أثناء حملته الانتخابية، هاجم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مرارا وتكرارا الاتفاق النووي "الكارثي" الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما مع إيران. وتعهد ترمب بتمزيق الاتفاق، أو على الأقل تعديله بشكل كبير، واعتباره واحدا من أهم الأعمال التي سيتولاها فور تقلده منصبه. ولكن من المرجَّح أن يكون هذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إيران ومجموعة "5+1" "الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا" الصيف الماضي، أكثر مرونة مما يأمل الرئيس المنتخب أو أي من مستشاريه. لقد شهدت الأيام الأخيرة إضافة أداة جديدة لترسانة "القوة الناعمة" الأميركية التي من شأنها أن تكون مفيدة للغاية لإدارة ترمب المقبلة في سياسة تعامله مع إيران. في 6 ديسمبر، وافق مجلس الشيوخ الأميركي على قانون ماجنيتسكي الشامل لحقوق الإنسان كجزء من تفويضه لنفقات الدفاع في عام 2017. وهذا القانون الذي دافع عنه السيناتور الديمقراطي بن كاردن من ولاية ماريلاند، يُعد ثمرة من قانون عقوبات 2012 الذي يهدف إلى معاقبة السُلطات الروسية على وفاة المحامي الروسي سيرجي ماجنيتسكي في ظروف غامضة. ويتمتع قانون ماجنيتسكي العالمي بنطاق واسع إلى حد كبير، حيث إنه يوسِّع من قائمة العقوبات التي نصَّ عليها القانون الأصلي مثل حظر تأشيرات السفر، وتجميد الأصول وإصدار القوائم السوداء التجارية، وتطبيقها على أي مسؤول أجنبي تقع عليه مسؤولية انتهاك حقوق الإنسان أو حالات أخرى "كبيرة" من الفساد. وبذلك، فإنه يُعد سلاحا فاعلا لحقوق الإنسان وأداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولهذا فإن إيران تعتبر حالة اختبار منطقي لهذه القيود الجديدة، لأنها تسيء لحقوق الإنسان منذ فترة طويلة وعلى نطاق عالمي. وعلى مدى العامين الماضيين، أصبحت الممارسات المحلية للنظام الإيراني أكثر قمعا من أي وقت مضى. وفي العام الماضي، ووفقا لتقارير الأمم المتحدة، وصلت عمليات الإعدام العلنية داخل إيران إلى نسبة عالية فاقت الـ27 عاما الماضية، أي بمعدل يزيد على أربعة أشخاص يوميا في الفترة من أبريل ويونيو 2015. كما ازداد قمع النظام بشكل ملحوظ للأقليات العرقية "بما في ذلك الأكراد والبلوش والأذريين"، وفي الوقت نفسه يقول نشطاء حقوق الإنسان إن حرية التعبير والصحافة تكاد تكون معدومة. فلقد جاء ترتيب إيران الـ169 من 180 دولة في أحدث مؤشر لحرية الصحافة العالمية. إن كل ما يحدث في إيران من قمع وفساد واضح بالنسبة للإيرانيين، ورغم ذلك فإن إيران تفلُت دائما من عقاب الغرب، لأن الولايات المتحدة حريصة على الحفاظ على اتفاق دبلوماسي بشأن برنامج إيران النووي، ولذلك فإنها تغض الطرف عن الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان في إيران. وبينما تُفكر إدارة ترمب المقبلة في نهج جديد للتعامل مع إيران، ينبغي أن تسلط الضوء على الممارسات القمعية الإيرانية، وأن تستهدف الجهات الفاعلة لتلك الفظاعات، وأن ترسل إشارة قوية تؤكد أن الولايات المتحدة تقف مع السكان المحتجزين في البلاد، فلقد أصبح لدى قائد البيت الأبيض الجديد أداة حاسمة لفعل ذلك.
مشاركة :