بيروت: كارولين عاكوم بعد تعطل دام ثمانية أشهر، عقد البرلمان اللبناني، أمس، أولى جلساته التشريعية على وقع احتجاجات واعتصامات بدأت من المطار بتوقّف حركة الملاحة ساعتين ووصلت إلى محيط مجلس النواب حيث توحّدت أصوات النساء المطالبات بإقرار قانون حمايتهن من العنف الأسري مع مطالب موظفي شركة الكهرباء أو ما يصطلح على تسميتهم «المياومين» لتثبيتهم في وظائفهم، فيما سينضم إلى القضية نفسها المعلمون والموظفون في المدارس والإدارات الرسمية بإضراب شامل اليوم (الأربعاء)، للمطالبة بإقرار قانون زيادة الأجور، في موازاة استكمال الجلسات اليوم وغدا (الخميس). وناقش النواب في الجلسة الصباحية 14 بندا من أصل 70 كانت مدرجة على جدول الأعمال، أقر خلالها عدد من القوانين، أبرزها «قانون الحدّ من العنف الأسري» و«قانون الإيجارات» و«قانون التعليم العالي» فيما شكّلت لجنة لمتابعة قضية المياومين بسبب التباين في وجهات النظر بين النواب، إضافة إلى اعتراض عمال الكهرباء على القانون الذي كان يبحث لتثبيتهم في الشركة انطلاقا من أنّه لا يتوافق مع مطالبهم، ولا سيّما خضوعهم لامتحانات بعد مرور أكثر من 15 سنة على عملهم في الشركة. لكن إقرار «قانون الحد من العنف الأسري» الذي ترافق عرضه في البرلمان مع اعتصام الجمعيات النسائية وحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء «ناقصا» بالنسبة إلى نساء لبنان اللواتي انتظرنه سنوات عدّة شهدت خلالها تحرّكات للمجتمع المدني وجمعيات نسائية ومقتل عشرات النساء على أيدي أزواجهن أو أقربائهن. إذ إنّ هذا القانون الذي أقرّ تحت عنوان «حماية أفراد العائلة من العنف الأسري» جاء «مشوها وفارغا» من مضمونه بحسب ما اعتبرت منظمة «كفى عنفا واستغلالا» وصار بموجبه الزوج أيضا بحاجة إلى حماية في غياب أي إجراءات لحماية المرأة، وفق ما قالت رئيسة المنظمة زويا روحانا. وكان مشروع القانون الذي وضع ليشمل كل أفراد الأسرة في اللجان النيابية المشتركة في يوليو (تموز) الماضي، لاقى اعتراض المجتمع المدني الذي طالب بتخصيص النساء بالقانون منعا لنسف الفلسفة الحمائية لهن، والتي تنطلق من أن الأطفال محميون بقانون الأحداث، والرجل يستند إلى المنظومة الاجتماعية والذكورية والتشريعية والدينية والسياسية أيضا، وفق ما تشرح روحانا لـ«الشرق الأوسط». ولفتت روحانا إلى أنّ الجمعية قامت ومنذ إقرار المشروع قبل ثمانية أشهر، بجمع 71 توقيعا من النواب في موافقة منهم على إجراء التعديلات، لكن القانون أقرّ في دقائق معدودة ولم يبحث في أي بند لتعديله، واصفة ما حصل بـ«المؤامرة» في بلد تشهد ظاهرة عنف ضدّ النساء وصلت إلى مقتل أكثر من 12 امرأة سنويا، نتيجة العنف الأسري. وقد عمدت النساء إلى البصم بالأحمر على صور النواب خلال الاعتصام الذي نفّذ في ساحة الشهداء في وسط بيروت خلال انعقاد الجلسة التشريعية. وفي حين مرّ «قانون التعليم العالي» بسلام، من المتوقّع أن ينتج عن «إقرار قانون الإيجارات» المتعلّق بالقاطنين بالمنازل منذ عشرات السنين والذي أرضى إلى حد ما مطالب مالكي البيوت، تحرّكات من قبل المستأجرين، لا سيّما أنّ جمعيات عدّة معنية، كانت قد وصفت المشروع بـ«الكارثة» واعتبرت أنّ إقراره سيشرّد أكثر من 180 ألف عائلة. وكانت الجلسة البرلمانية التي انعقدت بعد انقطاع ثمانية أشهر، بسبب الخلافات السياسية التي كانت تؤدي إلى عدم اكتمال النصاب، انطلقت عند الحادية عشر من قبل ظهر أمس، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء والنواب، وسط إجراءات أمنية مشددة، واستكملت في جلسة ثانية عند الساعة الخامسة. وقال بري، في مستهل الجلسة: «رئاسة المجلس لا تشرع تحت التهديد»، في إشارة إلى تحركات عمال الكهرباء والتصريحات التصعيدية لنقابة المعلمين، وآسف لما وصفه بـ«العمل العنفي واتهام بعض النواب»، وقال: «قانون المياومين وضعه وزير العمل السابق بالاتفاق مع الإخوان من المستخدمين والعمال ووقع عليه النواب». وبالنسبة إلى «سلسلة الرتب والرواتب» التي يطالب المعلمون والموظفون بإقرارها، أعلن بري أنّها مطلب حق ولكن يجب درس الإيرادات، وحدّد جلسة للجان المشتركة الجمعة المقبل لمتابعة درس مشروع القانون المتعلّق بها، سائلا: «ما الموجب للتهديدات، هذا الأمر لا يساعدكم ولا يساعدنا». وكانت حركة الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي توقفت لمدة ساعتين، تسببت في تأخر أكثر من 13 رحلة. وأكد رئيس لجنة المراقبين الجويين علي حمود أنّ هناك تحركات تصعيدية إذا لم تنفّذ مطالبهم التي سبق أن توافقوا عليها مع اللجنة النيابية والمتعلقة بزيادة الرواتب. وسيستمر البرلمان في عقد جلساته التشريعية اليوم وغدا، لدراسة مشاريع قوانين واقتراحات، فيما من المتوقّع أن تستمر الاعتصامات والاحتجاجات في محاصرته، وأبرزها التظاهرة لقطاعات عدة أبرزها إضراب نقابة المعلمين التي تطالب بإقرار مشروع قانون زيادة الأجور.
مشاركة :