضد أخيه سمو ولي العهد بأخيهما مقرن بن عبدالعزيز في خطوة تسر نفوسًا وتقر أعينًا، ليس فقط أهل وسكان هذه البلاد القوية بعد الله بوحدتها وتآلفها وتقاربها بل هي مما يسر كذلك كل من يتوجهون من أبناء العروبة والإسلام في صلاتهم ودعائهم لبيت الله الحرام ويؤدون مناسكهم وشعائرهم في رحاب المدينتين الطاهرتين مكة المكرمة والمدينة المنورة بكل طمأنينة وأمانِ وسلام. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (70) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :