لابد أن تعلم عن قلبك كل شيء فعلم القلب الروحي علم الحقائق والرقائق والدقائق تعلُّمه عبادة والعمل به حقيقة السعادة هل قلبك ممن قال الله تعالى فيه «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» و «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» يوجد أكثر من أربعين ألف خلية عصبية في القلب دقتها فائقة في تنظيم الضربات وإفراز الهرمونات وتخزين المعلوماتعلم القلب الروحي القلب حباه الله واجتباه، ووضع فيه سر الروح وأخفاه، وبين في القرآن أعماله وأحواله وأدق خباياه. ولأنك أنت قلبك فلابد أن تعلم عن قلبك كل شيء، حقيقته، مكانته، نوعه وصفته، أحواله وأعماله، عجائبه وأسراره، عبوديته وسجوده، تزكيته واستقامته، طهارته وتمحيصه، نعيمه وشقاءه، غذاءه ودواءه، صلاحه وفساده، هواه وتقواه، ربيعه وخريفه، قسوته ورقته، مرضه وصحته وآفاته، جنوده وحصونه وأبوابه وحرَّاسه وأعداءه، شواغله وعوائقه وقواطعه ووساوسه، مسخه وخسفهن موته وحياته. إنه علم القلب الروحي علم الحقائق والرقائق والدقائق، تعلُّمه عبادة والعمل به حقيقة السعادة. تأمل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلمح صفاء قلبه وتغيره، قال «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» رواه مسلم، وهو هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. تأمل حديثه «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً، عوداً» رواه مسلم، وحديث «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جِذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ» رواه البخاري، وأحاديث كثيرة تجد أنها تكشف لك أدغال قلبك وما به من خبايا وخفايا، لذا لابد أن تتلمح صفاءه وكدره وتراقب حالاته وتقلباته. وقفة قرآنية لابد من وقفة قرآنية مع قلبك فيها ثلاثة أسئلة: أولها: هل قلبك ممن قال الله تعالى فيه «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ» و «ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» و «وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ» و «أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْه» و «وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» و «مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ» و «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ» و «ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» و «يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ» ؟. و ثانيها: هل قلبك أطاع أوامر الله ونواهيه للقلوب ؟ قال تعالى «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ» و «أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» و «وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ» و «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ» و «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا» و «وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ» و «وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ» و «وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ». و ثالثها: هل ينطبق على قلبك شيء ممن قال الله تعالى فيه «وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ» أو «وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ» أو «كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ» أو «صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ» أو «أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ» أو «لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا» أو «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً» أو «لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ» أو «إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ» أو «فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ» أو «كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ» أو «فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» أو «مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ» أو «فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» أو «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ» أو «لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ» أو «فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ» أو «يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ». هذه الوقفه مع قلبك بداية ونهاية، وعباده وسعادة. علم القلب العضوي أما علم القلب التجريبي فمكتبة الطب بدأت تخرج من العصر الحجري، فبالامس القريب لم يكن عمل القلب في الطب الا مضخة للدم، ولم يدرك البشر الحقيقة حتى جاءت المقارنة بين نتائج زراعة القلب الصناعي وزراعة القلب البشري، فسرعان ما مات أصحاب القلب الصناعي وأخبروا عن فقدهم الإحساس بالحب والإيمان وكل معاني قلب الإنسان. بينما أصحاب القلب البشري المزروع جعلوا علماء الطب في الغرب يقولون «نحن متخلفون في فهم القلب» وذلك عندما قارنوا بين سلوك وعقيدة وعادات وأخلاق صاحب القلب المنزوع وصاحب القلب المزروع، وجدوا ارتباط القلب الوثيق بالإيمان والكفر والحب والبغض والسلوك بل والفهم والادراك، لقد وجدوا انتقال هذه المعاني من صاحب القلب المنزوع الى صاحب القلب المزروع، بعدها بحثوا فقال اندرو ارمور «إن هناك دماغاً شديد التعقيد موجود داخل القلب، داخل كل خلية من خلايا القلب» وأثبت وجود أكثر من أربعين ألف خلية عصبية في القلب دقتها فائقة في تنظيم الضربات وافراز الهرمونات وتخزين المعلومات وتشكيل الفهم والادراك، لم يعد القلب بالنسبة لهم مجرد مضخة للدم. ولقد سبقهم في ذلك الغزالي وابن تيميه وابن حجر وكثير من علماء الاسلام، وسبحان الله في قوله تعالى «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ». * داعية إسلامي ومهندس استشاري بوزارة الأوقاف
مشاركة :