نشرت إحدى الصحف، على لسان ما أسمته بمصادر مطلعة في وزارة العمل، بأن المعيار الرئيس في برنامج حساب المواطن، هو مقدار الدخل الشهري للأسرة، بما فيه راتب الزوجة والأبناء. وإن كنا هنا نجد أن المقص الإداري المقتر قد بدأ يقصقص حساب المواطن، الذي هو بمثابة المظلة التي صممتها رؤية 2030 لتحمي الأسر ذوات الدخل المحدود والمتوسط، من تأثير رفع الدعم عن بعض السلع. فإن إدراج راتب الزوجة والأبناء داخل الأسرة سيقلص الشريحة المستفيدة بصورة واسعة، ويبدو الأمر مطابقاً للحال في أنظمة التقاعد! حيث لا تصرف التأمينات راتبي تقاعد للأسرة الواحدة، وتكتفي بأحدهما، رغم أن الموظف أو الموظفة أمضيا حياتهما الوظيفية ومبلغ التأمين الاجتماعي يقتطع من راتبيهما، لكن عند حاجته يجد الموظف أو الموظفة، أنه لم يبقَ للأسرة إلا الفتات الذي بالكاد يوصلها إلى حد الستر والكفاف. على كل حال المفارقة ليست هنا؛ ولكن بالأنظمة الإدارية التي عند الضراء، تم الاعتراف بالمواطنة فوق الأوراق الرسمية، مواطنة ذات دخل اقتصادي يمنحها الملاءة الاقتصادية، التي يعتد بها في حساب المواطن، لدرجة يحجب عن أسرتها امتيازاته. لكن هذا الحضور في الوقت نفسه لم يمنحها عند السراء حضوراً على مستوى المواطنة، والاستقلال الإداري، وذات المواطنة الاعتبارية! فهي لا تكاد تنظم خيطاً في إبرة، دون صك يمهره بتوقيعه وليها؟! أين مجلس شؤون الأسرة عن هذا؟ فإذا كان النص الشرعي يجعل النفقة شرطاً للقوامة (الرجال قوامون على النساء، بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم) لكن هنا وقد انتفت النفقة، واستقلت اقتصادياً، وأنفقن من أموالهن، دون استرداد مواطنتهن متكاملة. حتما الازدواجية في المقاييس الإدارية التي تكابدها النساء، ناتجة عن غيابهن شبه الكامل عن مواطن صناعة القرار، فلا يصيبهن سوى الفتات. مجلس شؤون الأسرة أقره مجلس الوزراء، وأوكل له عدداً من المهام منها (تعزيز مكانة الأسرة، والنهوض بها، والمحافظ على أسرة قوية متماسكة). فأين حضوره ودوره يا وزارة العمل؟ وأين مساهمته في صياغة القوانين التي تطال الأسرة عموماً والمواطنة على وجه الخصوص؟ لكن إذا عرفنا أنه نفسه يحتشد بالذكور ذوي المقص، فقد يبطل بعض العجب.
مشاركة :