معركة توفير الدواء في مصر تدخل مرحلة خطيرة تنذر أزمة نقص الدواء في مصر بمجاعة دوائية، بحسب المراقبين، نتيجة تردّي أوضاع الصناعة، وانخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الرئيسية، الأمر الذي أدّى إلى فقدان السوق لأكثر من ربع الأدوية المتداولة في الصيدليات. العربمحمد حماد [نُشرفي2017/01/03، العدد: 10501، ص(10)] سقف مرتفع للأزمة دخلت أزمة نقص الدواء في مصر شهرها السادس بعد ارتفاع عدد أصناف الدواء الناقصة بالصيدليات إلى نحو 1688 دواء، وهو ما تسبب في أزمة كبيرة لدى شريحة كبيرة من المرضى التي تعتمد على الأدوية المستوردة. وحذرت غرفة صناعة الأدوية في يوليو الماضي من أزمة في القطاع، بسبب ارتفاع تكاليف استيراد المواد الفعالة، وعدم توافر الدولار بشكل كاف لاستيراد مستلزمات الإنتاج. ويصل عدد الأدوية المتداولة في السوق المحلية إلى نحو 7010 أصناف. وتسبب قرار تحرير سعر صرف الجنيه قبل شهرين في ارتفاع تكلفة الاستيراد بشكل كبير، دون أن تشهد أسعار الأدوية ارتفاعات تواكب تلك التكاليف. ويتم تسعير الدواء من خلال لجنة تابعة لوزارة الصحة، وتشهد هذه اللجنة صراعا مستمرا مع الشركات التي طالما شككت في حسابات اللجنة ومستويات الأسعار التي تحددها. ورغم إعلان وزير الصحة أحمد عماد الدين أنه تم الاتفاق مع شركات الأدوية على رفع الأسعار، إلا أن تلك الخطوة لن تحل المشكلة بصورة نهائية. وأشار إلى أن الدولة ستقوم بتوفير 146 نوعا من الأدوية التي ليس لها بدائل، منها أدوية المناعة والهرمونات، بهدف الحفاظ على توافرها في الأسواق. وفي المقابل، ترى نقابة الصيادلة أن زيادة الأسعار لن تحل مشكلة نقص الأدوية إذ أن الشركات هي التي تحدد الأدوية التي سيتم رفع سعرها، وبالتالي ستختار الأنواع التي تحقق أكبر هامش ربح لها بغض النظر عن النقص الحاصل. وكانت النقابة العامة للأطباء قد طالبت في وقت سابق،الرئيس عبدالفتاح السيسي، التدخل لوضع حلول لمشكلة نقص بعض أنواع الأدوية وزيادة أسعارها بشكل يعجز معه المواطن عن شراء الأدوية الأساسية. محمد العبد: مصر ستتعرض لمجاعة دوائية إذا لم تحل مشكلة تسعير الدواء وطرحت النقابة رؤية لمواجهة المشكلة على المدى القصير من خلال عدّة محاور، أهمّها إعداد قائمة بالأدوية الأساسية،على أن تدعم الدولة الشركات المحلية لإنتاجها من خلال إعفاء مستلزمات إنتاجها من الجمارك. وأوضحت أنه بالنسبة إلى الأدوية التي لا يوجد لها مثيل محلي فتتولى الدولة استيرادها مع توفير الدعم الذي لا يسمح بارتفاع سعرها، ومراجعة تسعير الأدوية الأصلية بعد انتهاء فترة حق الملكية الفكرية، وبدء إنتاج الأدوية المثيلة، وإجراء مراجعة دقيقة لنظام تسعير كل دواء على حدة. وتستورد المصانع أكثر من 90 بالمئة من المواد الخام المستخدمة في تصنيع الدواء، كما تستورد مصر 20 بالمئة من احتياجات سوق الدواء تامة الصنع، وتوفر المصانع المحلية اكتفاء ذاتيا بنحو 80 بالمئة. ويصل عدد مصانع إنتاج الدواء بمصر إلى نحو 154 مصنعا، إلى جانب 50 مصنعا تحت الإنشاء، بينما يصل عدد الصيدليات نحو 64 ألف صيدلية. ونشبت خلافات حادّة بين نقابة الصيادلة وشعبة أصحاب الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، حيث دعت النقابة إلى إضراب جزئي للصيدليات بدءا من 15 يناير الحالي ولمدة أسبوعين، في حين رفضت الشعبة مبدأ الإضراب. وتقول النقابة إن الشعبة لا تمثل سوى نفسها، ولا تعبّر عن الصيادلة، فعدد أعضاء الشعبة يصل إلى نحو 97 صيدليا، من إجمالي 203 آلاف صيدلي أعضاء في النقابة. وقال محمد العبد رئيس لجنة الصيدليات بنقابة الصيادلة، إن “مصر ستتعرض خلال الفترة القادمة لمجاعة دوائية، إذا لم تُحل مشكلة تسعير الدواء”. وأكد لـ“العرب” أن وزارة الصحة منحت مهلة بثلاثة أشهر لشركات الأدوية لتوفير نواقص الدواء، فقاموا بتعطيش السوق للمطالبة بزيادات جديدة. وقرر مجلس الوزراء في مايو الماضي زيادة في أسعار جميع الأدوية التي يقل سعرها عن 3.4 دولار بنسبة 20 بالمئة، بحد أقصى 0.67 دولار للعبوة، الأمر الذي أدّى إلى تحريك أسعار قرابة 75 بالمئة من الأدوية المتداولة بالصيدليات. وأشار محمد الفيومي، صاحب صيدلية بالقاهرة، إلى أن الصيادلة يعانون من نقص شديد في الأدوية، وقامت الصيدليات برفع حجم طلباتها من شركات توزيع الدواء بنحو 200 بالمئة. وأكد لـ“العرب”، أن شركات التوزيع تقوم بتخزين الأدوية، تمهيدا لبيعها بأسعار مرتفعة، مشيرا إلى أنها قامت بمضاعفة طلبياتها على الأدوية منذ قرار تعويم الجنيه. وقال حسام عمران مدير التصدير في شركة بيكو للصناعات الدوائية إن “الارتفاع طال مستحضرات التجميل أيضا، حيث قفزت أسعارها ثلاثة أضعاف”. وأوضح لـ“العرب” أن الخامات المستخدمة في تصنيع الكريمات صعدت بنحو 30 بالمئة، وهو ما أدّى إلى تراجع الإقبال عليها خلال الفترة الأخيرة، نظرا إلى الظروف الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين. وتشمل قرارات وزارة الصحة رفع سعر 15 بالمئة من أنواع الأدوية المصنعة محليا وذلك وفقا للفروق في الأسعار في ما بينها، بينما سيتم رفع أسعار نحو 20 بالمئة من أنواع الأدوية المستوردة. ومن المقرر أن تتمّ مراجعة تلك الأسعار والزيادات كل 6 أشهر لتحديد القيمة العادلة لسعر البيع وفق متغيرات سعر الصرف. :: اقرأ أيضاً الإمارات تنفرد بعيدا في تعزيز استدامة وتنويع الاقتصاد مبادرات جديدة لتسريع وتيرة إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي زخم جديد لإعادة هيكلة الاقتصاد العماني في عام 2017
مشاركة :