تواصل ـ واس: أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: إن من الخصال الجميلة والصفات الحميدة والأخلاق الرفيعة الهمة العالية والناس إنما تعلو أقدارهم وترتفع منازلهم بحسن علو هممهم وشريف مقاصدهم، والمؤمن العاقل الرشيد يحرص على ما ينفعه وما فيه خيره وصلاحه ويسعى في طلب الرتب العليا في الخير والسبق إلى ما يدعون إليه الله تعالى، ومن لم يطلب الكمال بقي في النقص، ومن لم تكن له غاية سامية قصر في السعي وتوانى في العمل. وقد أخبر الله سبحانه في كتابه الكريم عن فئة مؤمنة مباركة علت نفوس أصحابها وقويت عزائمهم ذكرهم الله مشيداً بهم ومثنياً عليهم بقوله والسابقون السابقون أولئك المقربون . وأضاف فضيلته أن من سابق في هذه الدنيا وسبق إلى فعل الخير كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة، والسابقون في الآخرة إلى الرضوان والجنات هم السابقون في الدنيا إلى الخيرات والطاعات على قدر السبق. وأشار فضيلته إلى أن السابقين هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وصبروا على ما أصابهم وثبتوا على الدين وكانوا دعاة للحق والخير، كما أنهم أصحاب مرتبة الإحسان التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وبيَّن الشيخ الغزاوي أن السابقين هم الذين وحدوا الله ولم يقع في عملهم شرك ثم أدوا الفرائض والواجبات وزاد نشاطهم فأدوا النوافل والمستحبات زيادة على الواجبات، لافتاً إلى أن السابقين من هذه الأمة في الصدر الأول أكثر من متأخريها، والوصول إلى منازل المقربين والسبيل إلى اللحاق يكون لمن وفقه الله تعالى للعمل بعملهم والسير على نهجهم في الاعتقادات والأقوال والأعمال والاتصاف بصفاتهم الحميدة. وأوضح فضيلته أن الله عز وجل صرح في كتابه الكريم أن الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بإحسان أنهم داخلون معهم في رضوان الله تعالى والوعد بالخلود في الجنات والفوز العظيم، فما أعظم أن يعمل المرء بعمل من وصفهم الله تعالى بقوله أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون يسارعون في الخيرات أي في الطاعات والعبادات كي ينالوا بذلك أعلى الدرجات والغرفات، داعياً إلى المسابقة إلى ما ينفع الإنسان والمنافسة في طلب العلا. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام: إن من البشائر التي يبشر بها العاملون ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: في كل قرن من أمتي سابقون مما يدل على أن السابقين من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بحمد الله في كل قرن جماعة منهم فلا يخلوا منهم قرن وفي كل قرن يعيد الله اليقين إلى نفوس الأمة بأن يجعل فيها سبّاقون في الخير وقد أحرزوا قصب السبق لا يبالون بالمحن يتأسى الناس بهم، وعلى هذا سيبقى في كل قرن صديقون وشهداء وصالحون بإذن الله تعالى، وفي هذا حث للمرء وهو في سيره إلى مولاه أن يشحذ همته ويرتقي بعزمه ويرفع من قدره ويطلب العوالي وينشد المعالي ويسعى لها سعيها. وأضاف فضيلته: أن أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة فتشغلهم عن معانيها، ويستثمرون أوقاتهم فيما ينفعهم ويظنون بها أن تضييع سدى دون فائدة، وأصحاب الهمة العالية يجيدون بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتهم وتحقيق بغيتهم لأنهم يعلمون أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات لا تنال إلا بحظ من المشقة ولا يعبر إليها إلا على جسر من تعب. وأفاد فضيلته أن المؤمنين طلاب المراتب العلا يطمحون إلى أعلى ما في الجنة وهو الفردوس الأعلى وهذا هو الذي أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلبه منا، فقال: إذا سألتم الله تعالى فأسلوه الفردوس الذي هو أعلى الجنة وسقفه عرش الرحمن. وفي المدينة المنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان في خطبة الجمعة اليوم عن الامتحان والابتلاء، موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال: إن الامتحان والابتلاء سُنة من سنن الله سبحانه في هذا الكون ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ? وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور) ومقتضى من مقتضيات فتنته عز وجل في الصراع بين الحق والباطل للتمييز بين الصالحين والكاذبين (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ? فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) وهو تمحيص واختبار لقياس مدى قوة ورسوخ الإيمان واليقين وتصفية للمندسين في صفوف المؤمنين, ومنهج تربوي ينقذ الله من كتب له الهداية فيستيقظ من غفلته ويقبل على ربه ويعود إلى دينه. وأوضح أنه في خضم الامتحانات والابتلاءات قد يعظم الخطب ويشتد الكرب ويتأخر الفرج حتى تخيم ظنون اليأس والقنوط، وهنا يتحتم اللجوء إلى الله وحُسن الظن به، فعنده من كل ضيق مخرج ومن كل هم فرج وهو عند حسن ظن عبادة المؤمنين فلا يخيب من أحسن الظن به. وبيَّن إمام وخطيب المسجد النبوي أن بث الطمأنينة والبشرى وبث الأمل في القلوب ساعة القلق منهج قرآني وهدي نبوي لقوله تعالى ( قَالَ لَا تَخَافَا إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى). وقال البعيجان: في غزوة بدر كان عدد المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر وعدد المشركين ثلاثة أضعاف وكان القلق يتوجس جيشاً غير مستعد للحرب ولا كامل العدد والعدة وهو يترقب قوى شرسة مضاعفة قد أخذت كامل عدتها وعددها، وفي هذه الظروف وهذا الجو تتنزل الآيات القرآنية لتبث الطمأنينة وتحي الأمل في نفوس المسلمين وتحفزهم وترفع معنوياتهم إلى المواجهة. وأشار الشيخ البعيجان إلى أن تربية الرسول عليه الصلاة والسلام كانت وفق هذا المنهج القرآني فكان إذا حدث هَمّ أو غمّ أو توجس الخوف والقلق في نفوسهم أخذ يذكي روح الأمل ويبث الطمأنينة والثقة بالله في نفوسهم.
مشاركة :