مدريد - لندن: «الشرق الأوسط» بمناسبة مرور 400 عام على وفاته، تكرم إسبانيا الآن واحدا من أعظم رساميها، المنتمي لعصر النهضة، وهو إيل جريكو، بإقامة عدة معارض كبرى تشهد عرض لوحاته المأخوذة على سبيل الإعارة من أشهر المتاحف العالمية هذا العام. يذكر أن الرسام، واسمه الحقيقي دومينيكوس تيوتوكوبولوس، ولد في اليونان، لكنه عاش الشطر الأعظم من حياته في طليطلة بإسبانيا. وتستمر المعارض حتى 14 يونيو (حزيران) المقبل، حيث يقام المعرض الرئيس في متحف سانتا كروز في طليطلة، مع إقامة معارض أخرى في خمسة مواقع أصغر. وهناك 80 لوحة أخذت على سبيل الإعارة من كبرى المتاحف العالمية؛ متحف اللوفر ومتحف متروبوليتان في نيويورك، وصالة الفن الوطنية في لندن، ومتحف الهيرميتاج في سان بطرسبورغ، ومتحف برادو في مدريد. كما يجري التخطيط لإقامة معرض ثان هذا العام تحت عنوان: «إيل جريكو: الفن والحرفة» ويستمر من 8 سبتمبر (أيلول) إلى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين. وذلك المعرض في طليطلة يتناول العملية الإبداعية التي استخدمها الرسام والتي تعد الوجوه الطويلة لشخصياته معلما لها. وفي مدريد، قام متحف برادو بالتعاون مع المكتبة الوطنية بتنظيم معرض آخر بعنوان: «مكتبة إيل جريكو» يضم مؤلفات تحتوي على مدونات كتبها الرسام بخط اليد. ويستمر المعرض من أبريل (نيسان) الحالي حتى يونيو المقبل. وخلال الفترة من 24 يونيو إلى 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين، سوف يستضيف متحف برادو معرضا تحت عنوان: «إيل جريكو والرسم العصري»، حيث يبرز تأثيره على الفنانين الآخرين مثل بابلو بيكاسو وأوسكار كوكوشكا وخوسيه كليمنتي أوروزكو وجاكسون بولوك. وعلى مدار مئات السنين، لم تكن لوحات إيل جريكو معروفة، ولم تحظ أعماله غير التقليدية الموجودة في أديرة ومتاحف إسبانية باهتمام الدارسين إلا بدءا من القرن التاسع عشر. وتدرب إيل جريكو في مدارس للرسم بروما والبندقية، وسافر إلى إسبانيا أملا في الحصول على رعاية الملك فيليب الثاني داخل قصر إسكوريال الشهير خارج مدريد. وكان جريكو من أبرز رسامي أوروبا في القرن السادس عشر، وقد حول الأسلوب البيزنطي للوحاته الأولى إلى أسلوب آخر غربي بالكامل. كان نشطا في كريت، والبندقية، وروما، وخلال الفترة الثانية من حياته عاش في طليطلة وتوفي فيها في 7 أبريل 1614. بعد وفاته أهملت أعماله حتى بداية القرن العشرين. ويعد الآن من رموز الفن الغربي. يتضمن أسلوبه المميز الأشكال والألوان العريضة مع بعض الأشكال المحرفة قليلا والممددة. كان في كريت مسقط رأسه يسمي نفسه كرياكوس ثيوتوكوبولس (أي الابن الإلهي للرب)، وفي إيطاليا سمي دومنيكو تيوكوبولو؛ وفي إسبانيا دومنجو تيوتوكوبولي، وكان يوقع بالحروف اليونانية دومينيكوس تيوتوكوبولوس، واختزل الزمن اسمه إل غريكو، وهي الكنية التي اشتهر بها في إسبانيا. ولا يعرف شيئا عن حياته في كريت. ولعل أجداده هاجروا إليها من القسطنطينية بعد أن فتح المسلمون هذه المدينة اليونانية عام 1453. على أية حال، كان يستطيع في كريت، كما استطاع في البندقية بعد ذلك، أن يشعر بتأثير الفسيفساء البيزنطية الصارم. وكانت كريت في حياته ملكا للبندقية، فلا عجب إذن أن يستقل الفنان الصغير السفينة إلى مدينة البحيرات، وتجيش في صدره الآمال بعدما سمع عن بلوغ التصوير أوجه فيها، وأغلب الظن أنه انضم إلى الجالية اليونانية الكبيرة في تلك العاصمة العالمية.
مشاركة :