< نضحك، ثم يفاجئنا أحدهم بالقول: «الله يستر علينا من ضحكنا». وفي كل عيد لا بد أن يذكرك سراق البهجة بقول المتنبي: «عيد بأية حال عدت يا عيد، بما مضى أم بأمر فيك تجديد». وإذا تطلعت بكل الرجاء والأمل إلى عفو الغفور الرحيم، نظروا إليك بوجوه يملؤها التجهم مذكرين إياك بأنه شديد العقاب. حتى المفتي الشرعي الذي لا يستعجل في إغلاق أبواب التخفيف، ربما وجد نفسه وحيداً بلا مريدين، لا لشيء سوى أنه «سَمح»! ولعل متنبئي الفضائيات الجدد التقطوا إشارة ميل الغالبية «للنكد» فاستبدلوا «قدامك سكة سفر» التي طالما كانت مفتاح سابقيهم إلى قلوب ومن ثم جيوب الناس، بـ«حظك منيل بستين نيلة» طالما أن الجمهور «عاوز كده». سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فبين له النبي أنه خمس صلوات في اليوم والليلة، وصيام رمضان، والزكاة، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذه ولا أنقص، قال النبي: «أفلح إن صدق»، هذا هو الإسلام ببساطة يا سادة يا كرام، فالأعرابي ذهب من عند «رسول الله» بالفلاح، وبقيت تعقيدات شرّاح الحديث، حتى يكاد الذي يقرأها يظن أن لن يفلح أحد. أحب نبينا عمه أبو طالب، وحزن على موته حزناً شديداً، ليأتي من يقول بأن حب غير المسلمين موالاة لهم، بل ربما هو مخرج من ملة الإسلام! وأذن الله للمسلم «بالزواج» من الكتابية، لتصبح أماً لأولاده المسلمين، لكن هناك من يؤكد بأن ملاطفة أبنائها لها بتهنئتها بعيدها حرام، هذا إذا سلموا من الكفر! حرام، كفر، مخرج من الملة، يخشى على صاحبه من النفاق، صاحب هوى، يميّع الدين، صفات كثيرة وأحكام مرعبة تطلق على عواهنها بلا تردد، تقطع طريق النجاة بلا حساب لأثر مثل تلك «الآراء» على الفرد حين يتسلل إليه الإحساس بأنه خارج عن دائرة العفو بما اقترفت يداه، حتى أن الرجل الذي قتل 99 نفساً لم يتوقف عند الراهب الذي أقفل عليه باب التوبة، بل أكمل به الرقم جاعلاً إياهم 100. نحن السبب، نحن المسؤولون عن انتشار هذه الظواهر السلبية الموغلة في البؤس والتشاؤم ونشر الكراهية والشعور بالذنب، فنحن وليسوا هم من شرّع الأبواب لهم كي يخوضوا في نياتنا ذات اليمين وذات الشمال، وكأنهم أعلم بها منا، ونحن الذين أقحمناهم في حياتنا وجعلناهم يخطون لنا حدودها ويرسمون لنا خرائط النجاة كما يظنون هم وليس كما جاءت من عند الله، فالله يقول في الحديث القدسي: «لا يدخل النار من في قلبه (مثقال ذرة) من إيمان» وهم يقولون لا يخلّد فيها! تركنا قول الله «لا يدخل» خلف ظهورنا، واتبعنا قول خلقه «لا يخلد»، إذاً فالمشكلة هي من عند أنفسنا ونحن الذي علينا حلها بالتحلل منها. ختاماً، وبمناسبة السنة الجديدة جعلها الله سنة خير على الجميع، التي تجدد معها النكير على من أراد تهنئة غير المسلمين بها، فإنه ينبغي التذكير بعظمة ديننا وأنه ليس دين انعزال، وأننا لسنا بتلك الهشاشة في عقيدتنا التي يُخشى عليها من مجرد مجاملة إنسانية، فلا تكسروا مفاتيح الخير في نفوسكم ونفوس الآخرين. وانشروا الفرح، فإنما نحن دعاة محبة وسلام، لا دعاة تجهم وكراهية. F-ALASSAF@
مشاركة :