القرن الـ 20 بين ثورتي النسبية وفك الشيفرة الوراثية

  • 1/6/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: الخليج بدأ القرن العشرون بثورة الفيزياء الكبرى، ثورة النسبية والكوانتم، وانتهى بثورة البيولوجيا الكبرى، ثورة الجينوم وفك الشيفرة الوراثية والبيولوجيا الجزيئية، هذا فضلاً عن كون النجاح المستمر للبحث البيولوجي، ضمن سياق أزمة النظرية العلمية، قد جعل فلسفة البيولوجيا ربما هي المنطقة الأكثر إثارة للتحقيق والبحث في فلسفة العلم الراهنة، فقد قام فلاسفة البيولوجيا بمساهمات غاية في الأهمية من أجل فهم طبيعة النظريات العلمية والتفسير والقوى والأنواع الطبيعية والعديد من المواضيع الأخرى، ذات الشأن، وذلك انطلاقاً من إطار البيولوجيا. يشير مينا سيتي يوسف في كتابه البيولوجيا وفلسفة العلم إلى أن البيولوجيا بشكل عام نوع من العلوم يختلف اختلافاً كبيراً عن العلوم الفيزيائية، من حيث طبيعة الموضوعات والمنهج والتاريخ ووسائل التحصيل والفلسفة، وقد بات الأمر يتطلب من فلسفة العلم اهتماماً بثورة البيولوجيا، مثلما اهتمت بثورة الفيزياء من قبل، ومعالجة أكثر تخصيصاً للعلوم البيولوجية، استجاب لهذا جمع من الفلاسفة تكرسوا للبيولوجيا، إنهم باحثون عن فلسفة جديدة للعلوم البيولوجية، وتقنين منهجيتها، وفيما تتفق وتختلف وفيما تتمايز. وهكذا بينما تنشغل فلسفة العلم الآن كثيراً بالعلوم البيولوجية، فإن الأبحاث الأكاديمية في المكتبة العربية، لم تعط المنهجية البيولوجية حقها من الاهتمام، وهذه الدراسة محاولة لمواكبة مثل هذه التطورات الأخيرة في فلسفة العلم، التي أحدثتها ثورة البيولوجيا الكبرى، وتقديم البيولوجيا لنموذج إرشادي تفسيري أكثر تقدمية وفاعلية، إنها دراسة تتقدم نحو رحاب فلسفة البيولوجيا تحديداً وتخصيصاً، عن طريق تناول الإشكالية المحورية، التي تحمل سمات ومعالم تميز البيولوجيا، ألا وهي تحديد أوجه مغايرتها المنهجية. يوضح الكتاب أنه قد ترسخ في عقول الفلاسفة والعلماء، وسيطر على النسق العلمي، وساد سائر النظريات والفروض ومجمل النشاط العلمي اتجاه لتفسير كل علوم المادة الحية، وغير الحية، على أساس البنية المنهجية للعلوم الفيزيائية، وكانت هذه هي النظرية العامة للعلم، التي سادت العلم الحديث في مرحلته الكلاسيكية في العصر الحديث، إلا أنه قد أصبح من البين أن مشكلة الفيزيائي هي مشكلة الأصول النهائية، والقوانين الكونية شديدة العمومية، ومشكلة البيولوجي هي مشكلة التركيب والبنية والتطور، وتفسيرها بلغة رمزية قد تستعين بالرياضيات، ولكن ليس من الضروري أن تكون رياضية تماماً على شاكلة النظرية الفيزيائية. هذه هي منطقة الاستشكال التي لم تفطن إليها فلسفة العلوم بتركيزها على العلوم الفيزيائية، وعلى هذا نجد أن المشكلة التي تبحثها هذه الدراسة هي تحديد أوجه المغايرة المنهجية الخاصة بالعلوم البيولوجية، وبالتالي أسس فلسفة العلم الخاصة بها، وعن طريق منهج بحث مقارن، مع الاستعانة بمنهج تحليل كتابات فلاسفة ذات صلة، ترمي هذه الدراسة إلى الوقوف على أبرز مواطن المغايرة المنهجية في العلوم البيولوجية، في طبيعة التجريب، وفي حدود عمومية القوانين، وفي الدور الفائق للمفاهيم، وفي بنية النظرية العلمية وحدود اللغة الرياضية مقابل الرمزية والتشفير، وما يترتب على هذا من مواطن مغايرة في النماذج التفسيرية للعلوم البيولوجية.

مشاركة :