بالرغم من أن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى العراق يوم الثاني من الشهر الجاري لم تستمر إلا يوما واحدا، فإنها كانت حافلة باللقاءات مع المسؤولين العراقيين. وكان هولاند قد أعلن خلال الخطاب الذي توجه به إلى الفرنسيين بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة أنه سيذهب إلى العراق لتحية الجنود الفرنسيين المشاركين في قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. ومع ذلك فإن الرئيس الفرنسي قضَّى غالبية وقت زيارته الثانية إلى العراق منذ وصوله إلى السلطة عام 2012 في التباحث مع المسؤولين العراقيين حول سبل تعزيز الحرب على داعش بشكل خاص والإرهاب عموما، وهو ما شدد عليه مثلا خلال لقائه مع الرئيس العراقي فؤاد معصوم ومع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وقد حرص هذا الأخير على دعوة البلدان المشاركة في قوات التحالف على مساعدة العراق على تلبية حاجات المهجرين والمبعدين من مناطق القتال مع تنظيم داعش وإعادة إعمار الموصل بعد استعادتها من بين أيدي هذا التنظيم. وقال الرئيس الفرنسي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع العبادي إن بلاده تلتزم بالمشاركة في الجهود الرامية فعلا إلى إعادة إعمار الموصل. وخصص الرئيس الفرنسي جانبا هاما من المباحثات التي أجراها خلال زيارته الأخيرة إلى العراق مع رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري لمسالة المساعدات الإنسانية الواجب تقديمها للسكان المهجرين بسبب الحرب على داعش. وقد حملت الطائرة الرئاسية الفرنسية التي حطت في مطار بغداد العسكري صباح الاثنين الماضي 38 طنا من المساعدات منها خمسة أطنان من الأدوية. وأفرغت هذه الحمولة في أربيل التي زارها الرئيس الفرنسي بعد ظهر الاثنين وأجرى فيها محادثات مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الذي رافق هولاند في جولة تفقدية عبر بعض مواقع البشمركة تبعد عن خطوط القتال من حول الموصل خمسة عشر كيلومترا فقط. واطَّلع الرئيس الفرنسي بنفسه على الطريقة التي تستفيد من خلالها القوات النظامية العراقية ومقاتلو البشمركة من المساعدة العسكرية واللوجستية والفنية الفرنسية لتضييق الخناق على داعش. الملاحظ أن فرنسا تشارك في قوات التحالف ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا من خلال عملية أُطلقت العشرين من سبتمبر 2014 وتعرف باسم عملية الشَّمَّال نسبة إلى رياح الشمال الغربي التي تهب على العراق وبلدان الخليج العربية. ويشارك في هذه العملية قرابة ألف ومئتي عسكري منهم طيارون وفنيون ومستشارون يقدمون النصح للقوات العراقية وقوات البشمركة لاسيما بشأن أسلحة فرنسية مستخدمة ضد داعش منها مثلا أربعة مدافع طويلة المدى من نوع كايزير نصبت على مشارف مدينة الموصل.
مشاركة :