الإسكندرية ـ صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد الثالث والعشرين من سلسلة "أوراق"، والذي يضم دراسة بعنوان "أسلحة الفضاء الإلكتروني في ضوء القانون الدولي الإنساني"، وهي من تأليف عادل عبدالصادق؛ الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ومدير المركز العربي لأبحاث الفضاء الإلكتروني. ويناقش العدد عدة مباحث منها: الفضاء الإلكتروني والتحول في مفهوم الأمن والقوة والصراع العالمي، والهيمنة السيبرانية والمزايا الاستراتيجية للأسلحة الإلكترونية، وأثر الفضاء الإلكتروني في القانون الدولي العام وقانون الحرب، وكذلك تطبيقات القانون الدولي الإنساني على استخدامات الأسلحة الإلكترونية، فضلاً عن مناقشة التحديات والإشكاليات في سبيل التعاطي القانوني مع الأسلحة الإلكترونية، وأخيراً يعرض خارطة طريق عالمية للتعامل مع الأسلحة الإلكترونية وتأمين الفضاء الإلكتروني. وتعرض الدراسة أختلاف الفضاء الإلكتروني في خصائصه وتحدياته وأنماط استخداماته المدنية والعسكرية، واستتبع ذلك ضرورة التحول من الفوضى إلى التنظيم لعمليات الاستخدام المتعددة له، وهو ما يتطلب البحث على مسارات متكاملة تحقق هذا الهدف والتي منها ما يتعلق بالأبعاد التقنية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والقانونية وغيرها للعمل على تنظيم الاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني وتحقيق التوزان بين الاستخدامات والواجبات. ومن المتوقع أن يشهد القرن 21 انتشار استخدام الأسلحة الإلكترونية سواء بمفردها أو بالارتباط بأسلحة أخرى وخاصة في ظل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي وصعوبة فرض حظر على الأنشطة العسكرية عبر الفضاء الإلكتروني سواء التي تقوم بها دول أو من غير الدول، وكذلك هناك حركة تطور في أنواع الأسلحة الإلكترونية، وهو ما يظهر في بروز نمط جديد من الصراع الدولي عبر الفضاء الإلكتروني الذي أصبح وسيطا للأعمال العدائية، مما جعل تلك التهديدات تمثل تحديا أمنيا جديدا وبخاصة مع خبرة المجتمع الدولي في التعامل مع ظهور الأسلحة الكيماوية أو النووية أو البيولوجية وتطوير نظام الأمن الجماعي وفق ميثاق الأمم المتحدة، أو ما يعرف بقانون الحرب، ولذلك اتضحت حتمية البحث عن التعامل مع هذا التحول على نحو مؤسسي وقانوني. وأكدت الدراسة أن هذا التحول ترتب عليه ضرورة إعادة النظر في ثلاثة مفاهيم، وهي مفهوم السلطة القانونية ومفهوم التأثير والنفوذ ومفهوم الشرعية، وكذلك المتغيرات الداخلية والمتغيرات الخارجية في تفاعل الوحدات الدولية إلى درجة أصبح الاختصاص المحلي والاختصاص الدولي أمرًا ليس من اليسير البت فيه، فضلاً عن تجاوز الحدود القضائية في محاولة البحث في إمكانية تطبيق القانون الدولي على هجمات الفضاء الإلكتروني، بحيث إنه حري بنا أن نستند في حالة عدم وجود موقف قانوني واضح، إلي العرف الدولي وكذلك القياس وآراء محكمة العدل الدولية بالإضافة إلى آراء الفقهاء وغيرها من المصادر التي تعمل على سد الفراغ التشريعي. وقُسمت الدراسة إلى عناصر تحاول أن تقدم إجابة عن تساؤلات رئيسية وهي مدى مشروعية استخدام الأسلحة السيبرانية - الإلكترونية في النزاع الدولي، وما علاقة ذلك بمبدأ منع استخدام القوة في العلاقات الدولية؟ وما تأثير الفضاء الإلكتروني في القانون الدولي العام؟ وما تأثير الفضاء الإلكتروني في التحول في الأمن والقوة والصراع العالمي؟ وما طبيعة الهيمنة السيبرانية والمزايا الاستراتيجية لاستخدام الأسلحة الإلكترونية؟ وكذلك طرحت الدراسة إجابات حول أثر الفضاء الإلكتروني في القانون الدولي العام وقانون الحرب؟ وكيف يمكن تطبيق القانون الدولي الإنساني على هجمات أسلحة الفضاء الإلكتروني؟ وكيف يمكن اعتبار الأسلحة الإلكترونية استخدامًا للقوة في العلاقات الدولية؟ وما هي مشروعية استخدام الأسلحة الإلكترونية في النزاع المسلح؟ وما مشروعية استخدام الأسلحة الإلكتروني في الدفاع الشرعي عن النفس؟ وما التحديات أمام التعاطي القانوني الدولي مع الأسلحة الإلكترونية؟ وما مستقبل التعامل الدولي مع الأسلحة الإلكترونية وتأمين الفضاء الإلكتروني؟ وختاماً عرضت الدراسة عددا من التوصيات المتعلقة بكيفية الحد من التأثيرات السلبية لنمو التوجه العالمي في مجال تطوير واستخدام الأسلحة السيبرانية ومنها، ضرورة العمل على تضمين الأسلحة السيبرانية في مجال اتفاقيات الحد من التسلح، وأن يتم التوصل إلى اتفاقية خاصة بالحد منها على نحو ما تم في حالة أسلحة الدمار الشامل، وكذلك العمل على إدخال المجال الإلكتروني ضمن استراتيجية الأمن القومي للدول وتبني سياسات تتعلق بكيفية الاستحواذ على الأمن في مجال الفضاء الإلكتروني، فضلاً عن تحديث الجيوش الحديثة بتقنيات ومهارات التعامل مع التهديدات السيبرانية وكيفية الدخول في مجال الثورة في الشئون العسكرية. كما شملت التوصيات ضرورة التحرك على نحو جماعي للعمل على إدخال الفضاء الإلكتروني ضمن منظومة الأمن الجماعي الدولي، كذلك التوصل إلى اتفاقية دولية حول الفضاء الإلكتروني قوة دولية في مجال الدبلوماسية للعمل على الحفاظ على أمن وسلامة الفضاء الإلكتروني، فضلاً عن أهمية إدخال كافة أصحاب المصلحة في مجتمع المعلومات العالمي في تحمل المسئولية والمشاركة في حماية أمن الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلي تفعيل المنتديات العالمية لحوكمة الإنترنت كمنصة دولية مفتوحة للجميع للنقاش حول الاتجاهات الحديثة في حماية الاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني. وطرحت التوصيات أهمية العمل على المستوى الدولي في حل الصراعات الدولية حيث إن ما يحدث في المجال الإلكتروني انعكاس لحالة التوتر على الأرض، وكذلك أهمية قيام الدول على تحديث أطرها التشريعية لمكافحة الجريمة الإلكترونية لاحتواء المخاطر الداخلية، والعمل على تأمين البنية التحتية الكونية للمعلومات وإدخالها ضمن المنشآت المدنية المحظور استهدافها، وإنشاء لجنة دولية لإدارة الازمات السيبرانية، وكذلك عمل مراكز تدريب محلية في مجال مكافحة الطوارئ المعلوماتية والعمل على بناء القدرات في مجال الأمن الإلكتروني. واستكملت التوصيات أهمية تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة الإلكترونية وأهمية العمل على تعزيز التعاون في النظم القضائية، بالإضافة لدور المجتمع المدني العالمي في رفع الوعي بمخاطر الاستخدامات غير السلمية على الاقتصاد والأمن العالمي، وأهمية تعاون الشركات التكنولوجية في مجال فرض حظر على تصدير الأسلحة الإلكترونية للدول موضع النزاع، وكذلك التوازن بين الأمن والحرية في التعامل مع المخاطر الأمنية، فضلاً عن العمل على تشجيع دور الفضاء الإلكتروني في التنمية والإبداع والنمو الاقتصادي للعمل على تعزيز الأهمية الاستراتيجية له ودمج الطاقات العاطلة في التنمية وبخاصة بين الشباب. يذكر أن سلسلة "أوراق"، سلسلة كراسات تصدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، تتناول مجموعة من الدراسات التحليلية لموضوعات متعددة تتقاطع جميعها في طابعها الاستشرافي للمستقبل.
مشاركة :