تتقدم الكرامة بدعوى ضد الحب، وتضج ساحة القلب بصوت المشاعر التي تحضر تلك القضية وتتناقش فيما بينها بأصوات عالية لا تتوقف إلا على صوت مطرقة القاضي العادل «الضمير» الذي نصب الميزان شعاراً له. تستفتح الجلسة بدفاع الكرامة عن ذاتها وحقها المسلوب والمنتهك، وبعدها يدافع الحب عن مبدئه لا عن نفسه، ويطلب شهادة العاطفة معه ليؤكد على معنى: ألا كرامة في الحب، ويقول إن الخصم لو أنصف فسيذوب في صاحبه. وفي وسط صخب القيل والقال تنتفض الأحاسيس وتقع كطير جريح تستجدي يداً كريمة تنتشلها من لحظات ضعفها وتسند موقفها. والقاضي يقف في حيرة من أمره فهو أمام كرامة متظلمة، وحب يدعي أنه معها مظلوم، وها هي الأحاسيس تسقط مجني عليها. .. وبعد لحظات تفكير، تدراكت الكرامة الوقت وشعرت بشيء من الشفقة فنزلت لترفع الأحاسيس وتسندها، وما أن لامست الكرامة أنامل الإحساس ووقفا معاً بمواجهة مع الحب حتى تداعى جبروتها وغلظتها، وأضمحل غضبها وحنقها. فعرف القاضي أن الكرامة قد غرر بها شيطانها فأخطأت موعد الحضور، فأصدر بحقها حكماً: بأن تقف على ناصية القلب تتسول مشاعر، فلا إعدام لميت، والحب يحقق استثناء لقوانين وأعراف وطباع بشرية، ومهما تبرأ الحب من الكرامة أو نبذها فالحب كرامة وتكريم يُدفع ضريبة لشعور باقٍ لا تشوبه شوائب.
مشاركة :