القاهرة: الخليج قال شيخ الأزهر أحمد الطيب، إن مجلس حكماء المسلمين انشغل طويلاً بالسلام في ميانمار (بورما)، لافتاً إلى أن مؤرخي الأديان يصفون تعاليم بوذا، مؤسس الديانة البوذية في شرق آسيا، بأنها تعاليم الرحمة غير المتناهية، وأنه حكيم تاريخي من أبرز صفاته الهدوء والعقلانية وشدة الحنان. وخاطب الطيب الشباب الميانماري، خلال الجلسة الافتتاحية لحوار السلام في بورما التي أقيمت أمس في القاهرة برعاية مجلس حكماء المسلمين، تحت عنوان نحو حوار إنساني حضاري من أجل مواطني بورما، أنتم الأقدر على تجاوز هذه الأزمة، التي لو تركت فإنها ستأتي على الأخضر واليابس، وأنتم الأرحب فكراً والأنقى سريرة والأيقظ ضميراً والأكثر حماساً وتطلعاً للسلام، متمنياً أن يشهد العام الجديد حقناً للدماء وأن تتوقف الحرب الدائرة ضد مسلمي الروهينجا، مشيراً إلى أن مجلس حكماء المسلمين يشرف على عقد جولات حوار بين عدد من الشباب، الذين يمثلون الأطراف المعنية بالصراع في ولاية راخين في ميانمار، من أجل السعي لتحقيق السلام في هذا البلد الواقع جنوب شرق آسيا. وأضاف الطيب: لا أعرف فتنة أضر على الناس، ولا أفتك بأجسادهم، وأسكب لدمائهم، من القتل والقتال باسم الدين تارة وباسم العرق تارة أخرى، فما للقتل بُعث الأنبياء وأرسل المرسلون، ولا للاضطهاد والتشريد جاء الحكماء والمتألهون. ووجه الطيب رسالة إلى الشباب الميانماري بكل أعراقه وأديانه قائلاً: إن حكمة البوذية والهندوسية والمسيحية والإسلام، تناديكم صباح مساء، لا تقتلوا ولا تسرقوا ولا تكذبوا، والزموا العفة، لا تشربوا المسكرات، وقد تعلمنا في كلية أصول الدين في الأزهر الشريف، ونحن ندرس حكماء الشرق، أن البوذية تعاليم إنسانية وأخلاقية في المقام الأول، وأن بوذا الحكيم الصامت، من أكبر الشخصيات في تاريخ الإنسانية، وكان من أبرز صفاته الهدوء والعقلانية وشدة الحنان والعطف والمودة. وأضاف الطيب أن كبار مؤرخي الأديان في العالم يصفون تعاليمه بأنها تعاليم الرحمة غير المتناهية، وأن صاحبها كان وديعاً مسالماً غير متكبر ولا متشامخ، بل سهل لين قريب من الناس، وكانت وصاياه تدور على المحبة والإحسان للآخرين، وتابع الطيب ما أريد أن أهدف إليه من وراء هذا السرد هو أن مجلس الحكماء يعقد عليكم آمالاً في أن تبدأوا غرس شجرة السلام التي تظلل مواطني راخين، بل مواطني بورما بأجمعهم، وأن تبدأوا في نشر ثقافة المواطنة، حتى تقضوا على مفهوم الأقليات وما يجره هذا المفهوم البائس من إقصاء وتهميش، ينتهي دائماً بسفك الدماء وتشريد الأبرياء. واستطرد الطيب شغلنا طويلاً في مجلس الحكماء بقضية السلام في ميانمار، وارتأينا أن أقرب الطرق إلى التفاهم والحوار حول القضية هو العقول الشابة من مواطني بورما، لأنهم الأقدر على تجاوز هذه الأزمة التي لو تركت فإنها ستأتي على الأخضر واليابس لا محالة. وقال مينت لوين، سفير ميانمار في القاهرة: إن الحوار يهدف إلى التباحث مع الشباب حول سبل العيش المشترك، والوقوف على أسباب الخِلاف في ميانمار، ومحاولة وضع حلولٍ جذريَّة لإنهائه وترسيخ أُسُسِ المواطنة والعيش المشترك بين المواطنين، مضيفاً: كانت لدينا مذاهب دينية مختلفة والتي تعايشت في سلم عبر مئات السنين، وحرية الدين مضمونة في ميانمار بالقانون من خلال قانون ممارسة حرية الأديان. وأشار إلى دراسة استقصائية في 2014 أكدت أن أغلبية الديانة ليست بوذية وكافة الأديان تعيش في انسجام، وهناك مسجد لكل 680 مسلماً، وهناك معبد لكل 480 هندوسياً، وأن ميانمار سمحت بتأسيس جماعات صداقة بين الأديان، فتم إنشاء أكثر من 100 جمعية لنقل السلام بين الأديان ويقوم زعماء الأديان بدعم التسامح وحرية الحوار ودعم التسامح. وقال شوي وين، ممثل الطائفة البوذية في جلسات الحوار، إنهم اختاروا عقد الحوار من خلال الأزهر، لثقتهم على قدرته على نشر ثقافة السلام بين أتباع الأديان، مشيراً إلى أن مبادئ البوذية الخمسة هي أن نتجنب مثل أي شخص الكذب والسرقة وألا نأخذ ما ليس لنا وغيرها من المبادئ، والتي تتشابه ومبادئ الإسلام الخمسة، والتي هي أركان الإسلام. وقال ميو لو وين، ممثل مسلمي بورما: إن الصراعات وأحداث العنف التي شهدتها بلاده حدثت نتيجة انخفاض الرعاية الصحية، وانتشار الفقر والجهل والتعصب، وأضاف لسوء الحظ وعلى مدى السنوات الماضية وقعت أحداث أثرت في الصورة، التي يتمتع بها المجتمع البورمي، مشدداً على ضرورة دعم المجتمع الدولي لجهود الدولة في إحلال السلام في بورما والعالم.
مشاركة :