صدرت عن «منشورات المتوسط»- ميلانو، رواية «القرصان الأسود» للروائي الإيطالي أميليو سالغاري بالعربية للمرة الأولى، وترجمها عن الإيطالية كاصد محمد. وسالغاري، كما هي الحال مع أُمبِرتو إيكو وإيتالو كالفينو، أحد أكثر الروائيين الإيطاليين ترجمة وانتشاراً في العالم. وكان نتاجه الأدبي مصدر إلهام لكثير من عظماء الأدباء والسينمائيين الذين شغفوا بحب رواياته. أما الرواية الصادرة عام 1898، فتعتبر ملحمة الأدب الإيطالي المعاصر في سبرها معاني البطولة والنبل والفروسية. أُنتج من روايات أميليو سالغاري نحو 42 فيلماً سينمائياً. احتوت مكتبة المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني على أكثر من 50 كتاباً للروائي الإيطالي. كذلك ألهمت أعماله كبار المخرجين، أمثال ستيفن سبيلبيرغ وسرجو ليون. ومن بين الكتاب الذين عشقوا أدبه وألهمت رواياته خيالهم: أُمبِرتو إيكو، غابريل غارسيا ماركيز، كارلوس فوينتس، خورخي لويس بورخس وبابلو نيرودا. ويُقال إن تشي غيفارا قرأ 62 رواية من روايات سالغاري، حتى أن كاتب مذكراته باكو انياثيو تايبو، عزا أفكار غيفارا ضد الإمبريالية إلى سالغاري. العلامة التي أحدثها سالغاري (أكبر أدباء المغامرة في إيطاليا) في تاريخ الأدب الإيطالي هي، كما يقول الناشر على كلمة الغلاف، علامة فارقة، فضلاً عن بصمته المميزة التي بات أثرها واضحاً في مجمل تاريخ الأدب العالمي. يتابع: «صنع سالغاري بطلاً شعبياً تميز عن الذين صنعتهم الآداب الأوروبية والعالمية، وهذا ما لفت انتباه أنتونيو غرامشي حين حلّل النظرية القومية في الأدب الإيطاليّ، واصفاً سالغاري بالمبدع لقدرته على خلق بطلٍ شعبيّ تروج حكاياته في أرجاء إيطاليا، رغم أنه من صنع الخيال، ومغامراته المفترضة تدور في بلادٍ بعيدة جداً عن إيطاليا، وتمتدّ من ماليزيا إلى وسط إفريقيا فالكاريبي والقارة الأميركية. شخصيات بطولية يصل بالناشر النقد إلى العثور على ظلال سالغاري في الأفلام السينمائية كافة التي نقلت أدب المغامرة إلى الشاشة الكبيرة. وهنا نستذكر أُمبِرتو إيكو في تحليله «السوبرمان» وأثره في الجماهير. إذ ربط هذه الشخصية السينمائية ومثيلاتها بجذورها الأدبية وعزز مكانة سالغاري في ابتكار هذا النموذج الهرقليّ الحديث، ناهيك عن إبداعه لبطل شجاع ينقذ الآخرين ويعيش لحظات مصيريّة فيها من الأهوال الجانبية ما يكفي لاستنزاف قضيته العالقة بين الحبّ والثأر». والكتاب، كما يذكر الناشر، إحدى أروع الروايات التي جادت بها مخيّلة أميليو سالغاري، وهي الحلقة الأولى من سلسلة «قراصنة جزر الانتيل»، التي تتحدث عن مغامرات القراصنة وصراعهم مع الأساطيل الإسبانية في القرن السابع عشر. تدور أحداث الرواية في بلادٍ تفوق الخيال، ويصوّر الكاتب المدن والغابات العجيبة ببراعة ودقّة فريدتين، وأسلوب سلس وبسيط. كذلك تمتاز بقوة التشويق في وصف المعارك الضارية التي تقع في عرض المحيط وعند أسوار القلاع، كما نتعرف من خلالها إلى أهوال البحار وقوانينها. أميليو سالغاري 1862-1911 ولد في مدينة فيرونا من أسرة ثريّة تعمل في التجارة. التحق بالمعهد البحريّ في البندقية وسرعان ما ترك دراسته ليعمل في المجال الصحافيّ. اشتهر بكتابة القصص القصيرة والمسلسلة على صفحات الجرائد، حتى تهافتت عليه دور النشر فألّف ما يقارب الثمانين رواية تتحدث جميعها عن مغامرات البحار والبلاد البعيدة التي تعكس ولعه في الملاحة والاستكشاف. ورغم الاعتراف بمكانته الأدبية عاش سالغاري فقيراً ومنعزلاً في مكتبه، وانغمس في الكتابة حتى دخل حالة اكتئاب أفضت به إلى الانتحار في مدينة تورينو. ترك سالغاري إرثاً كبيراً من القصص والروايات، بلغ أكثر من 80 رواية ومئة قصة. وبعد موته، صدرت عشرات الروايات التي نسبت إليه؛ والتي لم تكن حقيقةً له، فأصبح يمثل بعد موته مدرسة قائمة بذاتها، وبدأ الكتاب يحذون حذوه ويقلدون أسلوبه، وصدر إثر ذلك عدد هائل من الروايات التي اتخذ كُتّابها من أسلوب سالغاري وطريقته في الكتابة منهلاً لهم، وصدر معظم تلك الروايات بتوقيع كاتبٍ ما، إضافة إلى اسم أحد أبناء سالغاري.
مشاركة :