قالت شبكة «بلومبرج» الأميركية: إن قيام تركيا وروسيا وإيران بالتوسط لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا دون مشاركة الولايات المتحدة هي إشارة تبعث على القلق إزاء انحسار النفوذ الإقليمي للقوة العظمى الوحيدة في العالم. وأضافت الشبكة، في تقرير لها، أن من الواضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما افتقر إلى النفوذ والمكانة التي تجعله جزءا من الحل في تلك الأزمة، وذلك بعد أن قرر عدم التدخل لوقف ما وصفتها بـ «أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية». وأوضح التقرير أن الاتفاق بين هذه الدول قد يؤدي إلى القضاء على القوات الأميركية بالوكالة في الحرب الأهلية السورية، مضيفة أنه حتى لو كان وقف إطلاق النار قصير الأجل كالاتفاقات السابقة، فإن خطوطه العريضة قد تقدم نموذجا لاتفاقات مستقبلية. وأشار التقرير إلى أنه بموجب الاتفاق الأخير، فإن الدول الثلاث ستستولي على مناطق نفوذ في دولة مقسمة، مشيراً إلى أن الديكتاتور السوري بشار الأسد سيسيطر على الأجزاء الأكثر اكتظاظا بالسكان في البلاد لعدة سنوات، بعدها سيحل محله شخص آخر من أقليته الدينية العلوية. ولفتت إلى أن روسيا ستنهي التدخل العسكري المباشر، والعرب السنة الذين يشكلون الغالبية العظمى من الثوار، سيحصلون على مزيد من الحكم الذاتي، أما الأكراد السوريون، الذين كانوا الأكثر فعالية من القوات التي تقودها الولايات المتحدة، فلن يكون لهم أي شيء. وأوضح التقرير أنه من الناحية الاستراتيجية، ستحصل الأطراف المتفاوضة على مكاسب أكبر، مشيراً إلى أن روسيا سيكون لديها المزيد من النفوذ في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى منذ الحقبة السوفيتية. أما إيران فسيكون لها إمكانية الوصول برا إلى بيروت، فضلا عن زيادة نفوذها في العراق والسماح لها بنقل الأسلحة والإمدادات الأخرى إلى جماعة حزب الله الإرهابية. وأضافت أن الأتراك سوف يستقرون على حدودهم الجنوبية، مع ضمان أن الأكراد السوريين، الذين يربطون بينهم وبين الحركة الإرهابية الكردية في تركيا، لن يحصلوا على موطئ قدم في دولة مستقلة. وسوف يبقى الأسد في السلطة لبضع سنوات، إن لم يكن أكثر. بخلاف الأكراد السوريين، فإن أكثر الجهات تضررا من هذه الصفقة، بحسب التقرير، هم العراقيون السنة الذين سوف يتعين عليهم التعامل مع زيادة النفوذ الإيراني في دولتهم الهشة، وإسرائيل التي ستواجه قوة متزايدة من قبل جماعة حزب الله، وبعض الدول العربية التي تخشى من تأثير تراجع نفوذها في المنطقة، خاصة منذ توصل الولايات المتحدة للاتفاق النووي مع إيران. أيضا هناك الولايات المتحدة بسبب الفشل في إقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا قبل تدخل روسيا، وتخلي إدارة أوباما عن أي دور بناء. ورأى التقرير أنه سيكون على إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب العمل على وضع خطة واقعية لدفع الروس والسوريين للتعاون في محاربة تنظيم الدولة وغيره من الجماعات الإرهابية وخلق منطقة آمنة في شمال شرق سوريا بعد انسحاب روسيا وإثناء تركيا عن القيام بعمليات عسكرية ضد الأكراد.;
مشاركة :